لم تعرف البشرية قائداً فذاً وخبيراً حربياً محنكاً مثل رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذه شهادة لا تنطلق من مجرد حبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقط وإنما ذلك ما سجله التاريخ وما شهد به الأعداء .. فقد نزل الوحي علي رسول الله صلي الله عليه وسلم والأرض كلها تموج بالكفر وتعج بالفساد وما هي إلا سنوات حتي كون النبي صلي الله عليه وسلم قاعدة صلبة قام علي أكتافها عبء بناء الدولة الاسلامية والمحافظة علي هذا البناء الوليد .. ثم هاجر صلي الله عليه وسلم بعدد قليل جداً اذا قورن بالمدة التي قضاها النبي صلي الله عليه وسلم في مكة ليدخل مكة فاتحاً بعد الهجرة بثماني سنوات بجيش قوامه عشرة آلاف مقاتل، ثم تدين جزيرة العرب كلها للإسلام ليجتمع للنبي صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة ألف مسلم .
هل رأيتم في التاريخ كله من بنى دولة عظيمة البناء متينة الأساس عمادها العدل والشورى والمساواة في هذه المدة الوجيرة ؟ ثم إن النبي صلي الله عليه وسلم كما قلنا ربى رجالاً فتحوا الدنيا من بعده، فسعد بن ابي وقاص وابو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهم الكثير والكثير من قادة الجهاد هم جميعاً ثمرة التربية الجهادية التي ربى النبي صلي الله عليه وسلم المسلمين عليها، وكان النبي قد أعطاهم الفرصة في حياتهم لإظهار مواهبهم الحربية، وذلك بأعطائهم القيادة في البعوث والسرايا ثم متابعتهم فيما فعلوه وتصويب الاخطاء التي قد يقعون فيها .
لقد كان النبي صلي الله عليه وسلم خير من يكتشف مواهف جنوده وخير من يوظف الطاقات بأن يجعل الرجل المناسب في المكان المناسب وهذا الامر لم يكن وحياً يوحى لرسول الله وانما هي البرة والذكاء العسكري والشواهد علي ذلك اكثر من أن تحصر في سيرته العطره، ثم إن الاعداء قد شهدوا لرسول الله بما كان له من فضل علي هذه البشرية ومدي الحنكة والخبرة والذكاء التي كان يتمتع بها صلي الله عليه وسلم، فهذا برناردشو يقول : لو كان محمد حياً لحل مشاكل البشرية وهو يشرب فنجاناً من القهوة، وهذا مفكر امريكي آخر اسمه مايكل هارت ألف كتاباً اسمه العظماء فما وسعه وهو غير المسلم إلا ان يجعل الاول محمداً صلي الله عليه وسلم لما كان له من عظيم التأثير علي البشرية .
واذا كانت البشرية اليوم تتغنى بأمجاد هتلر وبطولات موسوليني وفتوحات نابليوم فذلك لجهلها بأعظم قائد عرفته البشرية وهو محمد صلي الله عليه وسلم ، لا يسعني إلا ان اردد كلمة استاذنا الجليل فضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله وهو يقول : ” إنني معجب أشد الإعجاب بنبى الإسلام محمد صلي الله عليه وسلم وبتربيته لأصحابه ” .