عقارب الساعة تشير إلي اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في قنا ومؤشر بورصة تجارة السلاح في الصعيد بدأ فمواسم رواج تجارة السلاح في الصعيد تتحكم في ضبطه وتوجيه مؤشر أسعارها أشخاص بعينهم صعود وهبوط الأسعار حسب طبيعة الموسم والظروف الزمنية المصاحبة له وليس سراً أن اتساع دائرة هذا النشاط والمتعاملين فيه من التجار والسماسرة وراغبي الحصول علي الحصانة يتزامن مع الانتخابات البرلمانية التي تتحول بقدرة قادر إلي موسم لاستعراض القوة بالأسلحة والرصاص وما يتبع ذلك من تحفيز للرغبة من تجدد الصراعات وإراقة الدماء وتعكير الأجواء الآمنة والمستقرة وهذا ما بدأت ملامحه تتشكل الآن. فوسط أجواء الاستعدادات للانتخابات شعبياً وأمنياً في محافظة قنا لم تكن هناك صعوبة في رصد بدء تنامي نشاط تجارة الأسلحة وخاصة مع ظهور وجوه جديدة من المسجلين خطر تسعي بكل طاقتها للجلوس علي عرش البلطجة والتحكم في تجارة السلاح .
هنا محافظة قنا التي تعد أحد معاقل السلاح يوجد الكثير من العادات الموروثة والثقافات التي اعتادها أهلها منذ مئات السنين ومنها ظاهرة الثأر حيث تعد من أعلى المحافظات في جرائم الثأر بالإضافة إلى رواج تجارة الأسلحة عقب ثورة يناير ووجود صراع أزلي بين قبائل العرب والأشراف والهوارة الموجودة بالمحافظة . وقد رصدنا حالة القلق السائدة في الشارع القنائى تخوّفًا من وقوع أي أحداث مماثلة لاشتباكات أسوان خصوصًا في ظلّ النعرات القبلية الموجودة بين القبائل الثلاثة وانتشار السلاح ولذلك حذّر عدد من زعماء وكبار القبائل من استمرار انتشار الأسلحة وطالبوا بسرعة التدخّل الأمني لجمعها بعد أن أصبحت في أيدي الأطفال مما يهدّد بحرب قبلية عنيفة.
ووفق مصادر عن كيفية دخول السلاح إلى محافظة قنا، فإن السلاح يأتي عن طريق التهريب من الحدود المصرية مع ليبيا والسودان حتى وصولها إلى صحراء إدفو بمحافظة أسوان ومنها عن طريق مدقات جبلية إلى محافظات الصعيد المختلفة. وأضاف أن دخول السلاح إلى محافظتي قنا وسوهاج يأتي عن طريق قرابة 7 تجار للأسلحة يستلمون من 500 إلى 600 قطعة بالإضافة إلى عدد هائل من الذخيرة شهريا في حين تدخل الأسلحة من 5 مرات إلى 6 مرات شهريا بواقع 100 قطعة كل مرة.
ويري مراقبون إنه يجب على الأمن التدخّل بسرعة وبقوة لجمع الأسلحة غير المرخّصة والقبض على مُثيري الفتن المعروفين لدى كبار العائلات مع تشكيل لجنة مصالحة تابعة للمحافظة يكون لها ثقل اجتماعي داخل مناطقها وقراها ويتم تفعيلها لافتا إلى أن توجّه الأمن للقبض على الخلايا الإرهابية والانشغال بقضايا الإخوان كان له تأثير سلبي على قضايا الثأر التي تزداد يومًا بعد الآخر ففي السابق كان رموز وكبار العائلات يستمدّون قوتهم من علاقتهم مع قيادات الأمن ولذلك كانوا قادرين على إنهاء الكثير من المشكلات أما الآن فالأمر قد اختلف كثيرًا ولذلك لا بدّ من العودة مرة أخرى للقيادات الشعبية المسيطرة.
وأرجع المراقبون انتشار السلاح إلى عوامل عدة أهمها القبلية والعصبية الجهل الأمية الانفلات الأمني الفقر البطالة الخصومات الثأرية بالإضافة إلى التباهي والتفاخر. و شدد المراقبون على أهمية تكثيف الحملات الأمنية والدوريات والكمائن وشنّ حملات على القرى المعروفة ببيع وانتشار الأسلحة ففي محافظة قنا يعد السلاح مثل جواز السفر يحمله الرجال والأطفال كنوع من الوجاهة والخوف من الثأر أحيانا وأيضا من أجل ترويع المواطنين وسرقتهم لذلك فتجارة الأسلحة شهدت رواجًا كبيرًا في الصعيد وأصبحت أكثر ربحا من المخدّرات مما يهدد بإشعال حرب قبلية تفوق ما حدث في محافظة أسوان ووقتها لن تستطيع أي لجان عرفية أو حكومية إخمادها .
