بقلم/ د. علي الدرورة
يقال بأنّ من يزن كلامه هو الشاعر بحيث لا يزيد حركة واحدة في الوزن وكذلك لا ينقص، فإذا فعل ذلك فالكلام سوف يكون موزوناً، وإذا لم يفعل فإنّ الكلام سوف يختلّ ويبان عيوبه. وغير الشاعر عليه أيضاً أن يزن كلمته بميزان القيم والنبل والحب والجمال وموازين عديدة، فإذا لم يزن كلماته وانطلقت منه فإنّها لا تعد للتصحيح فحسبه أنه قالها وكفى. لا شك بأنّ الكلمة قالها دون قصد، لكنه لا يعرف أنّ تلك الكلمة كانت سهماً جارحاً ضدّ من تلقّاها فجرحت مشاعره وآذته في نفسيته. كثيرون يطلقون الكلمات جزافاً دون قصد، ولو أنّهم لم يتفوّهوا بها لكان أفضل، فالمتلقّي قد يشعر بأنك تراقبه أو تتدخل في شؤونه أو تحتقره أو لم تُعطِه أية أهمية، وحتى لو لم تكن تقصد بذلك أيّ شيء فالأولى ألّا تقول له: (عينك حمرا)، ربما أنك مرهق وعليك أن تذهب للنوم. (ثوبك فيها خط حبر ولا بُدّ لك من تغييره). (جسم سيارتك فيه خدوش أكيد أحدهم صدمك وهرب) (وجهك صاير أحمر) هل أنت مريض؟ (صاير ضعيف هالأيام) ويش فيك؟ عسى ما شر؟!!. (صاير منتفخ) ترى وزنك زايد ويمكن أنت ما تحس!. (ما حضرت زواج ولد فلان! ما عزمك لو ما دريت؟ أو عندك ويّاه خلاف؟!) وقِس على ذلك. وإذا لم يكن ما يعلّق عليه فبإمكانه أن يقول لك: توجد عنز في الهند، ماتت دريت عنها؟، وهناك كثير من الأمثلة أعتذر عن الإتيان بها تحسّباً عن الإطالة. وقديماً قالوا: (لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن هنته هانك)، وهذا الكلام جميل ولا غبار عليه ولا يحتاج إلى نقاش ولا إلى تفصيل. أين تكمن المشكلة في بعض الناس؟ أمثال هؤلاء الذين يطلقون الأسئلة كما يطلقون الكلام جزافاً بدلاً من الكلام الجميل، ومنه مثلاً: (سررت بهذا اللقاء) (ربي يوفّق لك ويسعدك) (أنت رائع! ومنذ أن عرفتك وأنت رائع) (مبدع دائماً) (أنت من أروع الناس) (أنت أحسن واحد عرفته) (جميع أعمالك في غاية الروعة) (أنت مثل يُحتذى به) (أنت إنسان طيّب) مثل هذه الجمل تحبّب الناس لبعضهم ولا تنفّرهم وتجمعهم في وئام تام.