ومن الحبّ ما قتل”.. عبارة تنطبق بحذافيرها على قصّة “أحمد” و”ملاك”، التي ترجمت مدى غيرة الشاب على عشيقته ليصل به الأمر إلى الشك بسلوكها.
حكاية الحب هذه، ليست كعشق “روميو” لـ”جولييت” وإخلاص كلّ منهما للآخر، فالشاب مُتزوج وأبٌ لطفل، فيما الفتاة مخطوبة لسواه وتستعد لزفافها. لكنّ أنانية الحبيب بالإستئثار بـ”ملاكه” دون سواه، وغيرته اللامحدودة دفعته إلى إتخاذ القرار بإزهاق روحها بعدما شعر أنّ قلبها لم يعد يخفق له وحده.
عند الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر، ورد اتصال هاتفي إلى فصيلة البسطة من غرفة عمليات شرطة بيروت، يُفيد عن وجود فتاة مقتولة وأخرى مصابة بطلق ناري داخل شقة في الطابق الحادي عشر في بناية في منطقة البسطة.
انتقلت دورية من الفصيلة إلى المكان المذكور، فتبيّن أنّ المغدورة تُدعى “ملاك. ح” (19 عاماً) وقد عُثر على جثّتها على شرفة المطبخ في حين أُصيبت والدتها “أميرة. ص” بطلق ناري في فخدها الأيسر وكان عناصر الصليب الأحمر يعملون على إسعافها قبل نقلها مع جثّة ابنتها إلى مستشفى المقاصد.
الأمّ المفجوعة أبلغت عناصر الأمن أنّ مطلق النار هو “أحمد. س” المقيم في ذات المحلّة، ولدى الكشف على جثّة المغدورة تبيّن أنّ الوفاة ناجمة عن طلقين ناريين في الرأس. وأفادت الوالدة أنّها كانت موجودة في المنزل مع بناتها “عبير” و”فرح” و”ملاك”، وكانت الأخيرة تتحدث مع “أحمد” عبر الهاتف، فأعلمها الأخير أنّ شقيقته “هيام” وهي صديقة المغدورة ستُرسل لها غرضاً معه وهو قادم في الطريق لتسليمها اياه.
بالفعل وصل الجاني ففتحت له ابنتها “عبير” الباب، دخل إلى الصالون وجلس مع “ملاك” وتبادلا الحديث، ثمّ حاول أخذها بالقوّة لكنّها رفضت، وعلا صُراخهما فركضت الأم باتجاه الصالون لاستطلاع الأمر، لتجد المتهم شاهراً مسدّساً حربياً باتجاه “ملاك”، أخذت الأم ابنتها إلى المطبخ لحمايتها إلّا أنّ الأخير لحق بهما، فخرجت مع ابنتها إلى الشرفة وأقفلت بابها الزجاجي، لكنّ “أحمد” قام بتحطيم الزجاج برجله وخرج إلى الشرفة حيث أمسك بالمغدورة وصوّب مسدّسه نحو رأسها وأطلق النار فسقطت أرضاً، في حين لاذ هو بالفرار. ركضت الوالدة نحو منزل جيرانها للإستغاثة، من دون أن تشعر بأنّ طلقات القاتل قد أصابتها هي أيضاً في فخدهها الأيسر، فتمّ نقلها إلى المستشفى.
وأضافت “أميرة” إنّ ابنتها تعرّفت على المتهم منذ ستة أشهر وكانا يتبادلان الحديث هاتفياً ويتردّد هو لزيارتها، معترفة بأنّ ابنتها الضحية كانت تتكلّم مع شبان آخرين مع أنّها مخطوبة لشخص يدعى “هادي” وكانت ستعقد قرانها عليه خلال بضعة أيّام. وأنّها كانت وزوجها يطلبان من “ملاك” الإمتناع عن القيام بمثل هذه الأمور كونها مخطوبة لكنّها لم ترتدع.
الشقيقتان “فرح” و”عبير” أفادتا أنّهما يوم الحادث كانتا تقفان على الشرفة حين سمعتا الباب يُقرع بقوة، فاتجهتا نحوه ولدى فتحه، دخل المتهم “أحمد.س” الذي يحب شقيقتهما ويرغب بالزواج من الضحية المخطوبة، رغم أنّه متزوج ولديه ولد، دخل الصالون حيث كانت شقيقتهما “ملاك” أمسكها من الحرام الذي كانت تلف به جسمها وأستل مسدسه الحربي ووضعه على رأسها محاولاً اختطافها، إلّا أنّ المغدورة منعته وراحت تصرخ وهربت إلى شرفة المطبخ حيث أطلق النار عليها وأرداها، وسبق للجاني أن هدّدها بالقتل إن لم تستجب لرغبته بالزواج منها.
بعد تحريات وإستقصاءات مكثّفة تمكنت القوى الأمنية من توقيف “أحمد” قرب مسبح “الفاميلي بيتش” في خلدة ، وأفاد أنّه كان على علاقة بالمغدورة ويرغب بالزواج منها، وأنّ الأخيرة استمهلته قبل التقدّم لها لمعالجة الأمر مع والديها، كونه متزوّج ولديه ولد. مضيفا أنّه كان يسمع عن سوء سلوكها وخروجها مع عدد من الشبّان ، ما أثار غيرته وشكوكه بها ، فعمد إلى مراقبة دخولها وخروجها من المنزل، مشيراً إلى أنّه يوم الحادث، حاول مواجهتها بما يسمع عن سيرتها العاطلة فأقرت بذلك، وقالت: “نحن (…) قوم فل من هون”، ففقد أعصابه، ما حمله على شهر مسدّسه الحربي والاجهاز عليها بطلقين في رأسها.
محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضية هيلانة اسكندر، قضت بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة مدّة 15 عاماً بحق الجاني، وقرّرت رفعها وتشديدها إلى 22 سنة ونصف، بعد أدانته بجناية القتل القصدي وألزمته بدفع مبلغ 200 مليون ليرة مناصفة لوالدي المغدورة كتعويضات شخصية.