تتعدد قصص الطلاق في أروقة المحاكم، ويتناقلها البعض في المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً القصص الغريبة، كما أن بعض المطلقين أنفسهم يروون قصص طلاقهم. ومن بين تلك القصص طلاق هاتفي أرسله الزوج برسالة نصية بعد غيابه الغامض والمفاجئ عن بيت الزوجية. كما أن زوجاً أجنبياً لجأ إلى القضاء ليحميه من «حماته» العربية. وفي قصة أخرى، وعلى الرغم من السعادة الزوجية، إلا أن وصف الزوج لزوجته بالغباء جعلها تهرب منه مع أطفالها، وتقاضيه في الولايات المتحدة. كما أن سلوكاً فوضوياً للزوجة، حسب وصف زوجها، تسبب في الطلاق.
دور الموفق الأسري
دعت المحامية، ديانا حمادة، إلى ضرورة تفعيل دور «الموفق الأسري» في النظام القضائي بالإمارات، قبل التوجه إلى القضاء في حالات معينة. رغم أنها لم تصادف، حسب قولها، حالات تراجع فيها الأزواج عن قرار الطلاق بعد تدخل الموفق لإصلاح الأمور وإنقاذ الأسرة.
وتضيف أن «سهولة وقوع طلب الطلاق الذي قدمه الزوج، قد تؤدي إلى وقوع ضرر على الزوجة أكثر بكثير منه على الزوج». وأوضحت أن المرأة تكرس كثيراً من جهدها للحفاظ على كيان الأسرة، حتى خلال فترة خلافاتها مع الزوج، لحماية العائلة والأبناء، وعدم لجوئها للطلاق إلا في حالات فقدان الأمل في إنقاذ العلاقة. وتردف أن «الزوج غالباً يتعاطى بسهولة مع فكرة الطلاق».
بالأرقام
ذكر رئيس قسم الإصلاح الأسري في محاكم دبي، الدكتور عبدالعزيز الحمادي، في تصريحات صحافية، أن إجمالي حالات الانفصال التي نظر فيها قسم الإصلاح الأسري، وتمسك فيها الطرفان بالطلاق، قدرت بـ1686 حالة، العام الماضي، مقابل 1257 في عام 2013، مقدراً الزيادة بـ34 %.
وحسب إحصاءات القسم، فإن 493 قضية، أي 30% من مجموع الحالات، طرفاها مواطنان، مقارنة بـ357 قضية عام 2013، في حين وصلت حالات طلاق مواطن لمقيمة إلى 192، ما يعادل 11%، بعدما كانت 152 سنة 2013.
وقُدرت قضايا طلاق مقيم من مواطنة بنحو 65 حالة، بنسبة 4% (29 حالة في 2013)، بينما بلغت نسبة حالات المقيمين 55%، أي 936 حالة في 2014، مقابل 719 حالة عام 2013.
فوات الأوان
في الوقت الذي يرى البعض أن إحداث محكمة الأسرة للبتّ في الخلافات الأسرية، يعد من المكاسب التي تحققت في مجال الحفاظ على التوازن الأسري وتفادي مظاهر التفكك والقطيعة، يرى آخرون أنه «يأتي متأخراً جداً» بعد اللجوء للمحاكم التي تحسم فيها القرارات، ويزيد فيها تعنت الأفراد، ما يحول دون تبني الحلول التوفيقية، لهذا يجب توفير التأهيل الأسري والنفسي المناسبين للزوجين قبل بناء القضية أمام المحاكم، بحيث يكون تداول الخلافات إصلاحياً توافقياً.
كما تضم ملفات المحاكم قصة طلاق غريبة بسبب «اضطراب سلوكي» لدى الزوج، الذي كان قدم هدية تجاوزت قيمتها نصف مليون درهم إلى زوجته في ليلة الزفاف.
كما سجلت حالات طلاق بسبب الخيانة أو الاعتداءين اللفظي والجسدي على الزوجة، أو بسبب تعنيف أم الزوج لزوجة الابن، بالإضافة إلى حالات بسبب سلطة الأهل وتدخلهم في حياة الزوجة.
