….
تلحق جميع أنواع حالات الحروب الدمار بالمجتمع، وتؤثر تأثيراً بالغاً على الأطفال . وبوسع التعليم أن يعيد البلدان إلى مسارها الصحيح بعد انتهاء الأزمات . وبالإضافة إلى أن التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان، فهو يشكل أيضاً وسيلة للانتعاش وتخطي الصِّعاب . فهو لا يعيد الدراسة وجميع الفوائد المتعلقة بها إلى السكان المتضررين بهذه الحروب فقط، بل يساعد البلدان أيضاً على إعادة بناء المؤسسات والنظم التي دمرتها الكوارث والحروب أو النزاعات.
ويقوم المجتمع الدولي، الذي يدرك على نحو متزايد أهمية التعليم في البلدان التي تتعافى من الأزمات، بدعم جهود اليونيسف في هذا المجال. وفي أواخر عام 2006، انضمت إلى اليونيسف جهات مانحة وشركاء رئيسيين لكي تتمكن هذه البلدان من العودة إلى مسارها الطبيعي، وتحويل الأموال لدعم الأنشطة الاستراتيجية للمساعدة على إعادة بناء النظم التعليمية، ومنع تكرار حدوث الأزمات، والتخفيف من هشاشة البلدان التي تمر في مرحلة انتقالية من الأزمة إلى التطور الطبيعي. إن فوائد التعليم في المجتمعات التي تمر في مرحلة ما بعد الأزمة، هي فائد بعيدة المدى.
وبالإضافة إلى أن المدارس تشكل مراكز لتوزيع إمدادات الإغاثة، فهي أماكن آمنة تقدم الرعاية للأطفال وتحميهم من الاختطاف، ومن التجنيد في صفوف الميليشيا، أو استغلالهم جنسياً أو اقتصادياً. ويتعرض الأطفال على نحو خاص للاتجار وغيره من أشكال سوء المعاملة، عندما تتعرض الأسر والمجتمعات المحلية للمشاكل.
كما تهيئ المدارس بيئة لتضميد الجراح النفسية والعاطفية. إذ تسبب حالات الطوارئ صدمات للأطفال على نحو خاص. وبإعادة الإيقاع اليومي، والمساعدة على الشعور بعودة الأمور إلى طبيعتها، تصبح المدارس أماكن للعلاج، وتخلق الاستقرار والثبات في وسط هذا الدمار. وسواء من خلال البرامج النفسية الاجتماعية، أو من خلال التعلم واللعب، فإن المدارس تؤدي دوراً أساسياً في الامتثال للشفاء.
عندما يستعاد التعليم، فإنه سيوفر المعرفة والمهارات اللازمة للصمود أمام الأزمات. ومن خلال نشر المعلومات عن السلامة من الألغام الأرضية، والوقاية من الإيدز، والنظافة الصحية الأساسية، والرعاية الصحية، وتسوية الصراعات، وبناء السلام، يساهم التعليم في تمكين الأطفال وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية. أما المجتمعات التي تعاني من أزمات، فإن التعليم يرسي الأساس للتنمية.
ومن خلال رعاية الأطفال وتوفير خدمات الإغاثة، تساعد المدارس الأسر على الوقوف على قدميها، وتتيح للآباء الفرصة لالتقاط الأنفاس لبدء حياتهم.
بالإضافة إلى كون التعليم جزء من جهود الإنعاش الأساسية، فهو يتيح الفرصة للمستقبل، فرصة “إعادة البناء على نحو أفضل”. وفي البلدان المتضررة من النزاعات الطويلة الأجل، يمكن أن يكون التعليم بمثابة محفز للسلام، مما يضطر الأطراف التي كانت متنازعة ذات يوم على العمل معاً لمصلحة أبنائها. وفي أعقاب الصراع الهش، تستطيع المجتمعات أن تقيم نظاماً تعليمياً أكثر شمولية بمناهج تعزز السلام والمصالحة.
وفي حين يمكن أن يستغرق النمو الاقتصادي، والاستقرار السياسي والمصالحة الحقيقية، وقتاً طويلاً لكي تتحقق، يمكن جني فوائد ملموسة سريعة من عودة الأطفال إلى المدارس، وبدء التنمية وتوفير فرص لهم من أجل مستقبل مستقر.