بوابة العرب اليوم تحاور د/ تيسير التميمى قاضى قضاة فلسطين ورئيس المجلس الاعلى للقضاء الشرعى

 
-قرار ترامب بنقل السفاره الامريكيه الى القدس تنفيذ عملى بوعد بلفور ومرتبط باجراءات اسرائيل فى المسجد الاقصى المبارك .
-قرار نقل السفاره يمكن ان يشعل حربا دينيا فى المنطقه واتوقع اندلاع انتفاضه فى الاراضى المحتله حتى يلغى ترامب قراره .
-هناك تنسيق كامل بين نظام الملالى والكيان الصهيونى لتصفية القضيه الفلسطينيه .
اشعل قرار ترامب بنقل السفاره الامريكيه الى القدس موجة غضب عارمه فى العالمين العربى والاسلامى حيث اندلعت المظاهرات المندده بهذا القرار فى الوقت الذى دعى فيه الازهر الشريف لعقد مؤتمر عالمى لدعم صمود الشعب الفلسطينى فى القدس وفى ظل التداعيات التى احدثها هذا القرار ادلى د/ تيسير التميمى قاضى قضاة فلسطين ورئيس المجلس الاعلى للقضاء الشرعى بحوار خاص لبوابة العرب اليوم تناول فيه وجهة نظره تجاه تلك الاحداث :
1- ما هى رؤيتكم للاسباب التى حدت بالرئيس الامريكى الى اصدار قراره بنقل سفاره الولايات المتحده الى القدس فى هذا التوقيت ؟
     أعتقد أن هذا التوقيت كان مخططاً له لأسباب كثيرة :
أولاً : هو تنفيذ عملي لوعد بلفور بعد مرور مائة عام على إصداره ،
ثانياً : الضعف الذي تعاني منه الأمتان العربية والإسلامية وانشغالها بحروب داخلية طائفية وعرقية أصابت الشعوب بالإحباط ، فأصبحت القضايا الهامة والمركزية لا تعني لها شيئاً أمام قتل وجرح واعتقال مئات الألوف من أبنائها وتشريدهم ، بسبب التناقضات التي أشعلتها خطط الفوضى الخلاقة التي أعدتها الإدارة الأمريكية لإيصالها إلى هذا الوضع المعقد ،
ثالثاً : محاولة منه لإرضاء القاعدة الانتخابية التي استند إليها في الوصول إلى الرئاسة وهي اللوبي الصهيوني واليمين الأمريكي المحافظ ،
رابعاً : الأزمات الداخلية التي يعاني منها ترامب ، فهو يحاول بهذا الإجراء تصدير أزماته والتغطية عليها
 
2- ما هي ردود الافعال المتوقعة على هذا القرار خاصة فى الساحه الفلسطينيه ؟
     أدرك الشعب الفلسطيني بهذا القرار وجود مؤامرة كبرى على قضيته تهدف إلى محاولة تصفيتها ، فشعبنا يعتبر المدينة المقدسة بكافة مقدساتها الإسلامية والمسيحية بؤرة الصراع بين المشروع الصهيوني وبين الأمة بكاملها ، فلهذا ليس أمام الشعب الفلسطيني بسائر مكوناته وفصائل العمل الوطني فيه سوى الوحدة الوطنية الشاملة ، وتحقيق المصالحة الفعلية والجدية لمواجهة هذه المؤامرة بجميع الوسائل المشروعة والمتاحة له ، ولهذا فإن لدى الشعب الفلسطيني خيارات كثيرة لتحقيق ذلك .
 
3- هل يمكن أن يشعل هذا القرار حرباً دينيه فى المنطقه ؟
     نعم ، إن هذا القرار له أبعاده الدينية لأنه يمس بمكانة مدينة القدس في قلوب أكثر من مليار وسبعمائة مليون مسلم ، فهي مهد الحضارات ومهبط الرسالات وأرض النبوات ، فلا يمكن لأي مسلم في مشارق الأرض ومغاربها الرضى أو الموافقة على هذا القرار لأنه مساس بعقيدته وكرامته وشرفه ،
     هذا بالإضافة إلى أن العالم المسيحي الذي يمثل أكثر من مليارين من سكان كوكب الأرض يعتبر القدس مدينة ذات شأن ديني له نظراً لمكانتها في الديانة المسيحية ولوجود كنيسة القيامة فيها .
 
4- دعا الأزهر إلى عقد مؤتمر عالمي لدعم صمود الشعب الفلسطينى فى القدس يشارك فيه علماء الدين الإسلامى والمسيحى ، فما مدى تأثير هذا المؤتمر ؟ وما هى القرارات التى يمكن اتخاذها فى هذا المجال ؟
     في رأيي أن انعقاد مثل هذا المؤتمر بدعوة من الأزهر الشريف وفضيلة إمامه الأكبر سيحقق نتائج هامة نظراً لمكانته في الأمة ، منها مثلاً :
أولاً : تأكيد المرجعيات الإسلامية والمسيحية المشاركة رفضها لهذا القرار وأنها ستتصدى له ،
ثانياً : التأكيد على أن القدس مدينة محتلة كسائر المدن الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي الغاشم وأنها مدينة عربية إسلامية وستبقى كذلك أبد الدهر .
ثالثاً : أن القرارات الصادرة عنه ستكون ملزمة للدول المشاركة فيه ،  لأن القدس ليست كأية مدينة أخرى ، بل هي جزء من عقيدة الأمة كلها مسلمين ومسيحيين ، فهي خط أحمر لأتباع الديانتين لا يجوز المساس بمكانتها واختطافها لصالح الكيان الصهيوني .
ومن القرارات التي يمكن أن تصدر عن المؤتمر دعوة جميع الدول ذات الشأن إلى قطع اتصالاتها مع الإدارة الأمريكية حتى ترجع عن قرارها .
 
5- ما هى رؤيتكم للجدل الدائر حول قيام المسلمين بزيارة المسجد الاقصى المبارك ؟
     أجدد الدعوة إلى وجوب تكثيف زيارة مدينة القدس المحتلة وتكثير سواد الشعب الفلسطيني فيها ودعمه ، والاطلاع على معاناته اليومية الدائمة ، وبهدف الصلاة في المسجد الأقصى المبارك والاطلاع عن كثب على الإجراءات الباطلة التي تتخذها سلطات الاحتلال الإسرائيلية فيه بهدف تقسيمه ثم الهيمنة عليه ثم هدمه ، وأؤكد على أهمية عدم التطبيع مع الاحتلال أثناء هذه الزيارات .
 
6- هل تتوقعون اندلاع انتفاضة فلسطينية أخرى فى الأراضى المحتلة على غرار انتفاضة الحجارة؟
     نعم ، أتوقع اندلاع انتفاضة شعبية قوية ستستمر حتى إلغاء قرار ترامب ، والشعب الفلسطيني قادر على ذلك ، بدليل ما حصل في شهر يوليو الماضي حينما انتفض أهل القدس ومن حولها من الفلسطينيين فأجبروا سلطات الاحتلال على إزالة البوابات الإلكترونية من على أبوابه ، حيث كانت إسرائيل تنوي بسط هيمنتها وسيطرتها ونفوذها في المسجد الأقصى المبارك .
 
7- هل ترى أن قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس مرتبط بإجراءات إسرائيل فى المسجد الأقصى المبارك ؟
     بالتأكيد ، فهذا القرار متخذ منذ أكثر من عشرين عاماً وبالتحديد منذ عام 1995 من قبل الكونجرس الأمريكي ، ويأتي في إطار تهويد مدينة القدس وتحويل المسجد الأقصى المبارك إلى كنيس يهودي ، ثم هدمه فيما بعد لإقامة الهيكل المزعوم في ساحاته وعلى أنقاضه
     ويمثل القرار أيضاً الانحياز العلني واللامحدود من الإدارة الأمريكية للمشروع الصهيوني الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية ، فالقرار في النهاية يستهدف الهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس ، وهو مساس بمقدساتها ودرتها المسجد الأقصى المبارك .
 
8- شهدت المنطقه مؤخراً أحداثاً إرهابية فى مصر والسعودية وعدد من البلدان الأخرى ، فكيف تفسر تصاعد تلك الظاهرة وكيفيه التصدى لها ؟
     أعتقد أن هذه الأحداث الإرهابية تتنافى مع دين الإسلام وتعاليمه الداعية إلى إعمار الكون وتوفير الحياة الكريمة ، وتطبيق الأحكام القائمة على الرحمة والتسامح والتعايش مع الآخر بالقدر الذي يحفظ الحقوق ويوفر الأمن للجميع ، ويأتي تصاعدها في إطار الإساءة إلى الإسلام ومبادئه وشيطنة أتباعه ،
     أما ادعاء مرتكبي هذه الأحداث الإجرامية بأنهم ينتمون إلى الإسلام برفع شعارات ورايات لها رمزية لدى المسلمين ، وبزعمهم أنهم بذلك ينفذون أحكام الإسلام فهذا كله لخلط الأوراق ، ويرمي إلى تمرير مؤامرات كبرى تستهدف الأمة الإسلامية وقضاياها المركزية ومقدساتها ورموزها .
     وكيفية التصدي لهذه الأحداث تكون بالكشف عنها وعن منفذيها والراعين لها والغاية منها ، فلا يجوز السكوت عن هذه الجرائم البشعة المحرمة في ديننا الحنيف لأن السكوت يحقق النتائج والآثار المطلوبة من تنفيذها ، ويحقق خطط من دبرها بخلق صراع فيما بين المسلمين لأسباب فكرية أو طائفية أو مذهبية أو عرقية
 
