يستقبل المسلمون شهر رمضان المعظم، حيث يحظى الشهر الكريم بمنزلة كبرى لدى عامة المسلمين ففيه ليلة القدر وهي خير من ألف شهر وفيه تتنزل الرحمات والبركات من رب العالمين على عباده، وفيه فريضة الصيام وهو أحد أركان الإسلام الخمس، كذلك هناك زكاة رمضان أو زكاة الفطر من رمضان، حيث يتساءل المسلمون حول ماهية زكاة رمضان وشروطها وأحكامها.
دار الإفتاء المصرية شرحت في فتوى لها عبر موقعها الرسمي زكاة رمضان، وهي زكاة الفطر من رمضان وكلا الاسمين صحيح، وهي الزكاة التي يجب إخراجها على المسلم قبل صلاة عيد الفطر بمقدار محدد، صاع من غالب قوت البلد على كل نفس من المسلمين؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين.
شروط زكاة رمضان
أوضحت الدار أن زكاة رمضان يخرجها العائل عمن تلزمه نفقته، وشرط وجوبها: هو اليسار، أما الفقير المعسر الذي لم يفضل عن قوته وقوت من في نفقته ليلة العيد ويومه شيء، فلا تجب عليه زكاة الفطر؛ لأنه غير قادر.
وقد شرعها الله تعالى طهرة للصائم من اللغو والرفث، وإغناء للمساكين عن السؤال في يوم العيد الذي يفرح المسلمون بقدومه؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أغنوهم عن طواف هذا اليوم» أخرجه الدارقطني والبيهقي.
وقت وجوب زكاة رمضان
وتجب زكاة رمضان أو زكاة الفطر من رمضان بدخول فجر يوم العيد عند الحنفية، بينما يرى الشافعية والحنابلة أنها تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وأجاز المالكية والحنابلة إخراجها قبل وقتها بيوم أو يومين؛ فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يرى بذلك بأسا إذا جلس من يقبض زكاة الفطر، وقد ورد عن الحسن كما في «مصنف ابن أبى شيبة» أنه كان لا يرى بأسا أن يعجل الرجل صدقة الفطر قبل الفطر بيوم أو يومين.
أضافت الدار: لا مانع شرعا من تعجيل زكاة رمضان من أول دخول رمضان، كما هو الصحيح عند الشافعية؛ لأنها تجب بسببين: بصوم رمضان والفطر منه, فإذا وجد أحدهما جاز تقديمه على الآخر.
لمن تعطى زكاة رمضان
وتعطي زكاة رمضان أو زكاة الفطر من رمضان، للفقراء والمساكين، وكذلك باقي الأصناف الثمانية التي ذكرها الله تعالى في آية مصارف الزكاة، قال تعالى «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم»
ويجوز أن يعطي الإنسان زكاة فطره لشخص واحد، كما يجوز له أن يوزعها على أكثر من شخص، والتفاضل بينهما إنما يكون بتحقيق إغناء الفقير فأيهما كان أبلغ في تحقيق الإغناء كان هو الأفضل.
قدر زكاة رمضان
وتكون زكاة الفطر صاعا من غالب قوت البلد كالأرز أو القمح مثلا، والصاع الواجب في زكاة الفطر عن كل إنسان: صاع بصاع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من المكاييل، ويساوي بالوزن 2.04 كجم تقريبا من القمح، ومن زاد على هذا القدر الواجب جاز، ووقع هذا الزائد صدقة عنه يثاب عليها إن شاء الله تعالى.
كيفية إخراج زكاة رمضان
وحول كيفية إخراج زكاة رمضان أو زكاة الفطر من رمضان، أكدت الدر أن الزكاة تخرج طعاما وهو الأصل المنصوص عليه في السنة النبوية المطهرة، وعليه جمهور فقهاء المذاهب المتبعة، إلا أن إخراجها بالقيمة أمر جائز ومجزئ، وبه قال فقهاء الحنفية، وجماعة من التابعين، وطائفة من أهل العلم قديما وحديثا، وهو أيضا رواية مخرجة عن الإمام أحمد، بل إن الإمام الرملي الكبير من الشافعية قد أفتى في «فتاويه» بجواز تقليد الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه في إخراج بدل زكاة الفطر دراهم لمن سأله عن ذلك، وهذا هو الذي عليه الفتوى الآن؛ لأن مقصود الزكاة الإغناء، وهو يحصل بالقيمة والتي هي أقرب إلى منفعة الفقير؛ لأنه يتمكن بها من شراء ما يحتاج إليه.
وأضاف: يجوز إعطاء زكاة رمضان أو زكاة الفطر من رمضان لهيئة خيرية تكون كوكيلة عن صاحب الزكاة في إخراجها إلى مستحقيها، ولا تجب زكاة الفطر عن الميت الذي مات قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان؛ لأن الميت ليس من أهل الوجوب.
ولا يجب إخراج زكاة رمضان عن الجنين إذا لم يولد قبل مغرب ليلة العيد كما ذهب إلى ذلك جماهير أهل العلم، لكن من أخرجها عنه فحسن؛ لأن بعض العلماء كالإمام أحمد استحب ذلك؛ لما روي من أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يعطي صدقة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه؛ ولأنها صدقة عمن لا تجب عليه، فكانت مستحبة كسائر صدقات التطوع.