طلاق هاتفي
من بين أغرب حالات الطلاق التي حصلت في الإمارات، ما روته المطلقة (ن.م) التي ذكرت أنها طُلقت نتيجة خيانة زوجها. لكنها روت في الوقت نفسه قصة مطلقة أخرى كانت متزوجة من رجل من جنسية خليجية، وفوجئت بعد أسبوع واحد من الزواج باختفاء الزوج في ظروف غامضة، ما جعلها تشعر بالقلق والحيرة وتقوم بإبلاغ السلطات المسؤولة التي واصلت رحلة البحث عن الزوج المفقود لأشهر طويلة، قبل أن تفاجأ الزوجة بعد ستة أشهر من الواقعة برسالة نصية قصيرة عبر هاتفها المتحرك يبلغها فيها الزوج بطلاقها منه، وفي ما بعد وصلت إليها ورقة الطلاق الرسمية عبر البريد، من دون أن يكلف الزوج نفسه عناء تبرير فعلته ولا أسباب هروبه الغامض والمفاجئ من البيت.
سلطة «الحماة»
بحكم عملها في الإمارات، تتعامل المحامية ديانا حمادة مع مختلف الموضوعات التي يطرحها موكلوها من جنسيات مختلفة، وترى أن «دواعي الطلاق ترتبط أحياناً كثيرة بتباين الثقافات والعادات»، مشيرة إلى أن ما تجيزه سلوكيات مجتمع قد تتنافى مع أخلاقيات مجتمعات أخرى، وهذا ما يمكن ملاحظته في بعض الزيجات المختلطة التي تحصل في الإمارات.
وتذكر المحامية حمادة قصة موكل من جنسية أجنبية يقيم في دبي ولجوئه إلى القانون لحمايته من «حماته» العربية.
وتقول عن حيثيات هذه القضية «من الطبيعي أن تلجأ الزوجة إلى القانون لحمايتها من العنف إذا مارسه الزوج عليها، ولكن ما يبعث على الغرابة هو انقلاب هذه المعادلات السلوكية المتعارف عليها أحياناً في بعض الخلافات الزوجية، ففي هذه القضية يشكو الزوج من أم زوجته (حماته) التي تعنفه بشكل دائم، وتعامله بوقاحة وعدم احترامه أمام ابنتها التي تشاطرها الرأي، بحجة تقصير الزوج، وحق أمها في الدفاع عنها». وتشير المحامية حمادة إلى أن هذا الوضع دفع الزوج إلى اللجوء إلى القانون الإماراتي ورفع قضية طلاق لرفع الضرر».
وتضيف «أعتقد أن هذا النوع من السلوكيات يتعلق ببعض الأشكال الثقافية التي أنتجت هذه السلوكيات وشرعتها بشكل يجعل الزوجة تؤيد سلوك الأم، كما أن هذا الأمر يستحق أن ينظر فيه القانون بشكل أكثر جدية لما له من تبعات بالغة التأثير على سيكولوجية الأفراد وسلامة المجتمع بصفة عامة».
سعادة ووصف مسيء
في سياق حديثها عن أغرب حالات الطلاق التي تصدت لها خلال تجربتها الطويلة في الإمارات، تستعرض المحامية، ديانا حمادة، حالة امرأة تقدمت بقضية إلى المحكمة ضد زوجها الذي لا ينفك ينعتها بالغباء.
وتضيف المحامية «الغريب فعلاً في هذه القضية هي السعادة التي تغمر حياة الزوجين، والتي لم تخفِها الزوجة أثناء تواصلها مع المكتب لتقديم طلب الطلاق، حيث تتحدث بصراحة وشفافية عن حب الزوج لها والتزامه الكبير إزاء عائلته وأبنائه في كل مناحي الحياة الأسرية، واهتمامه الكبير بالتفاصيل الصغيرة التي تسعدها، كباقات الورد والسفر، والعديد من المفاجآت الأخرى التي قد تجعل أي امرأة تشعر بالسعادة»، وتوضح المحامية أن الوصف المسيء الذي يطلقه الزوج على زوجته دفعها إلى أخذ أولادها خلسة، وسافرت إلى الولايات المتحدة للاستقرار بعيداً عن الزوج، واللجوء إلى المحاكم الفيدرالية الأميركية التي حسمت الأمر لمصلحتها ومكنتها من حضانة أطفالها، بعد إثبات الانتهاكات النفسية التي تعرضت لها الزوجة نتيجة سلوك الزوج.
زوجة فوضوية
تتعدد الأسباب وتتباين، لكن النتيجة تؤدي دوماً إلى أقرب محامٍ لوضع حد لحيرة طال مداها بين بعض الأزواج الذين يقررون، حسب بوصلة المزاج، الاتكاء على أسباب واهية وتفاصيل لا أهمية لها لهدم بيوت تعهدوا بحمايتها، ففي قضية طريفة ولا تخلو من غرابة، فوجئت الزوجة بدعوى طلاق قرر الزوج أن يرفعها ضدها من دون سابق إنذار.
