العاهل المغربي: بن بركة من “المغاربة الأحرار”

في مفاجأة من العيار الثقيل في المغرب بحسب المراقبين، أرسل العاهل المغربي محمد السادس “رسالة رسمية” إلى حفل في الرباط، لإحياء مرور 50 عاما على اختفاء الزعيم اليساري والمعارض المغربي الراحل المهدي بن بركة.

فالحاضرون في القاعة الكبرى في المكتبة الوطنية في العاصمة المغربية تفاجأوا لقراءة عبد الرحمان اليوسفي، الأمين العام السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي ورئيس الحكومة السابق، لرسالة من العاهل المغربي.

ففي رسالته، التي حملها مستشاره عمر عزيمان، وصف الملك محمد السادس تاريخ الراحل المهدي بن بركة بأنه “مشترك بين كل المغاربة” وبأنه “كان قريبا من العائلة الملكية” المغربية، مميطا اللثام عن كونه كملك للمغرب “حرص على المشاركة في تخليد هذه الذكرى دون عقد”.

العاهل المغربي محمد السادس

مرحلة من الصراعات في تاريخ المغرب

وعاد الملك محمد السادس إلى “مرحلة ما بعد الاستقلال”، التي وصفها بأنها كانت “مشحونة بالصراعات” حيال ما “كان ينبغي أن يكون عليه المغرب”، ومعلنا أنه “ليس هنا لإصدار الأحكام التي تبناها هذا الطرف أو ذاك” في قضية مصير أشهر معارض سياسي للنظام المغربي خلال النصف الثاني من القرن الماضي.

وبحسب الملك محمد السادس، فإن “بن بركة دخل التاريخ”، بالرغم من “أنه لا يوجد تاريخ سيء وآخر جيد”، داعيا في نفس الوقت إلى عدم نسيان أن “أعداء المغرب قاموا باستغلال القضية من أجل الإساءة” للمملكة المغربية.

وفي قضية اختفاء المعارض الراحل المهدي بن بركة، طالب الملك المغربي بـ”استخلاص الدروس والعبر” و”جعلها في صالح الوطن، لتساعد على البناء، وليس الهدم”، موضحا في نفس الآن أن “الملكية في المغرب متشبثة بالتلاحم بين مكونات الأمة، شريطة الالتزام بالثوابت وبالمقدسات”، واصفا الراحل بن بركة، بأنه من “المغاربة الأحرار الذين ضحوا من أجل الدفاع عن الثوابت والمقدسات” المغربية.

صيانة الخيار الديمقراطي

وتعهد العاهل محمد السادس في رسالته بـ”عدم ادخار أي جهد لصيانة الاختيار الديمقراطي” في المغرب، وفي “حماية حقوق وحريات المواطنين”، مشيرا إلى أن “الأهم هو العمل على تملك جميع المغاربة لتاريخهم بنجاحاته وإخفاقاته من أجل العيش في خاضر آمن ومستقر”، مع التوجه “لبناء مستقبل أفضل، بكل ثقة وتفاؤل وأمل”.

ولا يزال مصير اليساري المغربي المهدي بن بركة، بحسب المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، مجهولا بعد استكمال هيئة الإنصاف والمصالحة الاشتغال على المرحلة الزمنية، ما بين 1958 و1999، التي تلقب بـ”سنوات الحمر والرصاص”، لتبقى حالات قليلة دون مصير محدد، من بينها من يسميه اليساريون المغاربة “عريس الشهداء” في المغرب.

والراحل المهدي بن بركة، من رموز الكفاح في تاريخ المغرب ضد الاستعمار الأجنبي ومن الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، وكان أصغرهم سناً، عن الاستعمارين الفرنسي والإسباني في أربعينيات القرن الماضي، ومن السياسيين الذين تركوا “بصمات ذهبية، في حزب الاستقلال المحافظ، كزعيم تاريخي، ومن جيل المؤسسين، لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أكبر حزب يساري مغربي.

واختفى المهدي بن بركة، قرب مقهى في باريس في يوم 29 أكتوبر 1965، وتستمر عائلته في المطالبة بمعرفة مصيره ومكان دفنه للترحم عليه، وسط اتهامات للرباط ولباريس ولواشنطن تاريخيا، بالتورط في تصفية أشهر معارض يساري مغربي، وزعيم أكبر حركة للتحرر ضد الاستعمار، في ثلاث قارات هي إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.


 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *