قليلٌ من المؤمنين من يدعون لإخوانهم المؤمنين في ظهر الغيب، ولهذا نجدهم لا يخصّصون الدعاء بشخص معيَّن بعينه إلّا دعاءً عابراً، وفي دعائهم العابر: (اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات) وعند هذا الحدّ انتهى الدعاء. كان الإنسان المؤمن من السّلف الصالح يقصد الجامع ليدعو له ولوالديه ولإخوانه المؤمنين والمؤمنات وبإلحاح شديد وقت الأذان وقبل انفلاته من الصلاة ويخصّص الدّعاء بالاسم. وما أروع الدعاء الذي يصل الحجب من أشخاص لا تعرف بأنّهم قد دعوا لك دعوة في ظهر الغيب وبلسان لم تذنب به. يقول أهل الفضل: من أجمل ما تهديه لأخيك أن تدعو له وتقول: (اللهم ألبسه لباس التقوى، واكفه ما أهمّه، وأسعده بطاعتك، وارزقه من واسع كرمك، واحفظه من كلّ شر، وفرّج همّه، وأسعد قلبه، وأرح باله، واغفر له ولوالديه، ياذا الجلال والإكرام). ومثل هذا الدعاء وغيره يحمل حجماً لا يتصوّره الإنسان من مغفرة، إنّ أصغر الدعوات، مثل: (غفر الله لك) أو (رحمك الله) أو حتى: (بارك الله فيك) فلن يتصوَّر الدّاعي أو المدعو له بحجم عظمة قبولها. ما أحمل أن يحمل كلٌّ منّا في مكامن نفسه المعزّة والتقدير والخير والصلاح والتقدير والمودّة وندعو لبعضنا البعض بالخير والتوفيق والمغفرة والسُّؤدد والنجاح والفلاح.