يقول المراقبون إن الرئيس الفرنسي يعتزم خلال هذه الزيارة تعزيز العلاقات الاقتصادية بين فرنسا والمغرب في وقت قد تخطف فيه إسبانيا من فرنسا المرتبة الأولى كشريك تجاري للمملكة. لكن باريس لا تزال تقاوم، لأن فرنسا لا تزال الشريك الاقتصادي الأول للرباط بفضل استثماراتها الكبيرة.
ففي خلال نهاية هذا الأسبوع سيجري فرانسوا هولاند في طنجة عدة لقاءات مع العاهل المغربي الذي سيزور برفقته موقعا لصيانة مشروع خط القطارات السريعة طنجة- الدار البيضاء الذي من المقرر أن يدخل في الخدمة في 2017 -2018. وتجدر الإشارة إلى أن أول قطار من قطارات عالية السرعة (TGV) في المغرب قد سُلم من قبل المجموعة الصناعية الفرنسية ألستوم، في يونيو حزيران.
التوقيع على “نداء طنجة”
وسيزور هولاند أيضا ميناء طنجة، ثاني موانئ المغرب والمنفذ الهام بين أوروبا وأفريقيا. وقال دبلوماسي فرنسي “هذان الموقعان يجسدان إلى حد كبير إرادة التعاون، والشراكة بين فرنسا والمغرب”. أضاف هذا الدبلوماسي “هناك حقا منطق التعاون والشراكة، مع تمتع كل طرف بحصته من القيمة المضافة”.
ومن بين المواضيع التي تم تناولها في النقاش بين الطرفين: المناخ، حيث من المتوقع أن يوقع فرانسوا هولاند مع محمد السادس “نداء طنجة” في إطار الاستعداد لمؤتمر(COP 21) الذي سيعقد في باريس في ديسمبر.
وسيستضيف المغرب COP 22، وهو بذلك البلد المغاربي الأول الذي قدم مساهمته، بهدف الانتقال إلى الطاقة المتجددة بنسبة 42٪ بحلول عام 2020. ومن المتوقع أن يضع الزعيمان حجر الأساس لمعهد للتدريب في مجال مهن الطاقات المتجددة والكفاءة الطاقوية، بتمويل جزئي من الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD).
وترى لوبوان في تحليلها أن هذه الزيارة التي يرافق فيها هولاند عددٌ من الوزراء تؤكد أن “التنمية الاقتصادية بين البلدين تكتسي أهمية بالغة. فالعديد من الشركات الفرنسية تبحث عن النمو، في مجال صناعة السيارات، والبناء، والنقل على وجه الخصوص ولكن الأولوية ستوجه لمكافحة الإرهاب، حيث أصبح تبادل المعلومات بين الشرطة الفرنسية والمغربية أمرا حيويا.
ضوضاء جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان
على الرغم من هذا الطوفان من المبادرات، هناك أصوات تريد أن تضع الأصبع على عناصر الخلاف. وهكذا فإن الجدل محتدم بشدة حول رئيس المخابرات المغربية المضادة، المستهدف بالشكاوى في فرنسا بسبب التعذيب.
لقد أعربت جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان بالفعل عن قلقها يوم الخميس من أن تكون زيارة الرئيس الفرنسي فرصة لمنح وسام جوقة الشرف لرئيس المديرية العامة لمراقبة الإقليم عبد اللطيف حموشي. لكن حاشية الرئيس نفت رسميا تسليم هذا الوسام خلال الزيارة الرئاسية، قائلة أن هذه المعلومات “عارية عن الصحة”.
وللتذكيرففي فبراير كان وزير الداخلية برنار كازينوف نفسه قد أعلن أن باريس سوف تمنح قريبا وسام جوقة الشرف للسيد حموشي لدوره في الحرب ضد الإرهاب. وكانت الرباط قد علقت جميع اتفاقيات التعاون القضائي مع باريس من فبراير 2014 إلى يناير 2015، بعد استدعاء السيد حموشي من قبل قاضي التحقيق في باريس الذي يحقق في العديد من ملفات شكاوى الجمعيات. وكانت سلسلة من التجاوزات الدبلوماسية قد فاقمت الأزمة قبل أن ينهي هولاند البلبلة باستضافته محمد السادس في قصر الاليزيه يوم 9 فبراير، بعد توقيع اتفاق قضائي جديد مع المغرب.
“طُي الصفحة”
في باريس، تعتبر الصفحة مطوية في هذه القضية. وفي هذا الشأن يقول أحد الدبلوماسيين الفرنسيين “منذ عدة شهور ونحن لم نعد في المصالحة، بل في استئناف العلاقات الكثيفة”.
لكن بعض المحللين يرون أن الانتقادات لم تتوقف عند هذا الحد. إذ في عشية زيارة السيد هولاند، نددت منظمة مراسلون بلا حدود بـ “الوضع الحالي لحرية الإعلام” في المغرب ” حيث أن انتقاد المواضيع المحرمة مثل النظام الملكي أو سلامة أراضيه يمكن أن يؤدي إلى عقوبات شديدة “.
وقد انتقد الحزب الشيوعي الفرنسي “الزيارة غير المرحب بها في بلد يسوده الفساد والإفلات من العقاب، وحيث عدم المساواة الاجتماعية والفقر يسوءان ويسودان أكثر فأكثر، وحيث قمع الشرطة والسجن هما مصير الديمقراطيين والنقابيين”.