أجمع محللون وخبراء في الشأن العراقي، على أهمية الخطوات الأمنية الجديدة، التي اتخذها رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، فيما يتعلق بالمؤسسات الأمنية من ناحية إعادة ترتيب الأوراق السياسية في البلاد، والإصلاحات التي وعد بتنفيذها تداركاً للوضع العراقي الهش سياسياً وأمنياً.
وغداة عودته من ألمانيا، حيث شارك في مؤتمر للأمن هناك، كشفت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، أمس الأحد، أن العبادي وافق على مسودة قانون التجنيد الإلزامي، مشيرة إلى اتفاق غالبية أعضاء اللجنة على مسودة القانون.
وبحسب مصدر من داخل اللجنة، فإن”خصوم العبادي من المرتبطين بالمليشيات والأحزاب الشيعية، لم يتمكنوا من تعطيل الاتفاق على القانون أو الوقوف ضده”.
وأكد المصدر، أن “صياغة المسودة النهائية لمشروع قانون الخدمة الإلزامية باتت شبه مكتملة، وحظيت بصيغتها النهائية على موافقة غالبية الأعضاء”، مشددا على أن “رئيس الوزراء، حيدر العبادي، وافق عليها بانتظار إقرارها من قبل مجلس الوزراء، وإعادتها إلى اللجنة البرلمانية لاتخاذ اللازم بشأنها”.
وعن وجهة نظر زعماء الكتل السنية في البرلمان، أوضح المصدر أن “أعضاء البرلمان من ممثلي العرب السنة يدعمون بقوة إقرار قانون الخدمة الإلزامية، مؤكدين على ضرورة تشريع مثل ذلك القانون، الذي يعد ضمانة للأمن الوطني وإنهاء الطائفية والمناطقية في البلاد”.
وفي سياق متصل، أكد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على “أهمية استقلالية الأجهزة الأمنية، وعدم السماح بتسييسها مطلقا أو تبعيتها إلى أي جهة كانت، وحصر ارتباطها بموقع القائد العام للقوات المسلحة”، في إشارة إلى هيمنة المليشيات الشيعية على المؤسسات الأمنية.
وبحسب مصادر خاصة، فإن العبادي يسعى إلى تغيير رئيس جهاز المخابرات العراقي زهير الغرباوي (سني)، الذي استمر في منصبه منذ العام 2004، على الرغم من تغيير 4 رؤساء حكومات في تلك الفترة.
وكان الغرباوي، الذي تقول مصادر إنه على صلاة بالأحزاب الشيعية الموالية لإيران، وكيلاً لرئيس جهاز المخابرات والمتحكم فيه في زمن محمد الشهواني رئيس الجهاز، أثناء فترة رئاسة اياد علاوي للحكومة العراقية في العام 2014، وعندما تم عزل الشهواني عام 2007، استمر الغرباوي بمنصبه رئيساً بالوكالة لجهاز المخابرات العراقي حتى اليوم.
وتشير تقارير دولية، إلى أن ترتيب الأجهزة الاستخبارية في العالم، وضعت جهاز المخابرات العراقي بالمرتبة 176، علماً أن جهاز مخابرات جزر القمر 173.
ويؤكد قادة أمنيون كبار، أنه حينما احتل داعش محافظتين عراقتين منتصف العام 2014، هما الموصل وصلاح الدين، لم يعلم جهاز المخابرات العراقي ومديره بذلك إلا عبر وسائل الإعلام.
ويرى المحلل السياسي، محمد ضمد الوردي، أن “خطوات العبادي الأمنية، كفيلة بعزل القوى الشيعية المسلحة، وإنهاء سطوتها تدريجياً على الحياة السياسية، من خلال إعادة العمل بالخدمة الإلزامية، التي ألغاها الحاكم الأمريكي على العراق بول بريمر في 2003″.
ويضيف الوردي ى أن “قانون الخدمة الإلزامية في هذه المرحلة الدقيقة، يأتي بأبعاد سياسية غاية في الأهمية، ويسحب البساط تدريجياً من تحت أقدام مليشيات إيران العراقية، وهو أول وأكبر مشروع سيسهم في لجم المليشيات وتفكيكها، فمن يحمل شعار الدفاع عن العراق، عليه الانخراط قانونياً بالجيش الوطني، وإلا فهو يحمل السلاح خارج الأطر القانونية، وهذا ما سيجرم تلك المليشيات في حال إقراره”.
ويؤكد مهتمون بالشأن العراقي، أن قادة المليشيات الشيعية يعملون من خلال قنواتهم ومؤسساتهم الإعلامية، على إظهار القوات الأمنية بمظهر العجز وعدم الكفاءة، إلى جانب سعيهم لترسيخ الاستقطاب الحزبي والمذهبي داخل تلك المؤسسات بهدف إضعافها والهيمنة على المسرح الأمني في العراق.