9- وهل يتطلب الأمر العمل على تنقية كتب التراث وتطوير الخطاب الدينى لمواجهة تلك الظاهره ؟
     من المعلوم أن هناك كثيراً من كتب التراث ـ وبالأخص كتب التفسيرـ تحتوي على كثير من الإسرائيليات وعلى قصص لأحداث غير صحيحة ، وتحتوي على تفسير النصوص بغير ما تحتمل مبانيها ومنطوقاتها مما يخرجها عن مقصودها والغاية منها ، وذلك لخدمة أجندات لا علاقة لها بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد ،
    وهذا يقتضي علماء الأمة الحقيقيين والأكفياء العمل على تمحيص كتب التراث لبيان صحيحها من سقيمها ، واعتماد ما يتوافق منها مع القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية الشريفة ومبادئ الإسلام التي أجمعت عليها الأمة عبر القرون الطويلة الماضية ، وذلك من خلال متابعة وتدقيق أسانيدها ورواتها ، فالعلوم الإسلامية إذا تم تفعيلها كما يجب فإنها تستطيع أن تمحّص كتب التراث وتنبذ كل ما علق بها من أباطيل موضوعة وإسرائيليات كاذبة وآراء تتسم بالإفراط والتفريط .
 
10- يرى البعض أن الخطر الإيرانى لا يقل خطورة عن الخطر الإسرائيلى ، فما هى رؤيتكم لأبعاد هذا المخطط فى المنطقه ؟ وكيف يمكن مواجهته ؟
     إن مشروع نظام الملالي في المنطقة يتسم بالخطورة البالغة كخطورة المشروع الصهيوني ، فهو يستهدف الاستيلاء على دول الطوق القريبة من الاحتلال لإضعافها ولو أدى ذلك إلى قتل مئات الألوف من الشعوب وتهجيرها كما هو حاصل في العراق وسوريا واليمن ، وكما يدبر للبنان والبحرين وغيرها من الدول ،
     فعلى شعوب وقادة المنطقة إدراك أهداف هذا النظام التي تتماهى مع المشروع الصهيوني بهدف التصدي له ، وذلك بوحدة الكلمة والموقف ، وبمقاطعة نظام الملالي وطرده من منظمة التعاون الإسلامي ، وبوقف الاتصالات معه ، وبقطع العلاقات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية .
 
11- هل ترى أن هناك ارتباطاً وتنسيقاً بين إيران وإسرائيل لاقتسام المنطقة ؟
     أعتقد أن كل المعطيات تؤكد وجود تنسيق كامل بين نظام الملالي والكيان الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية ، ولتحقيق أهداف ومصالح مشتركة بينهما في تأجيج الصراع الطائفي والمذهبي في المنطقة ، فنظام ولاية الفقيه يتماهى كثيراً مع الكيان الصهيوني في إجراءاته المخالفة للمواثيق والاتفاقيات الدولية ،
     وينبغي على الأمة أن تتنبه جيداً إلى ما يدور في المنطقة وتحلل الحداث فيها بدقة ، وإدراك الغاية من التصريحات العدائية الصادرة عن الطرفين ليل نهار ، فهو عداء ظاهري مفتعل لا ينطلي على عقلاء الأمة ، وغايته تحقيق هدف سياسي كبير يتمثل بخداع شعوب المنطقة واللعب بعواطفها لتسهيل تنفيذ مشروعيهما
     وكدليل على ذلك تقفز إلى الذاكرة فضيحة إيران جيت أو إيران كونترا التي أدت إلى انتهاء الحرب بين العراق وإيران عام 1988 ، فقد كشفت هذه الفضيحة عن التعاون بين الكيانين الغاشمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *