ي يوم المرأة تستذكر النساء نموذجاً عن امرأة متميزة، حققت لذاتها ولمجتمعها ما لم يحققه الرجال.
وفي النسيج اللبناني، تستحضر السيدة نورا جنبلاط بشكل تلقائي، هي التي برزت بين خيطان تشعبات المجتمع اللبناني الذي عرف بانفتاحه الشديد نحو أفكار متطورة وانغلاقه التام في وجه بعض المبادئ التي تخص المرأة.
إنها السيدة التي عبرت بحضورها وإسهاماتها كل الطبقات والانتماءات في لبنان لتغدو مثالا يشبه بتمثال إله إغريقي منحوت بدقة بارزا جمالا استثنائيا، حاملا في طياته أيضاً رمزا لأفكار تهدف إلى النهوض بشعبه.
هذه المرأة العابقة بسحر جذورها الشامية، تتماهى مع مشاكل المرأة العربية ككل، وعندما تقابلها تشعرك بدفء استقبالها، لتشرح بإسهاب عن واقع المرأة العربية الصعب كما وصفته.
جنبلاط في حديثها مع “العربية” تقول بغصة “إنها كانت تتمنى أن نهنئ المرأة العربية في عيدها، إلا أنها ما تعيشه المرأة اليوم، خاصة السورية، مؤلم جدا”.
وتطالب جنبلاط المرأة بالاستمرار في نضالها من أجل تمكينها لمواجهة العنف والظلم الذي يطالها.
التسلح بالعلم
وبرأيها، يجب على المرأة التسلح بالعلم للتصدي لمحاولات قمعها، فمن خلال العلم يمكن للمرأة ان تسترد كرامتها وحريتها، بحسب تعبيرها.
ونورا جنبلاط هي أيضاً هذه السيدة التي تناكف بخجل طفلة، الأولاد السوريين في المخيمات فتدنو نحوهم، وتستمتع إلى مطالبهم باهتمام الأم بأولادها اليتامى، فهم الذين خطفوا من طفولتهم ليرتموا في هموم حياة الكبار باكراً.
وأسست نورا جنبلاط جمعية “كياني” التي تعنى بشؤون اللاجئين السوريين، فأنشأت ٤ مدارس في البقاع لتعليم الأطفال والنساء السوريين في بلد المهجر.
وتضيف “إحدى هذه المدارس مخصصة لتعليم النساء للحد من ظاهرة الزواج المبكر واستغلال المرأة بأبشع الصور”.
ويستفيد من هذه الجمعية ١٤٠٠ سوري، وتتمنى جنبلاط تعليم جميع السوريين الذين حرموا من ارتياد مقاعد الدراسة في لبنان خلال الأزمة السورية.
ورغم الظروف الأمنية والسياسية التي تحيق بلبنان، تصر السيدة جنبلاط على إضفاء لمسة فنية كل عام من خلال مهرجانات بيت الدين الذي ترأسه.
وفي كل موسم، تطل هذه السيدة من أضواء كوالسيه الخافتة، لتشرف بنفسها على أدق التفاصيل، وبثيابها البسيطة تستقبل الجمهور وتدلهم على مقاعدهم ليستمتعوا بأمسيات فن راقٍ.
نورا جنبلاط، زوجة الزعيم السياسي وليد جنبلاط، لم تكتف بمرافقة زوجها في مفاصل حياته السياسية، بل صنعت لنفسها مكانة في المجتمع العربي والدولي، منخرطة في العديد من المنظمات العالمية، من أبرزها UN WOMEN و INTERNATIONAL WOMEN’S FORUM.
ومن دون الدخول في الزواريب السياسية، كان لها دورها خلال أبرز الأزمات التي لحقت بلبنان، وتتحاشى نورا جنبلاط الظهور الإعلامي، ظهرت من خلال إسهاماتها في مجتمعها.
وفي الحرب الإسرائيلية على لبنان سنة ٢٠٠٦ كانت نورا جنبلاط تقوم بتوزيع المساعدات على المهجرين في الجبل، وكذلك برز دورها في تحركات قوى ١٤ آذار عند انطلاقتها.
فوصفها الكاتب اللبناني يحيى جابر: “..بالمهندسة للأناقة والجمال الثوري”.