حذر داعية سعودي معروف عاد إلى المملكة بعد انشقاقه عن تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش)، الشباب السعودي من الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية في سوريا.
ت صلة
رجل دين سعودي يطلق حملة للتحذير من خطر داعش
بعد تضليلهم من قبل القاعدة.. الشباب السعوديون يعودون من سوريا
سعوديون يسخرون من دعوة داعش للتوسع نحو بلدهم
وأوضح مانع ناصر المانع الذي كشف عن تجربته مع داعش في برنامج “همومنا” عبر القناة الأولى بالتلفزيون السعودي في 2 شباط/فبراير الجاري، كيف أنه وقع في فخ أكاذيب التنظيم وأنه وجد خلاف ما كان يتوقعه عن الصورة المتوقعة هناك.
وأكد أن التنظيم يعتمد على مبدأ التكفير والاتهام بالردة لكل من يخالفه بالرأي.
وقال: “وجدت خلاف ما كنت أتوقعه، وجدت بدل الحرية، السجن والإجبار وتكفير من يرونه كافرا مرتدا، وجدت الإجبار على السكن في مكان ناء في البادية في خيمة، وتستخدم كمركز مصابين، وأنا هدفي الدعوة إلى الله، حيث جرى منعي من السفر وأخذ جوازي وإجباري على البيعة”.
وكان المانع قد فاجأ متابعيه عبر موقع “تويتر” في آذار/مارس 2014 بإعلان قراره بالتوجه إلى سوريا، قبل أن يقرر بعد أربعة أشهر العودة مسلّما نفسه للسفارة السعودية في تركيا.
وأكد المانع خلال حديثه التلفزيوني أنه كان قد توجه إلى سوريا “من أجل الدعوة إلى الله، وتصحيح بعض المفاهيم في العقيدة والشريعة في سوريا”، وأنه اختار سوريا “بناء على أول بيان صدر من تنظيم داعش، بأنهم لا يكفرون بالعموم ولا يكفرون بالشبهة ولا بالظن”.
ولفت إلى أنه باجتهاد منه، ذهب إلى مناطق القتال في سوريا، من دون أن يسأل أهل العلم، أو يستأذن من ولي الأمر، وقال: “أخطأت في التحديد، وسفري إلى سوريا كان اجتهادا شخصيا مني، وذهبت بنية صادقة وقصد طيب على أن الدعوة إلى الله هي فرض عين لا يحتاج فيه إلى استئذان، وهنا الخطأ الذي لا بد أن أستوقف عنده”.
وأوضح أن جميع من قابلهم في المضافات سعوديون وعرب، يحرصون على المنهج التكفيري، مؤكدا أنه وجد خلال وجوده في سوريا خلافات بين المسلمين.
شهادة مهمة
وتعقيبا على هذا، قال الدكتور عبدالله المقرن، أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم القرى في مكة المكرمة، “إن كلام المانع له أهمية كبيرة كونه صادرا عن داعية له الكثير من المتابعين من الشباب السعودي والعربي والخليجي، وكلامه يدعم الجهود الرسمية والشرعية لإبعاد الشباب السعودي عن مستنقع الفكر الأسود”.
ولفت إلى السبب الذي دفع المانع للعودة إلى السعودية وهو قيام داعش بتكفير كل من يخالفها الرأي، بما فيهم الحكام والمواطنين السعوديين، وقال إن هذا السبب نفسه دفع بآخرين قبله إلى ترك التنظيم والعودة إلى المملكة.
وأضاف بالقول “إن المواطن السعودي يقيم وزنا كبيرا لولي أمره ويعتبر الأمر هذا خطا أحمر لا ينبغي تجاوزه، كما أن فتوى التكفير هذه [الصادرة عن داعش] تعتبر الجميع في المملكة مرتدين”، الأمر الذي يرفضه السعوديون.
وشدد على أهمية شهادة المانع التي “تعتبر شهادة من الداخل تكشف زيف ادعاءات هذا التنظيم الإرهابي وتكشف وجهه الحقيقي، خصوصا وأن المانع اعترف بوقوعه هو الآخر في الفخ، وأنه عندما حاول تصحيح بعض الأفكار الرائجة لدى [مقاتلي] التنظيم تمت معاقبته بالاحتجاز والتهديد والنفي إلى الصحراء”.
ولفت المقرن إلى اعتراف المانع بأن رغبته الأساسية للسفر كانت لنشر الدعوة، قائلا إن هذا الأمر هو الذي يدفع بالعديد من الشباب للسفر أيضا “إلا إنه يتم إجبارهم على البيعة والقتال إلى جانب التنظيم وإلا تم اعتبارهم من المرتدين”.
تحذير للشباب السعودي
من جهته، قال عادل العصيمي، إمام جامع الخير بمدينة الرياض للشرفة، “إن كلام الداعية المانع من أهم الرسائل الموجهة إلى الشباب الذين يقعون بفخ داعش، فهذا التنظيم الإرهابي يوهم الكثيرين بأنه دولة إسلامية ويدعو للجهاد بينما الواقع معاكس”.
ولفت إلى أن كلام المانع “يعتبر دعوة إلى الشباب للجوء لكبار العلماء الرسميين الذين لا يصدرون الفتوى مباشرة، بل يصدرونها بعد الاستشارة والبحث، حتى لا يقعوا في خطأ التسرع في القرارات”.
وتابع “جميل جدا أن يقول داعية أنه أخطا وتسرع في قراره حيث أكد من خلال معايشته للواقع أنه لا يوجد في سوريا سوى صراع بين الفرق المسلحة المختلفة، مع تأكيده أن التنظيم روج للحرية الشخصية وحرية الاعتقاد لمن يريد الهجرة إلى دولته، فيما الواقع هو الحبس وكتم الحريات والإجبار على مبايعته وتكفير كل من يخالفه الرأي”.
وفي نفس السياق، أكد الشاب نايف الشمّري طالب بكلية إدارة الأعمال في جامعة الملك سعود، أن الدعاية الكاذبة التي يقوم بها التنظيم أوقعت العديد من الشباب السعودي في الفخ، لافتا إلى أن “أهم ما ورد في كلام المانع تأكيده أن سوريا ليست منطقة جهاد بل منطقة صراع”.
وأشار الشمّري في حديث للشرفة إلى أن كلام المانع أتى دعوة صريحة للشباب السعودي لعدم الاستماع إلا لهيئة كبار العلماء في الأمور الحساسة كونها تعتبر المرجع الديني الأعلى في المملكة وتمثل توجهات ولاة الأمر الحقيقية.