رأى محللون سياسيون فلسطينيون، في تصريحات أطلقها إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بشّر فيها سكان قطاع غزة بقرب انتهاء الحصار، مؤشراً واضحاً على قرب التوصل لاتفاق “تهدئة طويلة الأمد” مع إسرائيل، يتم بموجبه رفع الحصار، وإعادة إعمار ما خلفته الحرب الأخيرة.
وفي 4 يوليو/تموز الجاري، قال هنية، عقب صلاة التراويح في أحد مساجد القطاع: “أبشروا (..) رمضان الماضي كان الزرع، ورمضان الحالي سيكون الحصاد، الفرج قريب، والمرحلة المقبلة ستحمل الخير لأهل غزة الصامدين”.
وقبل ثلاثة أيام، زاد على ذلك، في تصريحات صحفية، بقوله إن “مرحلة الانفراجة لقطاع غزة اقتربت، وأنه بفضل التحركات والجهود الفلسطينية الكبيرة التي تُبذل على عدة صعد واتجاهات، سيزول الحصار”.
ورغم أن حركة حماس لا تزال تلتزم رسمياً، بالصمت تجاه الأنباء التي تتحدث عن قرب توصلها لتفاهمات بخصوص تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل، مقابل كسر الحصار عن قطاع غزة، إلا أن تيسير محيسن، المحلل السياسي والكاتب في عدد من الصحف، يرى أن الحركة “تمهد لاتفاق يجري التحضير له وراء الكواليس”.
ويضيف محيسن: “تصريحات هنية المتكررة حول الفرج القريب للقطاع، بالتزامن مع الحديث الإسرائيلي عن تسهيلات وتوصيات بضرورة رفع الحصار، تعطي دلالة واضحة على أن شيئاً يدور في الخفاء”.
ويرى “محيسن” أن إسرائيل أدركت بعد 3 حروب شنتها على قطاع غزة، في أقل من ست سنوات، إضافة إلى فرض حصار خانق للعام الثامن على التوالي، أن “الحل العسكري لا يجدي نفعاً”.
واستدرك بالقول: “وحركة حماس أيضاً، في هذه المرحلة تبحث عن الهدوء، لأجل ترميم قوتها، ومساعدة سكان القطاع المحاصرين، والتخفيف من معاناتهم، التي وصلت لمستويات غير مسبوقة”.
ومؤخرا أوصى ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، وزير الدفاع موشيه يعالون، بتوسيع فتح المعابر بين قطاعغزة وإسرائيل، وتخفيف الحصار عن القطاع، بحسب صحيفة إسرائيلية.
وذكرت صحيفة “هآرتس” في تقرير نشرته يوم 8 يوليو/تموز الجاري، أن “إحدى توصيات الضباط الكبار ليعالون هي السماح بإدخال البضائع عبر معبر كارني (المنطار) بين إسرائيل وقطاع غزة، الذي اُفتتح عام 1994 وأُغلق في 2011، وتوسيع استخدام معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم)، إضافة إلى إصدار التصاريح لفلسطينيين من غزة، للعمل في تجمعات إسرائيلية قريبة من الحدود معها”.
وكانت صحف إسرائيلية تحدثت مؤخراً عن وساطة قطرية بين حماس واسرائيل، بشأن تهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة، وأن حركة حماس تضع “اللمسات الأخيرة” على الاتفاق المدعوم عربياً ودولياً.
وبالإضافة إلى تصريحات هنية، المتكررة حول “الفرج القريب”، يرى مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة (حكومية)، أن هناك مؤشرات حصلت في الأيام الماضية، تكشف عن قرب التوصل لاتفاق تهدئة بين الطرفين.
ويقول أبو سعدة، إن “إسرائيل وحماس، في طريقهما إلى التوصل لاتفاق تهدئة، يخفف عن سكان قطاعغزة المحاصرين، ويمنحهم فرصة لالتقاط الأنفاس”، معرباً عن اعتقاده في أن الاتفاق “قد يرى النور قريباً في حال بدأت أطراف دولية في تذليل العقبات بين الجانبين”.
ويرى أبو سعدة أن “حديث إسرائيل الرسمي لأول مرة عن مفقودين في غزة، مؤشر قوي على أن هناك ما يدور في الخفاء بين الجانبين بطرق غير مباشرة عن صفقة متكاملة، تشمل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل أولئك المفقودين، ورفع الحصار، وإعادة الإعمار”.
وكلّف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضابط الاحتياط في الجيش، ليؤور لوتين، بإدارة ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين في قطاع غزة، بحسب ما ذكرته الإذاعة الإسرائيلية العامة، الخميس الماضي.
وقد يشير هذا النبأ إلى احتمال انطلاق مفاوضات مع حركة حماس، لاستعادة المفقودين، حيث جرت العادة في إسرائيل على تكليف شخصيات في مثل هذه الملفات، حال بدء المفاوضات من أجل استرجاعهم.
وأعلن الجيش الإسرائيلي رسمياً، الخميس الماضي، عن اختفاء أحد المواطنين الإسرائيليين في قطاع غزة، العام الماضي، مطالباً باستعادته بعد أن قال إنه “محتجز لدى حركة “حماس”.
وقال الجيش في تصريح مكتوب، “في يوم 7 سبتمبر/أيلول 2014 اجتاز المواطن الإسرائيلي أبراهام منغيستو، مواليد 1986 ومن سكان مدينة أشكلون (جنوب)، الجدار الحدودي إلى قطاع غزة قصداً، وقد اتضح من المعلومات المتوفرة بأن منغيستو محتجز لدى حماس في القطاع”.
ووصف الرئيس الاسرائيلي، رؤوبين رفلين، احتجاز منغيستو في غزة بأنه “قضية مؤلمة للغاية”.
وقال: “جميع الجهات المختصة تقوم بواجبها على أتم وجه، وتتابع التطورات منذ اللحظة الأولى التي اجتاز فيها أبراهام منغيستو الحدود”.
وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، صيف العام الماضي، أعلنت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس، في 20 من يوليو/تموز 2014، عن أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري إسرائيلي، شرقي القطاع.
وبعد يومين، اعترف الجيش الإسرائيلي بفقدان آرون، لكنه رجح مقتله في المعارك مع مقاتلي حماس.
وتتهم إسرائيل الحركة باحتجاز جثة ضابط آخر يدعى هدار غولدن، قُتل في اشتباك مسلح، شرقي مدينة رفح، جنوبي القطاع، يوم 1 أغسطس/آب 2014، وهو ما لم تنفه الحركة أو تؤكده.
ويقول عدنان أبو عامر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة (خاصة): “حتى لو لم يصدر حتى اللحظة أي موقف رسمي وصريح حول ملف التهدئة، الحديث المتكرر من قبل السلطات الإسرائيلية عن تسهيلات لغزة، وتصريحات قادة حماس بشأن انفراجة قريبة، تعطي دلالات أن الجانبين يسيران نحو إعلان قريب لاتفاق التهدئة”.
ويرى أبو عامر أن حركة حماس معنية أكثر من أي وقت آخر، في تثبيت اتفاق التهدئة، وتحقيق الهدوء الميداني في غزة، مشيراً إلى أن أطرافا دولية، قد تسارع إلى الإسراع في تحريك هذا الملف، وإنجازه في وقت قريب.