بدأ تنظيم داعش، في التعبير عن تواجده بمدينة أجدابيا الليبية، حيث بدأعلى سعي التنظيم الإرهابي للسيطرة لمدينة عن طريق تبنيه لأكثر من عملية اغتيال بها. والتي طالت شيوخ الدعوة السلفية وأئمة المساجد وضباط الجيش والأمن، ومهاجمة نقاط التفتيش الأمنية.
وتملك مدينة أجدابيا؛ موقعاً متميزاً في برقة “شرق البلاد”، وأهم حواضرها بنغازي، فضلا عن ملاصقتها للصحراء في الجنوب، وارتباطها بالواحات وحقول النفط، وكذلك غير بعيدة من وسط ليبيا سرت وما حولها.
ويقول محللون سياسيون وعسكريون، إن من أسباب إظهار التنظيم المتشدد تواجده في أجدابيا، هو فقدانه لأهم مراكزه ومعسكراته في بنغازي بعد الضربات الموجعة التي تلقاها داعش في بنغازي.
ويسعى بهذا العمل لأمرين؛ أولا إيجاد جبهة جديدة وقاعدة انطلاق لمقاتليه، وثانيهما استغلال انشغال الجيش بعمليات التمشيط ومعاركه الختامية ببنغازي، وبذلك يحاول تقليل الضغط على مقاتليه المحاصرين في بنغازي.
بث الرعب
ودشن التنظيم المتطرف، تواجده داخل أجدابيا، بتنفيذ عناصره لعمليات مصادرة ونهب لأملاك المواطنين، وتطورت الحالة إلى تنفيذ عمليات قتل واغتيال وخطف، في دور مماثل لما فعله داعش بمدينة بنغازي عند بداية سيطرة الجماعات الإرهابية المتشددة عليها، وقبل أن تبدأ عمليات الجيش لتحريرها.
وخلا شهر نوفمبر الجاري، وصلت عمليات التنظيم إلى حوالي 10 عمليات في المدينة، دون رد فعل من أهالي أجدابيا، الذين بدأوا يوقنون أن التنظيم بات داخل مدينهم ولا يستطيعون التحرك ضده، نظراً لكثرة أفراده وانتماء عناصر أجنبية له.
وتمثلت تلك العمليات، باستهداف شيوخ السلفية وضباط الأمن وأفراده، لأن شيوخ السلفية يدعمون الجيش الليبي في حربه ضد الارهاب، أما الأمن وأفراده فهم أهداف محققة للتنظيم في أي مكان يوجد به.
قلق متزايد
ويرى الأهالي في مدينة اجدابيا، أن ما يسبب قلقهم وذعرهم، هو عدم تحرك المجلس البلدي في المدينة، والذي يرأسه سالم جضران، شقيق ابراهيم جضران، الذي يقود قوة مسلحة تحت اسم حرس المنشآت.
ووفق الأهالي، فإن المجلس يسجل عمليات الاغتيال والتصفية ضد مجهول، ويؤكد هؤلاء المواطنون أن تنظيم الدولة يقف وراء هذه العمليات، لكن سلطات المدينة لم تفعل شيئاً حيال ذلك.
ويؤكد المواطنون، أن هذا الأمر يعد تكراراً لسيناريو دخول داعش لبنغازي بالضبط، لافتين إلى أن “الدواعش” هدفهم هو بث الرعب في المدينة، وتصفية رجال الجيش والشرطة ورجال الدين المعتدلين من التيار السلفي لتمهيد الطريق أمام فرض سيطرتها على أجدابيا.
وفي وقت سابق، اتهم الضابط والقائد الميداني في قوات الجيش “محمد داوود القابسي”، العديد من الشخصيات الهامة ورفيعة المستوى في أجدابيا بالتورط في عمليات الاغتيال الاخيرة في المدينة، ودعم ومساندة الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية.
وقال القابسي، إن لديه الأدلة والإثباتات في تورط ميليشيات مصراته في دعم الارهابيين في اجدابيا، من خلال المؤتمر الوطني، الذي قام منذ فترة بإرسال 2 مليون دينار ليبي للخوارج لتمويل عملياتهم الارهابية داخل المدينة.
وتهديدات.. وأطماع
يشار إلى أن “مجلس شورى ثوار اجدابيا” القريب من تنظيم داعش حذر في بيان له، مناطق الواحات “جنوب اجدابيا ” من استقبال أي شخصية عسكرية او مدنية من السلطات العليا للدولة.
وأكد بيان المجلس، أن لديه معلومات حول نية القائد العام للقوات المسلحة الليبية الفريق أول خليفة حفتر، ورئيس أركان الجيش الليبي اللواء عبد الرزاق الناظوري ورئيس حكومة الأزمة عبد الله الثني، زيارة بلدات أوجلة وجالو واجخرة ومرادة بالواحات، لبحث مشاريع تنموية واستثمارية بالمنطقة.
وهدد المجلس، باستهداف أي جهة أو مطار يستقبل حفتر والناظوري والثني، محملا من يستقبلهم المسؤولية الكاملة عما قد يحدث بعد الزيارة، لما وصفه بمخططاتهم الخبيثة لإرجاع الشعب الليبي إلى العبودية والذل بعد الثورة.
ووسع تنظيم داعش في ليبيا، من دائرة نفوذه العسكري على الأرض في ليبيا، عقب سيطرته على مدينة سرت، وسعيه للتوسع نحو منطقة الهلال النفطي الليبي، بينما تغرق البلاد في أتون أزمة سياسية وعسكرية تعصف بليبيا.
وتعود خطورة سيطرة “داعش” على اجدابيا، إلى أنها منطقة استراتيجية، فهي قريبة من البحر المتوسط، وتربط بين المنطقتين الغربية والشرقية وتربط بين الشمال والجنوب وتربط بين الغرب، وتتحكم في مجموعة من الطرق الحيوية في ليبيا.
ووسط هذه التحركات لتنظيم الدولة، فهو يسعي من بداية العام الجاري للسيطرة على عدة منشآت نفطية، وهو دليل على رغبته في الهيمنة على الثروات الطبيعية في ليبيا.
يشار إلى أن تنظيم داعش، يخطط منذ فترة لمحاولة الهجوم على بعض المواقع النفطية القريبة من اجدابيا، مثل حقل “المبروك”، والذي تُشغله شركة “توتال” الفرنسية، وتتوسط اجدابيا منطقة الهلال النفطي المسافة بين بنغازي وطرابلس، وتحوي المخزون الأكبر من النفط، وتضم عدة مرافئ نفطية مثل السدرة ورأس لانوف، وهما أكبر ميناءين لتصدير النفط في البلاد.