السياحة الحلال”، “النزل الحلال”، تسميات بدأت تظهر، ولو باحتشام، على الصحف الإلكترونية والمكتوبة، ومواقع التواصل الاجتماعي، بين متحمّس لذلك، طالما أنها لا تتجاوز القانون، وبين رافض لها، خوفاً من “أسلمة المجتمع”، وفق تعبير البعض من الرافضين لهذا النمط من السياحة.
وبدأت “السياحة الحلال”، و”النزل الحلال”، تستقطب أصحاب النزل السياحية، في الحمامات، والمنستير، خاصة وأنّ القطاع السياحي في تونس يعيش وضعاً صعباً نتيجة العملية الإرهابية، التي ضربت نزلاً سياحياً في مدينة سوسة السياحية، وكانت نتيجتها 39 ضحية من السياح الأجانب إلى جانب 38 من الجرحى.
وقال وزير المالية التونسي سليم شاكر، إن “القطاع السياحي الذي يشغل مئات الآلاف من التونسيين مهدد اليوم بالزوال.”، مشدداً على أنّ “القطاع السياحي اليوم في خطر”.
ومن جانبه؛ أعلن البنك المركزي التونسي الخميس الماضي، أنّ أعداد السياح الأجانب تراجعت بنسبة 36,7 في المئة في يونيو 2015 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما تراجعت عائدات السياحة بنسبة 23,6 في المئة مقارنة بنفس الفترة.
وضع صعب
وفي ظل هذا الوضع الصعب، الذي أدى إلى إغلاق عديد النزل السياحية في عديد المناطق السياحية الجميلة نتيجة مغادرة نحو ثلاثة آلاف سائح أجنبي لنزل تونسية بعد العملية الإرهابية، وإلغاء آلاف الحجوزات، كان لا بدّ من البحث عن بديل يعوّض قليلاً من كثير، من الخسائر التي يتكبدها القطاع السياحي في تونس، والذي يشغّل أكثر من 400 ألف عامل على الأقل، فكان أن عمد أصحاب النزل السياحية إلى الإعلان عن تخفيضات لتشجيع السياحة الداخلية، وهو ما فتح مصدراً جديداً وسجلت النزل بعض الانتعاش، خاصة في ظلّ إقبال آلاف السياح الجزائريين لقضاء إجازتهم في بعض المناطق السياحية المحببة لديهم مثل طبرقة وسوسة والحمامات والمنستير وجربة، وغيرها.
مطلب السّيّاح
ويطالب السياح الجزائريون، وكذا العائلات التونسية المحافظة، بهذا النوع من “السياحة الحلال” في “نزل حلال”، يوفر أجواء عائلية محافظة، وأماكن مخصصة للعائلات وتلتزم بضوابط الدين الإسلامي، وعدم توزيع المشروبات الكحولية، وتخصيص فضاء لأداء الصلاة جماعة، وتوفير مسبح مغطى للسيدات.
وفعلاً كانت البداية بنزل سياحي في مدينة المنستير الساحلية والسياحية الجميلة (وسط)، وكان أن تمّ توفير كلّ مستلزمات “السياحة الحلال” في “نزل حلال”، شهد إقبالاً كبيراً من السيّاح الباحثين عن هذا النوع من السياحة.
وبعد أن انتشر الخبر، وتحدثت عنه الصحف والقنوات التلفزيونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، عرض نزل سياحي ثان في مدينة الحمامات السياحية، هذا النوع من السياحة، موفراً عروضاً مغرية، للتشجيع على الإقبال على الإقامة في النزل، وبالتالي إنعاش القطاع السياحي.
وخفّض أحد النزل، ذي الثلاثة نجوم، أسعاره من 85 ديناراً (45 دولار) إلى 75 ديناراً (40 دولار) للفرد الواحد وفي الليلة الواحدة.
دعوات للمنع
وردّ الدكتور سامي براهم، أستاذ الحضارة الإسلامية، على دعوات بمنع هذا النوع من “السياحة الحلال”، قائلاً: “منذ أن ظهر في تونس شكل جديد من السياحة الداخلية، في نزل تونسيّة، بضوابط خاصّة لا تتعارض مع القوانين التونسية، و أصوات الإرهاب الحداثوي، تشنّ حملات الإدانة وتطلق دعوات المنع والمصادرة وتؤلّب السلطات العمومية لإيقاف هذه التّجربة الوليدة بدعوى تهديدها لنمط المجتمع المزعوم الذي يريدون إسقاطه على تونس وفرضه بقوّة الدّولة و القانون”.
وأضاف براهم، “الدعوة إلى منع هذا النوع من السياحة الداخلية الذي لا يخالف القانون المنظم للقطاع ويخضع لكراس الشروط، هو مصادرة للحريات العامَّة والخاصة وشكل من أشكال الإرهاب الرمزي الذي لا يختلف عن الإرهاب الذي استهدف السياح الأجانب في مدينة سوسة، إلاّ في الشكل والصورة والحجم، لكنّ الخلفية هي نفسها: المصادرة على السلوك العامّ والحريات الشخصيّة والقتل على الهويّة، سواء كان قتلاً مادياً أو معنويّاً”.
الترويج بالإثارة
وأوضح المندوب الجهوي للسياحة بالمنستير، محمد مهدي الحلوي، أنّ “حقيقة النزل الإسلامي في المنستير تمّ الترويج لها بهدف الإثارة.”، مؤكداً أنّ “هذا النزل متحصل على ترخيص بطريقة قانونية وفقاً لكراس الشروط الموضوعة والمحترمة.”
وأضاف الحلوي في تصريح صحافي، أنّ “مسألة التصنيف بين نزل حلال ونزل حرام غير مدرجة في كراس الشروط الخاصة بالنزل الخاضع للمراقبة، التي تنسحب على أيّ نزل بخصوص الالتزام بقواعد العمل”.
وتعتبر تونس ضمن الدول العشر الأولى في “السياحة الحلال”، بتوفير ظروف مناسبة للعائلات المسلمة والمحافظة.
ويزدهر هذا النوع من “السياحة الحلال” في ماليزيا والإمارات العربية المتحدة وتركيا وأندونيسيا و السعودية وسنغافورة والمغرب والأردن وقطر ثم تونس.
ويحتل قطاع “السياحة الحلال” نحو 13% من سوق السياحة العالمية، حيث قدّرت قيمة معاملاته بنحو 140 مليار دولار خلال العام 2013، وينتظر أن ترتفع المداخيل إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2020 بعد أن كان لا يتجاوز 126 مليار دولار في 2011.