روى رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، سعدالدين ابراهيم كواليس الأيام الحرجة التي عاشتها دائرة صنع القرار في الولايات المتحدة الأميركية، أثناء ثورة 25 يناير، قائلاً إن الإدارة الأميركية كانت مهتمة في الساعات الأولى للثورة، بمعرفة من هؤلاء الذين في الميدان، وما مطالبهم، وهل هم من جماعة الإخوان ام لا، وما حجم الآخرين في الاحتجاجات، وكان الحصول على هذه المعلومات الأرضية التي ستتحدد عليها مواقفها.
وقال إبراهيم، الذي استضاف «رواق بن خلدون» في احتفالية نظمت بالعزبة التي تحمل اسمه في «وادي النطرون» الجمعة الماضية، انه كان مقيماً في الولايات المتحدة خلال تلك الفترة، في نيويورك تحديداً، حيث يعمل مدرساً في الجامعة، وفوجئ بعد أن اندلعت أحداث الثورة المصرية، باتصال من البيت الأبيض، يطلب منه الحضور إلى «واشنطن» اذا أمكن، لمناقشة الإدارة الأميركية حول تطورات الأحداث وأفقها. وتابع ابراهيم، الذي يحمل الجنسية الأميركية، والذي تبنى مواقف معارضة لمبارك، أدت إلى اعتقاله في مصر، انه «ذهب إلى البيت الأبيض ففوجئ هناك بدعوته إلى المكتب البيضاوي، حيث وجد ممثلين عن مختلف فروع الادارة الأميركية، بما فيهم قادة لأفرع اجهزة المخابرات والمعلومات، وقد انتابهم القلق والتساؤل بشأن التظاهرات التي اتسع نطاقها». واستطرد ابراهيم انه «اثناء الاجتماع، دخل علينا الرئيس الأميركي باراك أوباما وصافحني، وسألني ما الذي يحدث في مصر، فأجبته «لقد اخبرتكم يا فخامة الرئيس في وقت سابق، ان نظام الرئيس مبارك لن يحتمل الاستمرار، إذا خرج 100 ألف متظاهر مصري ضده في الشوارع لمدة أربعة أيام، وها هي الملايين قد خرجت في ميدان التحرير، وميادين الاسكندرية والسويس وكل مصر، وعليها فإني اعتقد أنه لم يعد هناك خيار لمبارك سوى التنحي». واستطرد ابراهيم
«لحظتها نظر إلى أوباما وقال لي، نعم ولكن من هم هؤلاء الذين يتظاهرون في التحرير، وما مطالبهم بدقة حسب معرفتك، فأجبته لن أجيب عنك انا يا سيادة الرئيس، وإنما سأجعل متظاهرة ومعتصمة في التحرير تجيب عنك بنفسها، وهي وسط هؤلاء الجموع». وقال ابراهيم «في تلك اللحظة، طلبت زوجتي باربارا إبراهيم، المتظاهرة بالميدان من هاتفي، فقالت لأوباما مساء الخير سيدي الرئيس، فقال لها اوباما من انت فقالت له انا مواطنة أميركية موجودة بالتحرير، فسألها من هم هؤلاء المتظاهرون في الميدان؟ فردت هؤلاء هم شبيهون من أولئك الذين انتخبوك في الولايات المتحدة، حين طرحت شعار التغيير وقلت نعم نستطيع، هؤلاء هم الشباب المصري الذين استجابوا لخطابك في جامعة القاهرة، وعدد ضخم من هؤلاء المتظاهرين فتيات وخريجو وطلاب جامعات، ممن آمنوا بضرورة الاصلاح، فقال لها أوباما وماذا تعتقدين ان أفعل كرئيس اميركي، فقالت له الكثير يا سيدي الرئيس، وأنا كمواطنة اميركية اتصور ان ابسط الأشياء ان تتوقف عن دعم نظام مبارك من أموالي، كدافعة ضرائب».
وأضاف سعدالدين ابراهيم «أن الرئيس أوباما بعد أن أنهى المكالمة مع زوجتي، توجه بالحديث الي، وقال أتصور أنه من الأفضل أن تبقى معنا هنا في واشنطن حتى نرى وجهة الأحداث، فقلت له لكني أعمل في الجامعة ولن تتحمل انقطاعي عن العمل، فمازحني قائلاً ستبقى معنا في واشنطن، وسأخبرهم أنني اختطفتك واحتجزك هنا رهينة في البيت الأبيض، وعليهم أن يتصرفوا». وتابع «بقيت في واشنطن أواصل النقاشات اليومية مع نخبة السياسة الأميركية، حتى تنحي مبارك». وكشف ابراهيم أن «علاقته بعائلة مبارك كانت طيبة جداً، وأنهم إلى حد كبير لم يتفهموا انتقاداتي ودفاعي عن الديمقراطية، بوصفها رؤى سياسية واختلافاً في الرأي، بل اعتبروها بشكل ما خيانة للعلاقة الطيبة بيننا».