بوظبي (أ ف ب) – تستعد طائرة “سولار امبلس 2” الشمسية للانطلاق الاثنين من أبوظبي في رحلتها التاريخية المنتظرة حول العالم دون استخدام قطرة وقود واحدة في محاولة غير مضمونة يؤمل ان تمهد الطريق امام تعزيز استخدام التقنيات النظيفة.
وبسبب الرياح القوية التي تهب على منطقة الخليج، ارجىء انطلاق الطائرة الذي كان متوقعا السبت بعد اسابيع من الرحلات التجريبية التي اجريت على الطائرة التي تتسع لشخص واحد وستستغرق رحلتها خمسة اشهر وتشمل 12 محطة قبل عودتها الى ابوظبي.
وسينطلق الطياران السويسران برتران بيكار وروجيه بورشبيرغ اللذان سيقودان الطائرة بالتناوب بين محطة واخرى، في مغامرتهما وقت ينتظر العالم التوصل الى اتفاق دولي للحد من الانبعاثات الكربونية نهاية هذا العام في باريس.
ويريد الطياران اللذان يقودان المشروع منذ سنوات، اثبات قدرة البشرية على تقليص استهلاك الطاقة الى النصف وتامين النصف المتبقي من مصادر متجددة، بفضل تقنيات متوفرة اليوم ويستخدمانها في مشروعهما المشترك “سولار امبلس 2”.
ستجتاز الطائرة في رحلتها حول العالم مسافة 35 الف كيلومتر خلال خمسة اشهر اما ايام التحليق الفعلي المتوقعة فهي 25 يوما. وستحلق على ارتفاع 8500 متر كحد أقصى.
بعد ابوظبي، ستتوقف الطائرة في سلطنة عمان ثم في احمد اباد وفاراناسي في الهند، ثم في ماندالاي في بورما ثم في شنونغ كينغ ونان جينغ في الصين.
وبعد الصين، تتجه الطائرة عبر المحيط الهادئ الى هاواي من ثم الى ثلاثة مواقع في الولايات المتحدة، بما في ذلك مدنيتي فينكس ونيويورك حيث ستكون لها وقفة رمزية في مطار “جي اف كي”.
بعد ذلك تعبر الطائرة المحيط الاطلسي في رحلة تاريخية اخرى قبل ان تتوقف في جنوب اوروبا او شمال افريقيا بحسب المعطيات المناخية، ثم تعود الى ابوظبي.
تسير الطائرة بسرعة متوسطة تناهز مئة كيلومتر في الساعة، وهي بالرغم من اجنحتها العملاقة بطول 72,3 مترا والتي يتجاوز طولها طول اجنحة طائرة بوينغ 747، فهي لا تحمل الا طيارا واحدا ولا يزيد وزن مقصورتها عن وزن سيارة، لذا سيتناوب بيكار وبورشبيرغ على قيادتها في كل محطة.
وستكون اطول الرحلات فوق المحيطين الهادئ والاطلسي، وسيتعين على الطيارين اختبار حدود قدرة الانسان على العيش في مساحة صغيرة نسبيا لفترة طويلة تصل الى اسبوع.
وقال بيكار في تصريح لوكالة فرانس برس مؤخرا “نحن مستعدون جسديا، واندريه يستعد من خلال اليوغا ومن خلال التنويم المغناطيسي الذاتي” الذي يسمح له بان يغط في سبات قصير نسبيا يترك لديه شعورا بانه غفا لفترة طويلة.
واضاف “الطيران بالطاقة الشمسية حول العالم امر يعد مستحيلا حتى الآن فلم يقم احد بذلك من قبل. انها محاولة تاريخية … وهي صعبة جدا جدا ومليئة بالتحديات”.
وفي كل الاحوال لن يكون بيكار وبورشبيرغ لوحدهما في الهواء، بل سيواكبهما فريق ضخم من 130 شخصا يعملون على مدار الساعة.
وقال بيكار “هناك 65 شخصا سيسافرون معنا (في طائرة عادية) طوال الرحلة، و65 آخرون في مركز القيادة في موناكو حيث يتمركز خبراء الطقس والمهندسون الذين سيجرون تجارب المحاكاة على المسارات ويساعدوننا عندما نكون في الجو”.
وعما اذا كان يعتقد ان المشروع يفتح الباب امام امكانية تخيل عالم تطير فيه طائرات تجارية تعمل بالطاقة الشمسية، قال بيكار “لا اعتقد اننا اليوم قادرون على تسيير جميع الطائرات التجارية بالطاقة الشمسية … لكنني مقتنع تماما بان العالم يمكن ان يعمل بطريقة افضل بكثير ويمكننا ان نخفض استهلاك الطاقة الى النصف مع استخدام التقنيات نفسها التي تستخدم في سولار امبلس. هذا يوفر للصناعة مجالات جديدة ووظائف جديدة وارباحا جديدة”.
وتدعم حكومة ابوظبي وشركة مصدر التابعة لها والمتخصصة في الطاقات المتجددة هذا المشروع الذي ولدت فكرته قبل 12 عاما في سويسرا، وبات يختزل اليوم احدث ما توصلت اليه التكنولوجيا في مجال الطاقة الشمسية والطيران.
وقال بورشبيرغ لوكالة فرانس برس ان ابوظبي اختيرت لسبب عملاني بقدر ما هو متعلق بالدعم والاستضافة من قبل الامارة، وبالعلاقة القديمة بين بيكار وولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وذكر الطيار ان “هذه المنطقة من العالم ومن الشرق الاوسط تعد افضل مكان للانطلاق في هذه الرحلة اذ انها تسمح لنا بالتحليق فوق الهند والصين في فترة مبكرة (لتجنب موسم الامطار) وبالعودة خلال الصيف في ظل طقس جيد نسبيا”.
وتشارك عشرات الشركات من العالم بتقديم احدث ابتكاراتها التقنية لتعزيز كفاءة الطائرة ومنها سولفاي البلجيكية للكيماويات التي يتمحور اسهامها حول تعزيز قدرة البطاريات على حفظ الطاقة وتامين قطع خفيفة الوزن للهيكل والاجزاء.
كما ابتكرت الشركة غشاء رفيعا لحماية الالواح الشمسية من درجات الحرارة الشديدة الارتفاع او الانخفاض.
وبحسب الطيارين، فان مخاطر فشل المشروع تأتي من عوامل انسانية وليس من الطائرة نفسها التي باستطاعتها بحسب بورشبيرغ “ان تطير من دون توقف لاسابيع او لشهر”.