جدل واسع حول استقلالية المحكمة الدستورية في تونس

 
شهدت الجلسة العامة بالبرلمان التونسي، والمتعلقة بنقاش مشروع قانون المحكمة الدستورية في تونس، جدلاً وخلافاً حادّين أدّيا إلى توقف المصادقة على فصول القانون، بعدما تبيّن لعدد من النواب تراجعاً عمّا تم الاتفاق بشأنه بخصوص الفصل السابع من هذا القانون، وهو ما اعتبره نواب المعارضة “انقلاباً على توافق سابق وتهديداً لاستقلالية هذا المرفق وحياديته”.
وقد قاطع نواب أحزاب المعارضة الجلسة العامة، للضغط على أحزاب الائتلاف الحكومي بالتراجع والعودة إلى التوافق بخصوص الفصل السابع من مشروع قانون المحكمة الدستورية، القاضي بتمكين المنتمين إلى الأحزاب السياسية من الترشح لعضوية المحكمة.
وانسحب نواب الجبهة الشعبية والمؤتمر من أجل الجمهورية والتيار الديمقراطي وحركة الشعب من الجلسة، احتجاجاً على عدم التوافق بشأن الفصل السابع.
ضد المحاصصة
وأوضح النائب في الجبهة الشعبية “زياد الأخضر”، أنه “تم التوافق مسبقاً في مستوى لجنة التشريع العام، ولكن تم التراجع عن ذلك، فتغيير الفصل السابع يقلبه رأساً على عقب”، مؤكدا أنّ “التونسيين اليوم في حاجة إلى محكمة دستورية، تحمي الحقوق والحريات، ونحن اليوم في مرحلة تأسيسها”.
وشدد الأخضر، على أنّ “ما نطلبه اليوم، هو أن تكون الشخصيات المكوّنة للمحكمة الدستورية مستقلّة وغير منتمية إلى أحزاب دستورية”، مشيراً إلى أنّ الحزبين الكبيرين نداء تونس وحركة النهضة “يعملان من أجل محاصصة حزبية داخل المحكمة الدستورية وتفصيلها على المقاس، وهذا لا يمكن أن يطمئننا على مستقبل ونجاح مسار الانتقال الديمقراطي، الذي نعمل على بنائه معاً لمصلحة تونس ومستقبل شعبها”.
من جانبه، شدّد النائب “حسان العماري” عن حزب نداء تونس، على أنه “تمّ الاتفاق على أن لا يكون المترشحون للمحكمة الدستورية من القيادات الحزبية، وأن لا يكونوا قد تحملوا مسؤوليات مركزية أو محلية، أو سبق أن ترشحوا لقوائم انتخابية أو انتخابات رئاسية، وهذا ما سيتمّ التنصيص عليه”.
وأوضح العماري، في تصريح صحفي، أنّه “لا يمكن حرمان من يستحق التواجد ضمن تشكيلة المحكمة الدستورية من حق الترشح، وبالتالي عدم الإقصاء”.
أما أستاذ القانون العام، ورئيس اللجنة الخاصة بإعداد مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية بوزارة العدل، أمين محفوظ، فأكد أنه “كان بالإمكان ربح شهرين على الأقل في مناقشة مشروع قانون المحكمة الدستورية في لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب”، مضيفاً في مداخلة خلال ندوة دولية حول “المحكمة الدستورية بين مقتضيات التأسيسي الدستوري وآفاق البناء التشريعي”، أنّه “لا يجب على السلطة التنفيذية التدخل البتة في هيكلة المحكمة الدستورية أو عملها”.
دعم.. ودعوة للتراجع
وأصدرت الجبهة الشعبية (مجموعة من الأحزاب الشيوعية والقومية)، بياناً ساندت فيه بقية الكتل النيابية، “التي تمسّكت باستقلالية أعضاء المحكمة الدستورية وعدم تحزّبهم”، معتبرة أنّ التوافق “لا يجب أن يكون حاملاً لنقيضه، أي أن تفرض الأغلبية العددية موقفها على الكتل الأقلّ عدداً كأمر واقع، وهذا لا تقبله الجبهة الشعبية ولا كتلتها”.
ودعت الجبهة الشعبية، أحزاب الائتلاف الحاكم إلى “التراجع عن الهروب إلى الأمام في مسائل نراها مصيرية ومحدّدة في مستقبل العدالة والقضاء، كمسألة المحكمة الدستورية”.
وجاء في الفصل 118 من الدستور التونسي، أنّ “المحكمة الدستورية، هيئة قضائية مستقلة، تتركّب من إثني عشر عضواً من ذوي الكفاءة، ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون، الذين لا تقل خبرتهم عن عشرين سنة”.
ويعيّن كل من رئيس الجمهورية، ومجلس نواب الشعب، والمجلس الأعلى للقضاء، أربعة أعضاء، على أن يكون ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون. ويكون التعيين لفترة واحدة مدّتها تسع سنوات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *