قالت مجموعة جيه أل أل للاستثمارات والاستشارات العقارية إن سوق الإمارات العقاري تشهد المزيد من التحديات خلال عام 2016 بالتزامن مع بدء تأثره بالانخفاض المستمر في أسعار النفط واستمرار التوترات الجيوسياسية، ما سوف يؤدي إلى انخفاض السيولة النقدية وازدياد الضغوط على الميزانيات الحكومية.
وأضاف رغم أن هذا السيناريو الاجمالي سوف يؤثر بالطبع في دولة الإمارات وسائر دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن سوق الإمارات العقاري بات الآن أكثر استعداداً من أي وقت مضى لمواجهة مثل هذه التحديات”.
وأضاف بعد قيامها بتخفيض دعمها للأسعار وإنفاقها واحتمال فرضها لضريبة قيمة مضافة على المبيعات، بدأت الحكومة تعيد النظر في استراتيجيتها الاقتصادية لتعزيز تقليص اعتمادها على العائدات النفطية. ومن المرجَّح أن يشهد سوق الإمارات العقاري المزيد من التحديات خلال عام 2016 تفوق تلك التي واجهها عام 2015، لكن لا بد من الاعتراف بأن الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات سوف ينمو بنحو 2.7% خلال هذا العام ليفسح المجال أمام فرص نمو وتحديات جديدة على حد سواء”.
وحدد التقرير ثمانية توجهات رئيسية سوف تؤثر في سوق الإمارات العقاري هذا العام وهي:
تراجع السيولة
سوف يؤدي استمرار انخفاض أسعار النفط إلى تقليص قدرة الحكومة على ضخ السيولة النقدية في النظام المالي ما سوف يؤدي بالتالي إلى تقلُّص السيولة في الأسواق بشكل عام ويؤثر سلباً في حجم الاستثمار في المشاريع العقارية خلال عام 2016. من ناحية أخرى، سوف تزداد صعوبة الحصول على تمويل تقليدي للمشاريع العقارية مما سوف يدفع شركات التطوير العقاري إلى البحث عن آليات تمويل بديلة لمشاريعها أمثال اللجوء إلى تأسيس مشاريع مشتركة وإعادة التمويل وإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص وطرح أدوات استثمار مشترك.
ازدياد مشاريع “البناء حسب الطلب” و”البيع وإعادة الاستئجار”
سوف تمثل مشاريع “البناء حسب الطلب” إحدى الوسائل البديلة لتمويل المشاريع العقارية الجديدة ومواجهة تقلص السيولة النقدية. وتقوم هذه الطريقة التمويلية على قيام شركات التطوير العقاري ببناء مشاريع عقارية وفق المواصفات التي تحددها الشركات التي سوف تستأجر أو تشتري الوحدات الجديدة التي تتيحها تلك المشاريع، حيث سوف تلتزم تلك الشركات باستئجار أو شراء الوحدات التي توفرها تلك المشاريع بعد اكتمال بنائها. وينتشر هذا المفهوم التمويلي في الأسواق العقارية الأكثر تطوراً ويشير إلى تنامي نضوج سوق الإمارات العقاري. من ناحية أخرى، يعتبر أسلوب “البيع وإعادة الاستئجار” وسيلة تمويلية أخرى تتيح لشاغلي المباني القائمة تحرير رؤوس أموالهم وإعادة استثمارها في أنشطتهم الرئيسية. ورغم أن أسلوبي البناء حسب الطلب والبيع وإعادة الاستئجار يعتبران أبرز حلول التمويل البديل المستخدمة في القطاعين المكتبي والصناعي في سوق الإمارات العقاري حتى الآن، إلا أن هناك اهتماماً متزايداً بهذين الأسلوبين في قطاعي التعليم والرعاية الصحية.
تخفيض استثمار رؤوس الأموال في الخارج
سوف يشهد عام 2016 انخفاضاً في مستويات تدفق رؤوس الأموال من الشرق الأوسط إلى الأسواق العقارية لسائر مناطق العالم مقارنة مع مستوياتها عام 2015 الذي ضخ خلاله المستثمرون في الشرق الأوسط 11 مليار دولار أمريكي في الأسواق الأجنبية. وسوف تأتي حصة متزايدة من رؤوس الأموال التي سوف يضخها أولئك المستثمرون في تلك الأسواق خلال عام 2016 من الأثرياء أو الشركات العائلية، مقارنة مع هيمنة الصناديق السيادية على تلك التدفقات الاستثمارية عام 2015. ومع تنامي نضوجها، من المتوقع أن تغيِّر تلك الصناديق استراتيجيتها الاستثمارية عام 2016 وتسعى إلى عمليات تخارج استثماري مربحة سوف تزيد من حركة البيع.
