في خضم تفاقم الازمات الوطنية نكون أكثر حاجة لتصطف الدولة بكافة أجهزتها الحكومة ومجلس النواب والأحزاب الوطنية والسلطة القضائية ومنظمات المجتمع المدني وحتى الشعب كله لجانب الصحافة اليومية لتبقى شامخة وواقفة على أرجلها وتميزها لأنها تشكّل إرثاً حضارياً وطنياً بامتياز وساهمت وتساهم أيضاً برفع المخزون الوطني والثقافي والإعلامي للمواطن وللوطن على السواء وإعطاء الصورة الحقيقية عن الوطن في الداخل والخارج من خلال ثلّة من الصحفيين المهنيين والأكفّاء الذين قلوبهم دوماً على الوطن. وعلى كل الوطنيين ان ينوحدوا لمناقشة هموم ومشاكل ونقاط قوّة وضعف هذه الصحف في زمن الألفية الثالثة كألفية تكنولوجية تقف لجانب الإعلام الإلكتروني السريع والمطّرد، إلّا واحدة من النقاط المضيئة ضمن سلسلة من المواقف التي يفترض أن تقف لجانب الصحافة اليومية كجزء من منظومة الإعلام الوطني المسؤول والمهني الخالي من مآرب السلبية فيما يخص الاساءة للشخصيات أو الابتزاز الإعلامي أو حتى التلميع والظهور الإعلامي.
ففي خضم الثورة التكنولوجية والانفتاح الإعلامي العالمي وسمو وتقدم الإعلام الإلكتروني باستخدام شبكة الإنترنت في زمن الألفية الثالثة على كلّ من الإعلام المكتوب والمقروء والمرئي والمسموع ونظراً لتوفّر البيئة التكنولوجية المرتبطة بالحواسيب والهواتف والفضائيات وثقافة استخدامها لدى الشباب خاصة وفئات المجتمع الأخرى بعامة وإطراد نسبي في استخدام تقنيات الحاسوب وبرمجيات الإنترنت في كل بيت ومؤسسة فإننا أحوج ما نكون في هذا الزمان إلى إعلام وطني يواكب هذه الثورة التكنولوجية ويضطلع بالمسؤوليات المتوخاة منه ويعكس إنجازات ومكتسبات وتاريخ وجغرافيا الوطن بشفافية ويظهر الجزء الملآن والآخر الفارغ من الكأس ويعزّز لغة الحوار الوطني المنشود من خلال إظهار الرأي والرأي الآخر في المجالات كافة ويضع وطنناعلى خريطة العالم الإعلامية ويدعو للإصلاح بلغة عصرية متوازنة ويحارب الفساد والفاسدين ويعرّيهم حالاً دون تباطؤ أو تأجيل ويبرهن للعالم بأن وطننا كبير بقيادته الوطنية ومؤسساته وشعبه ويمثّل أنموذجا يحتذى بين دول المنطقة في الحاكم الرشيد والدبلوماسية الفذة والتلاحم الوطني بين أفراد نسيجه الوطني والحالة الأمنية ومواءمتها مع الديمقراطية المسؤولة وغيرها. ولعلني أؤشر هنا الى حاجتنا لإعلام دولة لا إعلام حكومة إعلام يكون مرناً وعصرياً ومواكباً للغة الإعلام العصرية وإعلام يرقى للمستوى المطلوب في زمن الانترنت وتكنولوجيا المعلومات وإعلام يوائم بين أدوات الاتصال ويعزّز أدبيات التفاعل والحوار وإعلام يعكس رؤية الدولة المدنية في الانسانية وكرامة المواطن ونبل الصفات ومكارم الأخلاق وصدق الرسالة وشرف الأمانة واحترام الانسان وإعلام يطوّر أدواته ويراهن على قدرة قيادته وشعبه العارف وشبابه ذوي الهمّة وإعلام يوائم بين طغيان المواقع الإلكترونية على الصحافة المقروءة والمرئية والمسموعة –وان كانت هنالك بعض البرامج والمحطات المسموعة التي حققت نجاحات إعلامية كبيرة وعززت الروح الوطنية لدى المواطنين- وإعلام بعيد عن تشويةوتشهير بالشخصيات والابتزاز وإعلام يعكس مهنية وحرفيّة عالية لا إعلاما غضا وهشا، وإعلام ملتزم بثوابت الوطن وإعلام حريته مسؤولة وعندئذ يكون سقفها السماء الوطني وأرضيتها متينة منتمية صلبة. ورغم امتلاك الإعلام الإلكتروني ميزات سرعة الانتشار وخصوصاً بين فئة الشباب فرسان التغيير كما وصفهم قائدنا الوطنى وسهولته وتوفره حيث لا يكاد أي بيت أن يخلو في زمننا هذا من الحواسيب المحمولة أو الهواتف الموصولة بشبكة الانترنت ورغم كثرة المواقع الإلكترونية ورغم انتشار ظاهرة المدونات ورغم استخدام الشباب لموقعي التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر باطّراد الّا أننا نلحظ أنه يشوب ظاهرة الإعلام الإلكتروني بعض الفوضى والتخبّط أحياناً في بعض المواقع –وبالطبع هنالك الكثير من المواقع المتميّزة والملتزمة- فنلحظ تارة شائعات للتشهيروتشويه بعض الشخصيات ودس للسمّ بالعسل والعبث بالأمن الاجتماعي وأحياناً عزف على أوتار الاقليمية الضيقة أو الجهوية أو الفئوية أو الطائفية وأحياناً أخرى التغريد خارج سرب الوطن والعزف على موّال الاجندات الخارجية وأحياناً انهيار في منظومة القيم والأخلاق من خلال عرض صور الانحلال الأخلاقي وغيرها.ورغم الجوانب الإيجابية الكثيرة التي تمتلكها المواقع الإلكترونية الإخبارية كرفع سقف الحرية والتعبير عن الرأي وغيرها –وخصوصاً بعد ان يصدرقانون الصحافة والاعلام والمطبوعات والنشر الذى سيعرض على مجلس النواب قريبا- إلّا أننا نأمل من القائمين على الإعلام الإلكتروني أن يرقوا به ليصبح للوطن لا عليه ويحقق ما نصبو إليه من إعلام مسؤول يضع المصالح العليا كأولوية قصوى ويترفّع عن المهاترات الجانبية ويعزّز الحرية المسؤولة لا المنفلتة وينقل الحقيقة لا الأخبار غير الصحيحة لنصل به صوب المهنيّة والحرفيّة ونبعد به عن لغة الفوضى وليضاهي المواقع الاخبارية العالمية.وبالرغم من ان القانون الأخيربعد صدوره والذي سينظّم مهنة الإعلام الإلكتروني من خلال سنّ التشريعات اللازمة لذلك للحد من بعض الظواهر السلبية ولتحاسب العابثين في وحدتنا الوطنية وثوابتنا الوطنية وقواسمنا المشتركة، وبالرغم من وجود تشريعات تعزّز دور الإعلام الإلكتروني لأن يكون وسيلة مؤثرة ورقابية ومحاسبية للمخطئين والفاسدين والانتهازيين، إلّا أننا ما زلنا نحتاج لخطوات مدروسة لترتيب فوضى الإعلام الإلكتروني وتعزيز مسيرة الإعلام المكتوب والمقروء والمرئي والمسموع. الا اننا أيضا بحاجة الى الإنحياز للصحافة اليومية واجراء مراجعة شاملة للمواقع الإلكترونية لنكون معها أيضاً لا عليها وفق منهجيات عمل ومؤشرات قياس مدروسة لفلترتها وتبيان الغث من السمين منها لوقف أي تغوّل باسم حريّة التعبير على إعلامنا الوطني المسؤول تعزيزاً للإعلام المنضبط والمسؤول وصولاً لرقابة داخلية على الإعلام من قبل الصحفيين أنفسهم ووصولاً للإعلام الوطني المسؤول، فالأمل يحدونا صوب إعلام وطني هادف ليس حكومى او لرجال الاعمال!هدفة الاساسى الوطن والمواطن ================