وعند سؤال «الإمارات اليوم» عن سبب الطلاق، تفيد محاميتها، ديانا حمادة، بأن «الزوج قال إن زوجته فوضوية جداً، وترمي عباءتها فوق السرير وأشياءها في كل مكان في البيت، لكن الزوجة أفادت بأنها توظف خادمة في البيت ولا تحتاج إلى الاهتمام بهذه التفاصيل مادام البيت مرتباً ونظيفاً، وهذا السلوك يمنح أريحية يجدها الناس عند العودة إلى البيت». وتضيف المحامية أن «هذا السبب أدى إلى انفصال الزوجين، وقد يفكر البعض أن هذا الأمر بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، وأن الطلاق ناتج عن تراكمات خلافية سابقة جعلت الزوج يقرر التشبث بأسباب لا قيمة لها في النهاية لإنهاء الزواج، ولكن يبقى القانون في هذه الإطار عاجزاً عن منعها، وتبقى مثل هذه التفاصيل رغم صغرها كفيلة بتهديد الكيان الأسري».
سلوك ملتبس
بنبرة واقعية لا تخلو من الاستهجان وبحيادية كبيرة، يروي المستشار القانوني الإماراتي، محمد العويس، تجربته مع ثلاث قضايا غريبة ترافع فيها أمام المحاكم الإماراتية.
ويقول «الغريب أنني استقبلت خلال هذه الفترة القريبة ثلاث قضايا مرتبطة بسلوك الزوج (الملتبس)، فمنذ فترة ترافعت في قضية طلاق امرأة تزوجت من رجل أعمال، ما جعلها تسعد بإقامة احتفالات الزواج في أرقى الأماكن، إضافة إلى الهدية التي تجاوزت قيمتها مبلغ 500 ألف درهم، قدمها الزوج ليلة الزفاف لزوجته لإسعادها وللتعبير عن حبه لها، إلا أنه بعد مرور ثلاثة أشهر فوجئت الزوجة بسلوك (غريب) لزوجها وعدم رغبته في تلبية متطلبات الحياة الزوجية، إضافة إلى ممارسته بعض العادات الغريبة».
ويضيف المستشار القانوني أن «الزوجة اكتشفت أن زوجها ينافسها على مقاييس الجمال، وأيقنت أنه يعاني من اضطراب سلوكي واضح، فقررت التخلص من العلاقة الملتبسة التي تم الحسم فيها أخيراً لمصلحة الزوجة المتضررة».
خيانة
يروي المستشار القانوني العويس أغرب الحالات التي امتنعت فيها الزوجة عن طلب الطلاق، رغم الضرر الواقع عليها، بسبب غياب الأقارب وانعدام المأوى الذي يحميها، إذ إن الزوج يقوم بخيانتها في المنزل وعلى مرأى منها.
ويتابع العويس «يظل سلوك الزوج في هذه القضية مشيناً، كما أنه يقوم بتعنيف الزوجة لفظياً وجسدياً بعد تقدمها في السن، في الوقت الذي يتفرغ للقيام بهذه الأعمال المنافية للأخلاق».
زواج برفقة الأهل
تتحدث المستشارة الأسرية رئيسة قسم التلاحم الأسري في هيئة تنمية المجتمع، ناعمة خلفان الشامسي، عن إقدام بعض الرجال والنساء على الطلاق لأسباب وحجج ضعيفة في ظل غياب وعي في أوساط الشباب عامة بمتطلبات الحياة الزوجية، إلى جانب انتشار ثقافة استسهال الحياة الزوجية. وتشير إلى استراتيجية هيئة تنمية المجتمع لتقليل معدلات الطلاق، ومحاولة تأهيل الأزواج لتجاوز تحديات الحياة الزوجية والتأقلم مع مصاعبها من خلال خدمة الاستشارات والتدريب التي توفرها الهيئة.
وعن أغرب الحالات التي وردت إليها، تقول الشامسي «عالجت حالة غريبة لزوجة تعاني فقدان الخصوصية وتدخل عائلة الزوج، وتحديداً شقيقته، المفرط في حياتها، والقيام باستفزازها من خلال تحريض الزوج لاختلاق مشكلات بينهما»، وتضيف «كان الزوج ضعيف الشخصية أمام أهله، ما تسبب في استياء الزوجة التي كانت مجبرة على قضاء شهر العسل مع عائلة الزوج، وحين رفضت لاحقاً مرافقتهم، قرر الزوج السفر مع عائلته وترك زوجته وحيدة، ما تسبب في تفاقم الخلافات وامتناع الزوج عن زيارة بيت أهل الزوجة والاطمئنان على زوجته».