تتوالى التحولات في مواقف الدول الغربية وبشكل مفاجئ بعد مطالبات مستمرة منها ومنذ اندلاع الأزمة السورية بضرورة تنحي الرئيس بشار الأسد كشرط مطلق لأي تسوية ممكنة في سوريا.
فبعد التبدل الذي طرأ مؤخرا على موقف واشنطن حيال سبل التسوية في سوريا، وفي أعقاب تخلي البيت الأبيض عن شرط رحيل الأسد، ها هي باريس تعلن اليوم وعلى لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس أن تنحي الأسد لا يمكن أن يبقى مطلبا مطلقا لا يقبل التغيير، وإلا فإن الأوضاع في سوريا سوف تؤول إلى ما يعانيه العراق بعد انهيار مؤسسات الجيش والدولة فيه.
وعليه فقد ذكرت وكالة “رويتر” أن فابيوس أكد في حديث أدلى به لصحيفة “لوفيغارو” أن بلاده لن تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد كشرط مسبق لمحادثات السلام.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن فابيوس قوله في عددها الصادر يوم الثلاثاء 22 سبتمبر/أيلول: “إذا اشترطنا أن يتنحى الأسد حتى قبل أن تبدأ المفاوضات فلن نحقق الكثير.
وأضاف فابيوس أن فرنسا تعتقد أن الحل الدبلوماسي سيتطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم عناصر من حكومة الأسد “لتجنب تكرار الانهيار الذي حدث في العراق”.
وردا على سؤال عما إذا كان مطلب رحيل الأسد هو شرط مسبق لبدء أي حل تفاوضي، أضاف فابيوس: “أي مفاوضات سيكون مصيرها الفشل إذا قلنا: مهما حصل فإن مستقبل سوريا هو بشار الأسد. ولكن أيضا إذا طالبنا حتى قبل أن تبدأ المفاوضات بأن يقدم الأسد اعتذارات، فنحن أيضا لن نحرز أي تقدم”.
وفي معرض تعليقه على المقترح الروسي القاضي بتشكيل تحالف دولي واسع تشارك فيه دمشق ضد تنظيم “داعش”، أشار فابيوس إلى أن “موسكو ذكرت أنها تريد تحالف حسن نوايا. فلم لا؟ وأردف قائلا: “لكن كيف يمكن للنوايا الحسنة أن تضم الأسد؟”، مشددا على أن باريس تعتبر أن الأسد هو المسؤول الأول عن الفوضى الراهنة في بلاده وأن اعتباره مفتاحا للحل هو مجرد “وهم”.
وردا على سؤال عن الطلعات الاستطلاعية التي باشرت مقاتلات فرنسية القيام بها في الأجواء السورية تمهيدا لشن غارات محتملة ضد تنظيم “داعش” بعدما كانت باريس ترفض المشاركة في شن هكذا غارات خشية أن تصب في خانة تعزيز قوات الأسد، أكد فابيوس أن الموقف الفرنسي المستجد نابع من مبدأ “الدفاع المشروع عن النفس”.
وتابع: “لقد وردتنا معلومات دقيقة مفادها أن عناصر من داعش في سوريا يحضرون لشن اعتداءات ضد فرنسا ودول أخرى”، من دون مزيد من الإيضاحات.
تجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد وسعت في 8 سبتمبر/أيلول الجاري عملياتها الجوية التي كانت تنفذها في العراق ضد تنظيم “داعش” لتشمل سوريا.
هذا وعدلت الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل مماثل أيضا عن مواقفهما بشأن سوريا في الوقت الذي تكثف فيه روسيا دعمها للأسد في مواجهة داعش بتعزيز حشدها العسكري في سوريا.
من جهته قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في تصريح يوم السبت الماضي إن توقيت رحيل الأسد عقب إبرام اتفاق سلام سيكون قابلا للتفاوض.