أثار مشروع قانون “المصالحة الاقتصادية والمالية” جدلاً واسعا في تونس بين مؤيد ومعارض لهذا القانون المتعلق بقضايا الفساد المالي، والاعتداء على المال العام.
وكان الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، أعلن عن مشروع المصالحة الوطنية في 20 آذار/ مارس الماضي، بالتزامن مع مناسبة عيد الاستقلال. وينتظر أن يعرض مشروع القانون بعد تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، على البرلمان، للمصادقة عليه.
وقال الأمين العام لحركة “نداء تونس”، محسن المرزوق، إن “مشروع المصالحة الاقتصادية والمالية، وسيلة لإرجاع ديون الدولة من رجال الأعمال المتهربين من دفع الضرائب، الذين حولوا جزءا من أرصدتهم إلى بنوك أجنبية، وأيضا من رجال الأعمال الذين استثمروا أموالهم بالخارج”.
وأضاف المرزوق أن “هناك فئة أخرى معنية بهذا المشروع، وهم مجموعة رجال الأعمال الذين وقعت مصادرة أملاكهم، فهم مطالبون بدفع كل ما تخلد للدولة من ديون وجباية حتى تندمج مؤسساتهم من جديد في الحركة الاقتصادية”.
وشدد على أن “عقوبة السجن غير مجدية في مثل هذا الوضع، لذلك تم تحديد العقوبة بخطية مالية إلى جانب أصل الدين لتمويل مشاريع إنمائية في المناطق المحرومة داخل الجمهورية”.
وأكد على أن حزبه “منفتح على التعديلات حول هذا المشروع، وسيتقدم باقتراح لتغيير اسم المشروع ليصبح قانون الصلح وتنمية المناطق الداخلية”.
في المقابل، رأت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، أن “المصالحة الاقتصادية والمالية تعطل سير منظومة العدالة الانتقالية التي تم اعتمادها بسن القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المؤرخ في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2013″.
كما أعرب الائتلاف المدني بمختلف مكوناته عن رفضه لمشروع القانون الأساسي عدد 9 لسنة 2015 المتعلق بإجراءات المصالحة في المجال الاقتصادي والمالي.
ويكرس مشـروع القانون، عدالة تصالحية في مجال الانتهاكات المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام مع الحفاظ على كشف الحقيقة وجبر الضـرر المالي. ويعتمد المشروع إجراءات خصوصية وآجال مختصرة تستجيب لمتطلبات تهيئة مناخ ملائم للاستثمار وتعزيز ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
ورغم حالة الطوارىء في تونس، خرجت مظاهرات حزبية بشارع الحبيب بورقيبة، معربة عن رفضها لقانون المصالحة. وواجه الأمن هذه المظاهرات بالقوة.
واعتبر متابعون سياسيون أن “الطرف الأكثر تضررا من قانون المصالحة الاقتصادية والمالية، هو حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وفي شخص أمينه العام عماد الدايمي”.
وقالوا إن “أمين عام حزب الرئيس المؤقت السابق عماد الدايمي وإخوته عمدوا خلال فترة حكم الترويكا إلى مساومة العديد من رجال الأعمال مقابل حريتهم وعدم التعرض إليهم بضخ بعض الأموال إلى بعض الجمعيات التي هي تحت تصرف الأخوة الدايمي”.
وهنا يكمن الخلاف بين “المؤتمر من أجل الجمهورية” من جانب و”الجبهة الشعبية” وبعض مكونات المجتمع المدني والسياسي من جانب آخر، حول الطرح الأيديولوجي للقانون، إذ أن الطرف الأخير ينطلق من ثوابت سياسية تؤكد على ضرورة المحاسبة قبل المصالحة حتى في الشأن الاقتصادي.