تعليق العلامة الدكتور السيد محمد علي الحسيني
الامين العام للمجلس الاسلامي العربي حول إلغاء التأشيرة القطرية للبنانيين
من المعروف أن الدول تشترط حصول الاجانب على تاشيرة لدخول اراضيها كاجراء امني ضروري يمكنها من التدقيق بهوية وخلفيات الاشخاص والمؤسسات التي تقصدها ، وبطبيعة الحال فان الغاء هذه التاشيرة يعرض البلاد لمخاطر امنية وسياسية ، لان التدقيق المشار اليه لايمكن ان يتم في المطار ، في وقت قصير .
والمعروف ايضا ان الدول التي تعفي مواطني بعض الدول الاخرى من تاشيرة الدخول تقصد من ذلك التاكيد على حسن العلاقة وقوة التنسيق الامني وغيرها مع تلك الدول المعفاة .
ولكن في حالة لبنان ، وبسبب الفوضى الامنية القائمة فيه ، فان قلة قليلة من الدول تعفي اللبنانيين من تاشيرة الدخول .
فالدولة في لبنان لا تملك السلطة والنفوذ على جميع مواطنيها ، وثمة دويلة حزب الله داخلها اقوى منها على كل المستويات ، وابرز مثال على ذلك نقوذ الحزب على مطار بيروت الدولي .
لذلك فان خطة قطر بالغاء تاشيرة الدخول للبنانيين هي مخاطرة غير محسوبة ، وخصوصا في ظل وجود فئات لبنانية واسعة تناصب دول قطر العداء ، وتحديدا في اوساط جمهور حزب الله ، الذي يعتبر انه في حالة حرب ضد هذه الدولة ، بذريعة انها تدعم وتمول عدوه اللدود في سوريا ، اي المعارضة المسلحة .
لذلك فان قطر تخاطر بان يستغل حزب الله هذه الخطوة فتشهد تدفقا غير مسبوق لمناصري ومؤيدي وعناصر حزب الله ، تحت ستائر مختلفة ، مثل الدراسة والتجارة والعمل والسياحة والعمل الاعلامي ، ومن غير المستبعد ان يعمل الحزب على ارسال البعض للقيام بمهمات محددة تتعلق بالوضع الراهن للعلاقات الخليجية ، فالحزب مغتبط الى ابعد الحدود من الازمة الخليجية العربية مع قطر ، ويعتبر ان نزاع هذه الدول في ما بينها ، وهي كلها في المعسكر المضاد لايران ومشاريعها التوسعية في المنطقة ، هو مناسبة لاضعافها كلها ، وانتصار له.
لذا نؤكد ان ثمة مخاطر جدية للقرار القطري ، وحزب الله سيعمل كل ما بوسعه للاستفادة منه ، واختراق قطر امنيا وسياسيا ، لصب الزيت على نار الخلاف الخليجي ، وربما باستخدام قطر كمنصة لاستهداف الدول المجاورة .
ان المتابع لنشاطات حزب الله في العالم ، وما يساق ضده من اتهامات عن تورط في قضايا اتجار بالمخدرات وبالبشر وبتبييض الاموال ، عدا عن الاعتداءات الامنية والارهابية، يعرف ان هذا الحزب قادر على استغلال اي هوامش حركة تتيحها بعض الدول ، للقيام باعماله الخاصة ، امنية او سياسية او مالية او اعلامية ، وقد حدث ذلك بالفعل في دول عديدة في العالم ، حيث استغل الحزب قوانينها المتساهلة الى حد ما مع الاجانب ، واستطاع ممارسة نشاطات مشبوهة.
وفي وقت بدأ العالم باسره يتخذ اجراءات متشددة لملاحقة واعتقال ناشطي حزب الله ، بالاضافة الى مسؤولي وعناصر الحرس الثوري الايراني ، تسير قطر في الاتجاه المعاكس ، وفي وقت يتم اعتقال كبار مسؤولي الحزب الماليين مثل تاج الدين في المغرب ، فان قطر تخالف المألوف وتفتح الابواب لكل المخاطر .
لا شك ان دولة قطر حريصة على الامن القومي العربي عموما ، وعلى الامن الخليجي خصوصا ، ومن هنا دعوتنا الصادقة الى مراجعة قرارها المتسرع بالغاء تأشيرة الدخول للبنانيين ، كي لا يتحول الى وسيلة لاذكاء النزاع بدلا من اخماده .