تناولت دراسة لمركز البحرين للدراسات والبحوث ما يفسره البعض خطأ حول ما فعله “داعش” في ليبيا بحق المصريين العزل أبناء السبيل الذين يقر لهم النص الإسلامي حقا في الزكاة، من منظور سياسي بحت، أو أنه مدفوع من دول، ويخطئ البعض أكثر في حصر ما يحدث على الإسلام السني فقط، ذلك أن الأمر ابتداءً لا ينعزل عن عودة الردة في هذه الأمة، وهو أمر مستحيل أن يكون محصورا على أمة دون أخرى، فالظاهرة التي نحن بصددها وإن كانت قريبة الانتساب من جماعات تكفيرية تنتمي للمذهب السني فإن خوارج المذهب الشيعي هم الآخرون موجودون ولكنهم لا زالوا في مرحلة الاستضعاف وماهي إلا سنوات وسينقضون على العالم السني الكافر، بحسبهم، هم الآخرين، لتشتعل المعركة في النهاية وتسقط المنطقة بأكملها ويتحقق السيناريو الذي يرسمه الأعداء لنا.
وإذا كانت الثيوقراطية السنية تعتمد على تشكيل العصابات المسلحة في صحراء الدول، فإن الثيوقراطية الشيعية تحميها دول وكيانات كبيرة، واعتمدت منذ بدايتها على تكوين كيانات حقيقية رسمية في البلاد العربية، ففي لبنان نجحت في زرع حزب الله المعترف به رسميا في لبنان رغم حروبه العديدة مع الدولة، وفي سوريا النظام نفسه علوي يكفل حرية ممارسة الشعائر والمذاهب بكافة أنواعها وغير معتن بالتنوع المذهبي أو حتى التحول فيه، بينما العراق تسيطر عليه الطائفية تماما وتحكمه الثيوقراطية الشيعية التي تستبيح قطعة من الجسد العربي وتشوه حضارتها العريقة، وفي البحرين تم زرع حركات المعارضة في أسماء جمعيات سياسية معترف بها أيضا، وكانت حتى وقت قريب تشارك في مجلس النواب، قبل أن تلفظ نفسها وتتجه إلى العزلة السياسية لصالح الردة الثيوقراطية ومن ثم يلفظها الشعب.
إذن فعند ظهور الثيوقراطية الشيعية إلى العالم، وهي الآن تتم خطتها الرئيسية للانقضاض على المنطقة، لن يكون الأمر مجرد كيانات وهمية مثل “داعش” و”فجر الإسلام” و”بيت المقدس” و”القاعدة” ولكنها ستكون دولا وكيانات رسمية تقف ورائها دولا بأكملها، الأمر الذي سيشعل حربا حقيقية في المنطقة ستتعرض جميع الدول لآثارها المدمرة، حتى التي تحسب نفسها بعيدة، مثل دول شمال أفريقيا والسودان، وهذا لن يستغرق إلا طرفة عين فجميع الخلايا الشيعية جاهزة في معظم الدول ولا ينقصهم سوى ساعة الصفر، ولنا في البحرين نموذجا فما فعله “داعش” من نقل صور لأطفال ماتوا في دولة أخرى على أنه نتيجة القصف المصري لمواقع التنظيم في ليبيا، فعلته المعارضة في البحرين في2011، وجميعنا يذكر، بنقلها صورا لأطفال فلسطين على أنهم أطفال البحرين الذين قصفهم النظام البحريني بزعمهم، إذن فطريقتهم واحدة، الأمر الذي يحتم على جميع ملوك وأمراء ورؤساء العرب التعاون الفعلي من أجل مواجهة هذا الخطر، الحالي والمقبل، ودعم الدول التي تحارب وحدها في معركة من أجل الأمة كلها، فاليوم البحرين تحارب إيران وحدها، دون حتى تسليط الضوء في الإعلام العربي على القضية البحرينية كقضية أمة، وكان أولى بالمثقفين العرب، وبعد سقوط النظام العراقي وسقوط الدولة العربية السنية، أن يحذروا من مغبة الخلايا الشيعية النائمة في الوطن العربي، لاسيما في البحرين، التي تمتلك خبرة واسعة في التعامل مع الثيوقراطية الشيعية، حيث نشرت صحيفة “ديلي تليجراف” مقالا لسمو الأمير ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، حيث كتب يقول إن الإرهاب ما هو إلا “أداة لمعتنقي الأيديولوجيات المنحرفة، وأن العالم لا يحارب إرهابيين فحسب، وإنما يحارب “ثيوقراطيين” تدثروا برداء الدين، وهو منهم براء، معتبرًا أن ما أسماه بالمواجهة والحرب الجارية ضرورة لا بد منها ضد “هؤلاء الذين يحاولون اختطاف الأديان وفرض إرادتهم على المؤمنين بها”، واصفا إياهم بأنهم “يشترون الضلالة بالهدى، ويحيدون عن النهج القويم والتعاليم التي نؤمن بها كي يبلغوا غاياتهم الخاصة” في تعبير حقيقي عما يحدث في المنطقة اليوم، فلماذا لا يتم تشكيل جيش عربي موحد لمحاربة ودعم نضال الدول في مواجهة داعش السنية وداعش الشيعية، لا سيما وأن الإمارات العربية المتحدة أعلنت دخلوها في الحرب بجوار مصر وفتحت مجال جوي بين أبو ظبي والقاهرة لمد الجيش المصري بجميع احتياجاته في هذه الحرب، وأيضا البحرين كانت من الداعين منذ البداية لتوجيه ضربة مجمعة قوية ضد الإرهاب في العراق وسوريا؟
إنها الضرورة الملحة لهذه المرحلة، فإما أن تتطهر وإما تغرق في براثن الثيوقراطية الدينية ونغرق جميعا معها.