ازدياد حدة التضييق على اللاجئين السوريين في تركيا

 بعد التفاؤل الذي أبدوه بتحسين أوضاعهم، عقب فوز حزب العدالة والتنمية، ذي الجذور الإسلامية، بالغالبية التشريعية، في الانتخابات الماضية، أصيب اللاجئون السوريون بخيبة أمل جراء الإجراءات الرسمية المتشددة حيالهم.
وتحرم حزمة الإجراءات الجديدة، اللاجئين السوريين ونظرائهم العراقيين، من فتح حسابات مصرفية جارية في تركيا، بحجة قطع طريق إمداد تنظيم  “داعش”  بالأموال.
وتأتي الإجراءات الجديدة عقب سلسلة من التضييق على اللاجئين السوريين، يأتي على رأسها إغلاق الحدود البرية مع سوريا.
كما تلزم الحكومة التركية، الطلبة السوريين من الراغبين في إكمال دراستهم في الجامعات والمعاهد التركية، باجتياز اختبارات تكميلية لتأكيد المستوى الدراسي وصحة الشهادات التي يقدمونها، بذريعة الحد تزوير وثائق الهوية والشهادات التعليمية الخاصة باللاجئين.
ويرى ناشطون، أن في الإجراءات الأخيرة تراجعاً في المكاسب، التي سبق أن منحتها الحكومة للسوريين، منذ تبنيها سياسة الباب المفتوح، مع بدء الأزمة السورية، في آذار/مارس 2011.
ومن أبرز مطالب السوريين في تركيا، السماح لأبنائهم بالدراسة في المدارس والمعاهد والجامعات التركية، والتساهل في شرط الإقامة الذي بات عبئاً على الطبقات الفقيرة من اللاجئين، نتيجة كلفته العالية، والسماح لهم بممارسة المهن والدخول في سوق العمل، وفرض رقابة على أرباب الأعمال بتحديد الحد الأدنى من الأجور، وتقنين ساعات العمل.
ويعمل الكثير من اللاجئين السوريين، بشكل غير قانوني، في الأعمال الخاصة بأجور متدنية، تعكس استغلال أرباب العمل الأتراك لهم، في ظل امتناع الحكومة من منحهم تراخيص للعمل، خوفاً من الغضب الشعبي، مع ارتفاع نسبة البطالة بين المواطنين الأتراك التي تصل إلى حوالي 10%، كما شهدت تركيا منذ عام 2011، ظاهرة عمالة الأطفال السوريين.
وسبق أن أشارت شبكة إرم الإخبارية، إلى حرمان مئات الآلاف من الأطفال السوريين من دخول المدارس، بسبب منع استقبال المدارس الحكومية لأبناء اللاجئين الذين لا يملكون أوراقاً ثبوتية، بالإضافة إلى غلاء الأقساط في المدارس الخاصة، وتقصير المنظمات الدولية والحكومة، في فتح مدارس قادرة على استيعاب أعدادهم المتزايدة، واقتصار تلك المدارس على المخيمات.
ويعيش حوالي ثلثي السوريين خارج مخيمات اللجوء، سيئة السمعة، وتدعي الحكومة بأن كلفة استضافة السوريين تجاوزت 6 مليار دولار أمريكي.
بينما تقول تقارير اقتصادية، إن الأرقام التي تصرح عنها الحكومة التركية حول كلفة اللاجئين، مبالغٌ فيها، وإن السوريين ساهموا بشكل لافت في الاقتصاد التركي، عبر دخولهم إلى سوق العمل، واستثماراتهم الخاصة، التي أهدت الاقتصاد التركي مليارات الدولارات، إذ افتتح السوريون ثلت الشركات التركية الحديثة في مختلف المجالات.
وتفاقمت أزمة اللاجئين السوريين في الأراضي التركية، مع تجاوز أعدادهم مليوني لاجئ، ما وضع الحكومة التركية أمام تحديات خطيرة، إذ باتت غالبية المدن التركية تعج بالسوريين، حتى تجاوزت أعدادهم أعداد المواطنين في بعض المدن الصغيرة كقهرمان مرعش، جنوب البلاد.
ويزيد التضييق الرسمي من تعقيد قضية اللاجئين، إذ دفع الكثير منهم إلى حمل حقائب سفره، وتحمل مخاطر الهلاك في بحر إيجة، على أمل الوصول إلى سواحل اليونان التي تعد المنفذ الأول للاتحاد الأوربي.
 وقال اللاجئ السوري، نجم المحمد، لشبكة إرم الإخبارية، إن سوق العمل في تركيا شهد في العام الأخير تضييقاً غير مسبوق، على الرغم من كفاءة الكثير من السوريين.
وكان نجم يعمل في شركات دولية في تركيا، ويحمل أوراقاً ثبوتية موقعة من الحكومة، ويحمل أيضاً شهادة جامعية، ويتقن ثلاث لغات؛ محادثة وكتابة، إلا أن الحكومة التركية منعت أمثالة من العاملين على أراضيها، من العمل دون إقامة نظامية تبلغ تكلفتها حوالي 1000 دولار، ما دفعه إلى ترك عمله والتوجه إلى اليونان بحراً، ليتعرض لمخاطر الغرق بعد انقلاب القارب المطاطي الذي يقله، إلى أن تمكن من الوصول إلى مدينة ميونخ الألمانية بعد رحلة من العذاب والتعب المضني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *