كشف وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، محمد عيسى، أن السلطات أحصت 600 ألف عائلة فقيرة بحاجة إلى إعانة من أموال “صندوق الزكاة”.
وأعلن عن استفادة عشرات الآلاف من هذه الأسر الفقيرة، من مبلغ 10 آلاف دينار جزائري (حوالي 100 دولار) لكل واحدة منها العام الماضي.
وذكر عيسى، أمس الأحد في مؤتمر صحفي عقده بمقر الإذاعة الحكومية بالعاصمة، أن وزارة الشؤون الدينية “بصدد تحديث البطاقة الوطنية للفقراء (قائمة بأسماء الملايين من الأشخاص الذين لا يملكون دخلا)، بالاعتماد على هيئات صندوق الزكاة واللجنة الوزارية لصندوق الزكاة، وبالعودة إلى قوائم البلديات وقوائم وزارة التضامن للفقراء”.
وأفاد الوزير بأن إحصاء الفقراء بشكل دقيق “يعتمد بشكل أساسي على عمل البلديات، والمجتمع المدني والمساجد”، مشيرا إلى أن الزكاة “تقدَم للمحتاجين في المساجد، حسب درجة العوز، وعلى مرأى الجميع”.
وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن عشرات الآلاف ممن يعانون الفقر يرفضون “الطريقة الاستعراضية” في منح الزكاة التي تتعامل بها السلطات، فتوزيع الأموال علنا في المساجد بحضور عدد كبير من الأشخاص، يسبب حرجا لدى الكثيرين ويدفعهم إلى التفريط في حقهم من الزكاة. غير أن بعض أئمة المساجد يلتفَون على تعليمات وأوامر وزارتهم، لمواجهة مثل هذه الحالة، فيسعون بأنفسهم إلى الفقراء في بيوتهم لمنحهم أموال الزكاة.
وفي سياق متصل، أكد عيسى استعداد السلطات لمضاعفة قيمة الإعانة الممنوحة للعائلة الفقيرة 4 أضعاف (أي 400 دولار) إذا كان تحصيل الزكاة مرتفعا خلال العام 2015. يشار إلى أن هذه الإعانة تمنح في إطار “صندوق الزكاة”.
كما سُئل الوزير عن مشروع “مؤسسة الزكاة” لتعويض “الصندوق”، ودواعي ذلك، فأجاب: “لقد تم اختيار صيغة المؤسسة لتكون تحت الإشراف المباشر للدولة، لأن الصندوق ليس أداة تتحكم فيها الدولة، وإنما هو آلية موضوعة تحت إشراف الجمعيات الأهلية”. وأوضح أن المشروع الجديد ستصادق عليه الحكومة قريبا، ثم يبدأ العمل به.
تعثر الشباب عن سداد قروضهم
وبخصوص “القرض الحسن” الذي يُمنح من أموال الزكاة للشباب الراغب في إطلاق مشاريع اقتصادية، كشف عيسى أن الوزارة وزعت 8000 قرض، تم بفضلها إنشاء 6500 مشروع، بعضها نجح فيما فشل البعض الآخر، من دون أن يقدم الوزير إحصائيات دقيقة عن هذا الجانب.
وتحدث عيسى عن “عجز الكثير من المستفيدين من القروض، عن تسديد الأقساط”. كما ألمح الوزير إلى احتمال إلغاء “القرض الحسن” العام المقبل، إذا استمر هذا العجز.
وتواجه الحكومة صعوبات كبيرة في استرداد القروض التي أعطتها لعشرات الآلاف من الشباب في الـ10 سنوات الماضية، في إطار ما يعرف بـ”الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب”، التي ذكر مديرها أن قيمة القروض غير المسددة فاق 1 مليار دولار.
وتنتقد أحزاب المعارضة طريقة الحكومة في تمويل المشاريع لفائدة الشباب، إذ تتهمها بـ”توزيع ريوع النفط على قطاع من الجزائريين، طمعا في شراء سلم اجتماعي”، بمعنى أن الدولة تغدق على الشباب بالمال، حتى لو تعلَق الأمر بمشاريع غير مجدية، بهدف تفادي ثورة محتملة على الأوضاع.
ويرى قطاع واسع من الجزائريين أن الفساد المستشري في كثير من قطاعات النشاط الاقتصادي تسبب في تزايد معدلات الفقر، إذ من غير المعقول، حسبهم، أن يوجد في بلد نفطي 600 ألف عائلة فقيرة، نصفها تعيش تحت خط الفقر. وتعتمد الجزائر بنسبة 98% على مداخيل المحروقات وتستورد كل حاجياتها من الخارج، لذلك عندما تهاوى سعر النفط وجدت حكومتها صعوبة كبيرة في الوفاء بضروريات المعيشة لمواطنيها.
وتأتي تصريحات الوزير عيسى، في سياق جدل حاد أثاره قرار وزارة الداخلية (صدر الجمعة الماضية)، منع جمع التبرعات في المساجد لبنائها.
وعبَرت نقابة الأئمة عن استيائها من القرار، بحجة أن 90% من المساجد التي بنيت في الـ30 سنة الماضية كانت بفضل أموال المصليَن، وأن الدولة تخلت عن مسؤوليتها في التكفل بهذا الجانب من حياة الجزائريين الروحية.