العارف بالله السيد أحمد البدوى واحد من الأقطاب الذين تناولتهم أحاديث الناس وألسنتهم، وذهب البعض إلى القول بأن البدوى أتى مصر فى عصر المماليك لقلب نظام الحكم وهى فى مجملها اتهامات زائفةولعل حب الناس له وحكايات الصالحين والملوك معه شاهد دليل على صدق أحاديثه واجتهاده فى العبادة
وهو ما تناوله الأثرى الكبير محمد صلاح الدين، المدير الأسبق للمناطقى الأثرية بوسط الدلتا للمناطق الأثريةبوسط الدلتا، فى بحث قيم تناول فيه مجيئ البدوى إلى أرض المحروسة فى وقت كانت البلاد مهددة بالحملات الصليبية والتى كانت تهدف إلى الإستيلاء على بيت المقدس.
وكان رأى زعماء الحرب فى أوروربا أن طريق الشرق يبدأ من مصر وجاءت جميع الحملات الصليبية عن طريق دمياط المواجهة لسواحل غرب أوروبا والقريبة من مناطق إمداد سفنهم.
وأكد صلاح الدين أن كل أنظار العالم الإسلامى فى ذلك الوقت كانت تتجه إلى مصر رمز الصمود والجهاد والجميع كان يأتى ليساندها فى وقوفها أمام المستعمر الغربى فكان من واجب العارف بالله أحمد البدوى مؤازرة مصر والوقوف مع جيشها للتغلب على العدوان وليس قلب نظام الحكم.
وكانت الرسالة التى أتى بها البدوى بعث الروح فى الأمة، حيث كان فارسا مغوارا واشترك واتباعه وتلاميذه فى معركة ضد الصليبين وانتصر مع شعب مصر عليهم فى معارك المنصورة ودمياط لوقف الزحف الصليبيى على أرض المحروسة
ومن المعروف أن البدوى ولد فى فاس بالمغرب ونشأت أسرته بالحجاز وهاجرت فى أواخر القرن السادس إلى المغرب خوفًا من الفتن ومن التيار السياسى، ثم جاءت ثورة الموحدين بعد انتهاء الدولة الفاطمية سنة 558 هجرية فهاجرت الأسرة من المغرب، وعادت إلى مكة موطنها الأصلى عقب ولادة أحمد البدوى لتكون بعيدة عن الفتن فطبيعة تلك الأسرة هى حب الاستقرار والانقطاع للعبادة.
وتعرف البدوى على رجال الصوفية وأهل التصوف وعشق الزهد ولزم العبادة ولبس الخشن من الثياب، وأخذ يبتعد عن الناس ويختلى بنفسه هائما فى حب الله بعيدا عن زخارف الدنيا.
وعاش البدوى فى عهد الظاهر بيبيرس، الذى كان يمتلك جهاز كبير للتجسس فى جميع أنحاء البلاد العربية، لذا كان شديد الصرامة مع المتآمرين، ولما شك فى أمر السيد البدوى، أرسل له شيخ الإسلام ابن دقيق والشيخ عبد العزيز الدباغ.
ثم ذهب سرا وجلس فى مجلس السيد أحمد البدوى وعرف حقيقة أمره وقام بزيارته علنا مرة ثانية، ولو أنه عرف أنه من بطانة الفاطميين لقضى عليه، ولكنه اطمأن له وارتاح إليه، وهكذا كان سائر الملوك والأمراء الأيوبيين والسلاطين.
وأشار صلاح الدين فى بحثه إلى أن البدوى كان يعيش فى منزل ابن شحيط وتوفى فى 12 ربيع الأول سنة 665 هجرية ودفن بموضع الخلوة، وقد بنى له خليفته الأول عبد العال زاوية بجوار المقبرة وسميت الزاوية الأحمدية وظلت الزاوية تتسع إلى أن جاء السلطان المملوكى قايتباى وحولها إلى مسجد كبير.
وفى سنة 1182 هجرية قام على بك الكبير بعمل عمارة وتوسعة للجامع الأحمدى وبنى ثلاث قباب أكبرها البدوى والثانية لخليفته الأول عبد العال والثالثة لخليفته الثانى مجاهد.
ومن أعمال على بك الكبير تلك المقصورة النحاسية داخل داخل الضريح وتحوى كتابات أثرية لنسب سيدى أحمد البدوى والتى تعود به إلى آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم.
كما أنشأ على بك بالميدان الأحمدى سبيل الماء وصنع مقصورة من الخشب نقش تاريخ 1182 هجرية، وفى عهد عباس باشا الأول تم تجديد الجامع الأحمدى وصنع منبر خشبى يعتبر من روائع الفن الإسلامى وتمت زيادة الجامع وأصبح 58 عمودا من الرخام ونجد الباب القبلى للجامع كتابة أثرية تقرأ “أنشئ هذا المسجد فى عهد خديوى مصر عباس باشا الأول سنة 1267 هجرية”.
وفى عهد الخديوى إسماعيل أصبح للجامع الأحمدى أربع مآذن بقيت منها المئذنة الجهة الجنوبية الآن، وتم تحسين وتقويم مبانيه فى عهد خديوى مصر عباس حلمى الثانى، كما أنشئت المكتبة الأحمدية فوق الجامع سنة 1316 هجرية فى أوائل التسعينات، ثم أنشئت مئذنتين فى واجهة الجامع بالإضافة إلى تجميل المنطقة والساحة المحيطة به.