تأخر تنفيذ المشاريع يخفض مخاطر تخمة المعروض
من المرجح أن تتمثل بعض الأعراض الجانبية لتباطؤ السوق عام 2016 في استمرار ظاهرة تأخر تنفيذ المشاريع. وسوف تمثل هذه الظاهرة “نعمة خفية” سوف تسهم في تحقيق استقرار الأسواق وتفادي تخمة المعروض. وتعود أسباب التأخر في تنفيذ المشاريع إلى عدد من العوامل التي تشتمل على صعوبات التمويل والنزاعات التعاقدية وتأخر عمليات البناء والحصول على التراخيص/الموافقات، بينما تلجأ بعض شركات التطوير العقاري إلى تأخير إنجاز مشاريعها لتفادي إغراق الأسواق. ومن الملاحظ أن نسبة تنفيذ المشاريع العقارية المعلنة كانت منخفضة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث لم يتم إنجاز بناء سوى 30% من المشاريع السكنية و45% من المشاريع المكتبية في مواعيدها المقررة. ومن المتوقع استمرار ظاهرة تأخر إنجاز المشاريع عام 2016، ما سوف يؤدي عملياً إلى تقليص مخاطر حدوث تخمة في المعروض.
الأفضلية للمباني الفعالة
سوف تشكل الانتاجية أحد الاعتبارات الرئيسية التي تحدد اختيار الشركات لمكاتبها الجديدة، ما سوف يؤدي إلى تركز الطلب بصورة متزايدة على المباني الفعالة التي تتيح لموظفيها العمل في أجواء أكثر كفاءة وإنتاجية. ورغم أن المستويات الاجمالية للطلب سوف تشهد المزيد من الانخفاض هذا العام مقارنة مع مستوياتها عام 2015، سوف تستمر قوة الطلب على المباني الفعالة التي توفر استخداماً عملياً عالي الكفاءة للمساحات ومصاعد عالية الجودة ومساحات كافية لركن السيارات وسهولة الوصول إلى وسائط المواصلات العامة وغيرها من المزايا. يذكر أن هناك اعترافاً متزايداً بأن المكاتب عالية الجودة تسهم في تعزيز إنتاجية الموظفين وأن المساحات المكتبية عالية الجودة والمرونة تستطيع بالتالي مساعدة مستأجريها أو مشتريها من الشركات في استقطاب الموظفين والاحتفاظ بهم وتحفيزهم.
تعزيز قيمة المباني القائمة
يتمثل أحد التوجهات الرئيسية الأخرى في سوق الإمارات العقاري لعام 2016 في تجدد التركيز على تعزيز قيمة المباني القائمة عبر تطوير تجهيزاتها بدلاً من طرح مبان جديدة في الأسواق. وسوف يؤدي هذا التوجه إلى ارتفاع الطلب على مشاريع المكاتب والضيافة المعاد تجهيزها في أسواق التجزئة، حيث سوف يسعى مالكو العقارات إلى تعزيز جاذبية عقاراتهم بما يتماشى مع تغير أنماط الطلب. كما أن العديد من مستأجري هاتين الشريحتين من العقارات راحوا يعيدون النظر في خياراتهم في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجههم حيث إن إعادة تجهيز عقاراتهم تشكل خياراً أكثر اقتصادية من الانتقال إلى عقارات جديدة. ويزداد الإقبال على خيار إعادة تجهيز المكاتب بالتزامن مع سعي الشركات المستأجِرة للحصول على مكاتب أكثر كفاءة وإنتاجية ورحابة بأسعار في متناولها. وفي المقابل، هناك طلب أقل على المباني المكتبية الأيقونية الأقل كفاءة.
مستجدات الساحة الفندقية
من المتوقع أن تشهد ساحة الفنادق ومنشآت الضيافة في دولة الإمارات العربية المتحدة تغيرات وتطورات كبيرة خلال عام 2016 بالتزامن مع انخفاض حجم الطلب عليها. وسوف تتأثر تلك الساحة باختلال عمل الوسائط التقنية المتطورة أحياناً (مثل الحجز عبر الإنترنت) وارتفاع طلب أنماط جديدة من الزبائن (مثل الأجيال الشابة) واتساع نطاق معروض قطاع الضيافة (مثل ارتفاع عدد المنتجعات السياحية) والتحول العام من الفنادق الفخمة إلى الفنادق الأقل فخامة في دبي. وسوف تؤثر هذه المستجدات يالتزامن مع الأمور والعوامل المتعلقة بها في أسلوب عمل الفنادق وربحيتها خلال عام 2016.
التركيز على سلامة المباني
سوف يشهد عام 2016 اهتماماً أكبر بسلامة المباني من قِبَل مختلف المعنيين بمن فيهم شركات التطوير العقاري ومالكي العقارات وشاغليها والمستشارين والمؤسسات الحكومية. ونظراً لتنامي الوعي بأهمية السلامة، سوف يرتفع الطلب على المباني التي تتمتع بخدمات صيانة جيدة وأنظمة أكثر كفاءة في تفادي ومكافحة الحرائق وغيرها. كما سوف يشهد السوق طرح أنظمة جديدة من قِبَل هيئات حكومية مثل الدفاع المدني تفرض على مالكي العقارات الالتزام بشروط أكثر صرامة في مجال تفادي ومكافحة الحرائق. وربما لا تتمثل الحاجة في أنظمة سلامة جديدة بقدر ما تتمثل إلى تطبيق أكثر كفاءة لأنظمة البناء الحالية. ومن المرجح أن يحافظ هذا الموضوع على أهميته بالتزامن مع سعي المعنيين لحماية سمعة علاماتهم التجارية باعتبارها خالية من المخاطر والحوادث المتعلقة بسلامة المباني.