بقلم/ مونية لخذاري.
الجزائر.
تجره قدماه إلى حيث بائع البطاقات يسأله إلى أين ؟ يشير بإماءة رأسه هناك ، يسأل مرة أخرى وحدك ؟
يبتسم يرفع فنجان القهوة بيده اليسرى يدخل يده اليمنى يخرج سيجارته من جيب معطفه كانه يخبئها ، فحبيبته لا تحب التدخين . والسيجارة الوحيدة من تنعشه بعد كل لقاء ، تجعل بوحه دخانا بلا أن يلومه أحد.
أخرج السيجارة أمسكها بشفتيه وبكبسة واحدة ضغط على القداحة وهو ينظر للاشتعال والى عيني صاحب البطاقات ، يعيدها لجيبه ، ويستنشق رشفة منها . صمت و زفير بطيء مع كومة دخان .
– نعم ، جاءت مع صديقتي وهو ينظر إلى أصابع يده .
لم يجلس مع حبيبته يوما هنا لكنه كلما دخل الغروب يهرول ليمسك ما تبقى من عطرها يضمه من خلال الأماكن . يسمع حفيف الشجر ينادي باسمه بصوتها ، يخفق قلبه كلما اقترب من المقعد . كان يراها هنا جالسة ، يلف في مكانه حول نفسه يعود للمقعد يراها تبتسم ، تطبطب على ركبتها . يعود للوراء ، تمد يدها ، تتمتم فتجره أنفاسها كصبي يحبو إليها .
يجلس على الأرض ينكمش ، يضم صدره لسقيه ، يسمع فقط أنفاسه ونغم الحفيف يحمل صوتها يناديه..
الصوت يقترب ، يقترب ، يقف بفزع بطوله ردة فعل انتابته عندما وضع بائع البطاقات يده على كتفه ” يا سيد.. أنت بخير ، قم من الأرض مبللة ” .
معطفي فوق المقعد ، خاوي منك ، ألمسه ، أستشعر أنفاسك تمر على وجهي ، تلمس خصلات شعري ، عطرك يشدني من صدري ، يعانقني ، يُدَوِر رأسي لكل الجهات ، كأنك تتعمدين السقوط فوق جلوسي ، افتراشي كبساط…
وتهربين بقهقهتك نبيذ المسامع ، أتجرعها بلا حساب عن كثب. يتدفق جسدك ملتهبا نحوي ، ونحوه أنا اختصر مسافة الامتزاج . أمسك بك أخيرا اغمض عيني اتنفس بعمق عطرك ، افتحهما ببطء ، أشعر بيد باردة ، باردة ، ومقابل وجهي بائع البطاقات يضعني من كتفه فوق السرير .
_________
منتدى النورس الثقافي الدولي.