اكد سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان في كلمة له امام المعزين في مصاب الامام الحسين(ع ) انه مع اقتراب ذکرى عاشوراء الحسين”ع”، والتي نراها واحدة من المناسبات الدينية التي يستوجب احترامها واعطاؤها الاهمية والمکانة اللازمة التي تستحقها عبر احيائها بالطريقة التي تعمق من محتواها و عمقها الانساني والحضاري والتربوي بما يخدم ما ضحى من اجله الحسين وليس العکس أو النقيض من ذلك.
ولفت العلامة الحسيني الى ان قضية الحسين التي أکدنا طوال الاعوام الماضية على انها قضية فکرية ذات محتوى أخلاقي يهدف إلى تقويم الانسان وإرشاده لما هو أفضل و اجدى، للأسف نجد أن الکثير من المظاهر الغريبة أساسا عن القضية والتي ماکان يمکن ابدا للحسين أن يقبل ويقر بها، تطغى عليها وان رهطا کبيرا يسعون لجعلها مواسم ندب و بکاء وتطبير و لطم وصراخ و عويل، حتى إنك قد لاتجد بين العديد من هٶلاء الرهط من لايفهم شيئا مفيدا عن حقيقة وواقع قضية الحسين ومراميها الاصلاحية و الانسانية الثرية.
واشار الحسيني أن عاشوراء التي ستهل علينا بعبق أريجها الفکري المعنوي الفواح، من المٶسف أن نجد من يستعد لإحيائها بالتطبير وسفك الدماء ليعبر من خلال ذلك عن حبه وإيمانه بالحسين، لکننا نٶمن تماما بخطأ وعدم جواز هذا المنحى الدموي، لأن عاشوراء هي ذکرى حية وتطل علينا کل عام لإحيائها و الاحياء لا و لن يکون عبر التطبير و سفك الدماء ابدا والتي توحي للموت والدمار وانما عن طريق آخر يوحي فعلا بالاحياء الذي هو مشتق من الحياة، کالتبرع بالدم، ذلك أن تتبرع بالدم لإنقاذ مريض او حالة طارئة أفضل بکثير من سفکه عبثا من دون طائل.
واضاف إننا من موقعنا الاسلامي ونحن على مشارف مناسبة عاشوراء، ندعو و نحث شيعة العرب في کل أنحاء الوطن العربي وسائر أرجاء العالم، إلى الانتباه الى حقيقة أن إحياء مناسبة عاشوراء وتخليدها ومنحها المکانة و الاعتبار اللازمين إنما يکون عن طريق مظاهر وتصرفات ومعطيات توحي بالحياة وديمومتها وتبعث على الامل و التفاٶل وماهو الافضل بالنسبة للناس، ذلك ان قضية الحسين هي أساسا قضية معطاء، قضية تبعث على الخير والحق والحب و التفاٶل و الامل وليست وسيلة للبکاء و العويل ولسفك الدماء والمظاهر السلبية الاخرى التي لاتخدم أبدا هذه القضية لامن بعيد ولامن قريب.
وطالب العلامة الحسيني شيعة العرب بإحياء عاشوراء بالتبرع بالدم و ليس بالتطبير والضرب بالسلاسل و ماشابه، فإننا لسنا نأتي برأي غريب و شاذ بهذا الصدد، ذلك ان هناك العديد من العلماء و المراجع الشيعة الاجلاء ممن وقفوا ضد ظاهرة التطبير بشکل خاص وضد ظواهر أخرى تساهم في حرف المعنى والقيمة الاعتبارية لقضية الحسين عموما ولمناسبة عاشوراء خصوصا.
وذكر الحسيني من باب الفائدة بما أفتى به آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله”طيب الله ثراه” بهذا الخصوص عندما قال (… كضرب الرأس بالسيف أو جرح الجسد أو حرقه حزنا على الإمام الحسين (عليه السلام) فانه يحرم إيقاع النفس في أمثال ذلك الضرر حتى لو صار مألوفا أو مغلفا ببعض التقاليد الدينية التي لم يأمر بها الشرع ولم يرغب بها.)،
أو ماقد أفتى به آية الله العظمى السيد محسن الأمين بنفس السياق: (…. كما ان ما يفعله جملة من الناس من جرح أنفسهم بالسيوف أو اللطم المؤدي إلى إيذاء البدن إنما هو من تسويلات الشيطان وتزيينه سوء الأعمال.) ناهيك على ماأکده العلامة الشيخ محمد جواد مغنية والذي فيه الکثير من التوضيح و وضع النقاط على الاحرف حينما أفتى بالقول: (…. ما يفعله بعض عوام الشيعة في لبنان والعراق وإيران كلبس الأكفان وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في العاشر من المحرم ان هذه العادات المشينة بدعة في الدين والمذهب وقد أحدثها لأنفسهم أهل الجهالة دون ان يأذن بها إمام أو عالم كبير كما هو الشأن في كل دين ومذهب حيث توجد فيه عادات لا تقرها العقيدة التي ينتسبون إليها ويسكت عنها من يسكت خوف الاهانة والضرر.).