يسعى معارضون أتراك إلى إعادة فتح ملفات الفساد التي طفمت على السطح يوم 17 كانون الأول/ديسمبر 2013 وطالت مسؤولين بارزين في حكومة حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية من بينهم وزراء سابقين بالإضافة إلى نجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
كما صدرت عن زعماء أحزاب معارضة تهديدات لشخص الرئيس التركي؛ كان أبرزها تأكيد رئيس حزب الحركة القومية اليميني، دولت بهجلي، عقب الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 7 حزيران/يونيو الجاري، على ضرورة محاسبة أردوغان وحزب العدالة والتنمية “لما ارتكبوه من انتهاكات دستورية وقانونية خلال 13 عاماً من الحكم المنفرد”.
ويتهم معارضون، حزب العدالة والتنمية، بتجاوزات على رأسها؛ حملات من الاعتقالات والنقل والفصل، طالت الآلاف من الموظفين ورجال الشرطة والقضاة وضباط وعناصر الجيش “للتغطية على فضائح الفساد، ومنع ملاحقة المتهمين فيها” بالإضافة إلى “تضييق الحكومة على وسائل الإعلام، وتهديد الحريات العامة، والمساس بمبدأ فصل السُّلطات، ودعم الجهاديين في سوريا المجاورة”.
و تسببت الانتكاسة التي مني بها حزب العدالة والتنمية في انتخابات المجلس الوطني الكبير (البرلمان) بمطالبة كل من حزب الشعب الجمهوري، أكبر الأحزاب المعارضة، وحزب ديمقراطية الشعوب الكردي، بإعادة فتح ملفات الفساد، ومحاسبة المتسترين عليها.
ويرى مراقبون أن الانتخابات الأخيرة، أنهت جهود أردوغان في ترك ملفات الفساد طي الكتمان، ومن المتوقع إعادة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في البرلمان الجديد الذي يعقد أولى جلساته يوم 23 أو 24 حزيران/يونيو الجاري.
وكان أردوغان مارس ضغوطاً على البرلمان السابق -الذي كان يضم غالبية من حزب العدالة والتنمية- لرفض محاكمة كل من وزير الاقتصاد السابق ظافر كاجليان، ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي السابق إغمين باغش، ووزير الداخلية السابق معمر غولر، ووزير البيئة السابق أردوغان بيرقدار، يوم 19 كانون الثاني/يناير الماضي.
ووصلت ملفات الشرطة الخاصة بالوزراء الأربعة، إلى البرلمان، أواخر شباط/فبراير 2014، إلا أن البرلمان فضّ انعقاده من أجل فترة الحملات الانتخابية المحلية التي جرت يوم 30 آذار/مارس 2014، وتم التحفظ على الملفات منذ ذلك الحين، إلى أن رفعت المعارضة في آذار/مارس الماضي، طلباً بعقد جلسة طارئة للاستماع، وأجلت بدورها.
وأثارت الجلسات البرلمانية جدلاً قانونياً، بين قياديي حزب العدالة والتنمية، وقياديي أحزاب المعارضة؛ إذ طالب الحزب الحاكم -حينها- رئيس البرلمان السابق، جميل جيجيك، بعدم سرد فحوى المذكرات بل مناقشتها شفوياً فقط، دون الدخول في تفاصيلها لأنها قانونية وسرية، فيما طالبت المعارضة بكشف وقراءة فحواها لإتاحة الفرصة لمناقشتها، وإلا فلن يمكن الإدلاء بأي رأي حولها.
وسبق أن ألمح نائب رئيس الوزراء، والمتحدث الرسمي باسم الحكومة، بولنت أرينج، يوم 13 حزيران/يونيو الجاري، إلى إمكانية فتح التحقيق مع الوزراء السابقين، المتهمين بالفساد مجدداً، من الناحية القانونية.
وبدأت فضيحة الفساد، حين شنّ جهاز الشرطة التركية -الذي يتمتع بهامش من الاستقلالية عن الحكومة- حملة أمنية، على خلفية تحقيقات فساد موسعة ومتشعبة، وطالت 24 مسؤولاً، ومجموعة من رجال الأعمال، للتحقيق في أدلة لإثبات حالات رشى، و تبييض أموال، وتهريب ذهب.
ووفقاً لوكالات عالمية؛ فإن تركيا كانت تشتري الغاز الطبيعي والنفط من إيران بشكل غير رسمي، يحصل بموجبه المصدرون الإيرانيون على حسابات بالليرة في مصرف “خلق بنك” ليستخدموا تلك الأموال في شراء الذهب لغاية الحصول على العملة الصعبة.
في حين اتهمت الحكومة التركية، والوزراء المتضررون، جهاز الشرطة بأنه ينفذ أجندات خارجية مدعومة من بعض السفارات الغربية، ومن جمعية الداعية الإسلامي محمد فتح الله غولن الذي دعم سياسات أردوغان لسنوات، قبل أن يدب الخلاف بينهما.
ولا يُعدّ إعادة فتح تحقيقات مع مسؤولين سابقين بعد إغلاق ملفاتهم، الواقعة الأولى في تركيا؛ ففي عام 1998 انتشرت ادعاءات حول تورط، وزير الطاقة والموارد الطبيعية -آنذاك- جمهور أرسومار، في قضية فساد متعلقة بمجال الغاز الطبيعي، إلا أن ملف التحقيق أغلق من قبل لجنة التحقيق التي تم تشكيلها داخل البرلمان، ليعاد فتح القضية عام 2004، من قبل حزبي الشعب الجمهوري، والعدالة والتنمية، ليرسل الملف إلى المحكمة العليا.