معاناة الصعيد من التهميش لعقود طويلة غابت فيها عنه التنمية وزادت أعداد الفقراء وانتشرت الأمية ولذلك انتشرت تجارة السلاح والمخدرات ولكن قبل ثورة25 يناير كانت الشرطة تسيطر بقبضتها الحديدية على الأمور أما عقب ثورة يناير فقد شهدت هذه التجارة رواجًا كبيرًا لذلك يجب على الحكومة أن تسلك العديد من الطرق في وقت واحد منها جمع الأسلحة وعمل عدد من المشروعات الاستثمارية وتوفير فرص عمل للشباب وتنمية القرى الفقيرة والاهتمام بها . وقد كشفت المصادر خريطة تجارة الموت في صعيد مصر وتحديدًا في محافظة قنا التي توجد بها أكبر قرى لتجارة السلاح والمخدرات والثأر ومنها قرى أبو حزام وحمرة دوم والسمطا والحجيرات .
فالسلاح في الصعيد كان لوقت قريب من أولويات المواطنين لفرض السيطرة وهيبة العائلة والتفاخر والتباهي وعقب ثورة يناير تحوّلت الأسلحة لضرورة حتمية من أجل الحماية والحفاظ على أنفسهم من أخطار السرقة بالإكراه والاختطاف حتى أصبح السلاح في بعض القرى خاصة التي تنتشر بها الخصومات الثأرية أهم من المأكل والمشرب وشهدت تجارة الأسلحة رواجًا شديدًا عقب ثورة 25 يناير بالإضافة لزيادة المشكلات القبلية التي تحدث على فترات متقطّعة بين أبناء قبائل العرب والأشراف والهوارة والتي جعلت الإقبال على شراء الأسلحة النارية يزداد بشكل مبالغ فيه وصلت الزيادات في أسعارها إلى 400% عن قبل ثورة يناير. تجارة الأسلحة في صعيد مصر تُحرّكها عصابات كبرى منظّمة فرضت سطوها ونفوذها على الطرق وقامت بالعديد من حوادث السرقة بالإكراه والاختطاف ووصل عدد المختطفين من الأقباط في محافظة قنا فقط أكثر من 70 حالة منذ ثورة يناير وحتى الآن وتم تحريرهم بعد دفع فدية.
في قنا تنتشر 4 أنواع من البنادق الآلية لكل منها سعرها ومميزاتها وحالتها فهناك بنادق آلي روسي وإسرائيلي ومتعدد الطلقات وسعرها ما بين 20 إلى 35 ألف جنيه أما الكوري والعراقي فهما الأقل انتشارًا وسعرهما ما بين 15 إلى 25 ألف جنيه وسعر الطلقة الواحدة 20 جنيهًا أما الطبنجات فمنها 3 أنواع تنتشر بكثافة هي حلوان وسعرها بين 10 إلى 12 ألفًا والبلجيكي ما بين 15 إلى 20 ألفًا والإسباني أسترا 19 طلقة ما بين 25 إلى 30 ألف جنيه أما الأكثر انتشارًا في السلاح الآلي فهو بن لادن وهو رشّاش روسي 30 طلقة وسعره ما بين 15 إلى 20 ألف جنيه والبوشكة ما بين 20 إلى 25 ألفًا والجرينوف ما بين 40 إلى 60 ألفًا.
ويتم تهريب السلاح عادة خلال الدروب الصحراوية عبر حدود السودان ثم نقلها إلى جبل قفط والجبال الصحراوية من ناحية قرى أبو حزام والسمطا والحجيرات شمال قنا .
وكشف مصدر أمني عن القيام بعدد من الحملات الأمنية وضبط أعداد كبيرة من الأسلحة المنتشرة في قرى المحافظة لافتا إلى أن هناك أسلحة ثقيلة ومتطورة موجودة مع بعض الخارجين عن القانون ومنها مضاد الطائرات وأسلحة آلية حديثة ولذلك أي حملة أمنية لتطهير هذه البؤر الإجرامية يصعب تحقيقها في الوقت الحالي فنحن في حاجة إلى ضباط وأفراد ذوي تدريب عالٍ وعدد كبير من الأسلحة المتطورة .
وأضاف أن كثرة الحملات على القرى جعلت من يحملون الأسلحة يتوارون بها ويخفونها بعدما كانوا يظهرونه عقب ثورة يناير دون خوف لافتا إلى أن الكشف عن العمليات الإرهابية وتأمين المنشآت والانشغال بفض المظاهرات التي تقوم بها جماعة الإخوان الإرهابية جعل الشرطة تستنزف الكثير من طاقتها لذلك لا يمكن تطهير هذه البؤر الإجرامية بشكل كامل في الوقت الحالي