تهيمن زيارة النائب في مجلس الأمة الكويتي عبد الحميد دشتي لعائلة قيادي في حزب الله اللبناني، متهم بشن هجمات ضد كويتيين، على المشهد العام للبلد الخليجي الذي يكافح لمنع وصول تداعيات الحروب الأهلية في دول المنطقة إليه.
وتسبب انتشار صور لعضو مجلس الأمة الكويتي، عبد الحميد دشتي (شيعي)، وهو يقبل رأس والد القيادي العسكري السابق في حزب الله اللبناني، عماد مغنية، الذي اغتيل عام 2008 بدمشق، في موجة غضب رسمية وشعبية واسعة في الكويت.
ويعتبر عماد مغنية الذي اغتيل بدمشق في فبراير 2008 المسؤول الأول عن عملية خطف طائرة “الجابرية” الكويتية عام 1988، والتي أدت إلى مقتل مواطنَين كويتيين، إضافة إلى محاولة اغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح عام 1985.
تصاعد السجال الرسمي والشعبي حول الزيارة التي كشف عنها قبل أيام، ليضع الكويت في مواجهة تحدي صعب يهدد الوحدة الوطنية في البلد الخليجي، الذي يشكل العيش المشترك، بين سنته وشيعته، نموذجاً هو الأفضل في دول المنطقة.
ويتمسك النائب المثير للجدل دشتي بموقفه لحد الآن، وعلى الجانب الآخر تتزايد ردود الفعل الغاضبة من زيارته، لتشمل أعضاء في الحكومة والبرلمان، إضافة لغضب شعبي واسع يرى في الزيارة تجاوزاً لكل الخطوط الحمراء التي لا يمكن السكوت عنها.
ولم تتضح بعد آلية التعامل الرسمي مع الزيارة، وسط مطالبات بتسلم وزارة الداخلية الكويتية التحقيق مع النائب دشتي، فيما يرى آخرون أن على مجلس الأمة التعامل بحزم مع تصرف أحد نوابه.
وقال نائب كويتي سابق إن زيارة دشتي لعائلة قيادي لبناني متهم بقتل كويتيين، لا يمكن أن تمر مرور الكرام، إنها تختلف عن إساءات دشتي السابقة لدول الجوار ومعارضته لسياسة الكويت الخارجية.
وطالما أثار النائب دشتي الجدل في الكويت من خلال مواقفه المعارضة لسياسة بلاده ودول الخليج الخارجية، لا سيما في اليمن وسوريا، وتسببت تلك المواقف في غضب الجيران الخليجيين.
وأضاف النائب السابق مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن قيادة البلاد تدرك أنها لا تستطيع غض الطرف عن تصرف النائب دشتي وتعتبره شخصياً، لا سيما أن الغضب الشعبي الذي أعقب الزيارة يتمسك بضرورة محاسبته كمؤيد وصامت على مقتل أبناء بلده.
وتقول تقارير محلية إن الحكومة ستدرس في اجتماعها الأسبوع المقبل اتخاذ إجراءات ضد دشتي بعد الاطلاع من مستشاريها الدستوريين والقانونيين على الجوانب والنصوص القانونية التي تمكنها من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد النائب.
وعلى المستوى النيابي يطالب عدد من النواب باتخاذ إجراءات حازمة ضد دشتي، رغم أن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لا تجيز اتخاذ عقوبات أو إجراءات قانونية بحق أي نائب يتحدث خارج قاعة المجلس، إذ إن المسؤولية تكون شخصية، ويتحملها النائب بشخصه.
ويقول مراقبون إن الوحدة الوطنية في الكويت، مهددة اليوم أكثر من أي وقت مضى، وأن حوادث عادية تشهدها البلاد تأخذ طابعاً طائفياً بسبب تصرفات النخب السياسية التي تستغل وسائل الإعلام والمناصب الحكومية دون أن تلقي بالاً لما يمكن أن تجره مثل هذه التصرفات.
وكان باحث اجتماعي كويتي قال مؤخراً، إن الكويتيين يكافحون لتجاوز تصرفات ذات طابع طائفي تمارسها النخب السياسية وبعض كتاب الرأي في وسائل الإعلام، لكن قد لا ينجحون في ذلك إلى الأبد مالم تتوقف تلك النخب عن طروحاتها الطائفية.
ويكافح البلد الخليجي للنأي بنفسه عن اضطرابات مذهبية في دول الجوار، لاسيما في العراق المحاذي للحدود، ومنع وصولها إلى البلاد التي شهدت أواخر الشهر الماضي تفجيراً عنيفاً استهدف مسجداً شيعياً تبناه تنظيم الدولة الإسلامية وتورط كويتيين وخليجيين فيه.