تقف حكومة الوفاق الوطني الليبة عاجزة أمام تعذر عقد جلسة لمجلس النواب لبحث منح الثقة أو حجبها، في ظل انقسامات بين النواب حيال الحكومة نفسها.
وتعذر عقد الجلسة المعلقة منذ فترة، أكثر من خمس مرات خلال شباط/ فبراير الجاري، ما يعيق بدء عمل الحكومة المنبثقة عن جلسات الحوار السياسي.
وشدد عضو مجلس النواب طارق الجروشي، على أنه “قبل اعتماد حكومة ومنحها الثقة، يجب أن نمنح ضمانات لتنفيذ الشروط التي أعطيت لنا أثناء المشاركة في الحوار السياسي قبل أشهر”.
ويتفق معه في الرأي، عضو مجلس النواب خليفة الدغاري، قائلًا، “كتلة السيادة الوطنية في البرلمان، والتي تتكون من 50 عضوًا، قررت عدم منح الثقة للحكومة الجديدة”.
وأضاف الدغاري ،”اطلعنا في المجلس النواب على السير الذاتية للوزراء الذين قدمهم فائز السراج في تشكيلته الحكومية، فوجدنا أنهم لا يملكون المؤهلات والقدرة الكافية للخروج بالبلاد من الأزمات التي تمر بها، واتصل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بالمبعوث الأممي في ليبيا مارتن كوبلر، وأبلغه بذلك”.
وعلى الطرف الآخر، يقف نحو 100 نائب في مجلس النواب من أصل 200 بينهم 15 مقاطعا، موقف المؤيد والداعم لحكومة السراج.
وأصدر النواب المئة، الثلاثاء الماضي، بيانًا أعلنوا فيه منحهم الثقة للحكومة الجديدة، متهمين زملاء لهم مناهضين للحكومة بـ”تعطيل الجلسات بالقوة”.
وقال البيان، إن “النواب الرافضين لحكومة الوفاق منعوهم بالقوة من إجراء التصويت على منح الثقة للحكومة، رغم بلوغ النصاب القانوني للجلسة”، مستنكراً “اقتحام قاعة البرلمان من بعض الرافضين للاتفاق، ونشرهم الفوضى، وتهديدهم النواب، ومنعهم من التصويت”.
وأكد الأعضاء المئة الموقعون على البيان، “تمسكهم ودعمهم للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، المنبثق عن جولات الحوار السياسي، وموافقتهم على التشكيلة الوزارية، والبرنامج الحكومي الذي عرض في جلسة البرلمان السبت الماضي”.
من جانبها، استنكرت عضو مجلس النواب فوزية أبوغالية، في تدوينة على صفحتها في فيسبوك، “منع النواب المعارضين لحكومة الوفاق الوطني، عقد جلسة الثلاثاء الماضي، عبر الضغط على بعض النواب بعدم تسجيل حضورهم في كشف حضور الجلسة، ومطالبتهم بعدم الدخول إلى القاعة”.
وقالت أبوغالية، “الكثير من النواب الداعمين للحكومة دخلوا القاعة، لكن للأسف ساد جو من الهرج والمرج، وتبادل الاتهامات، والتخوين، والشتائم، وتم الضغط على رئيس البرلمان لإلغاء الجلسة”.
لكن محمد معتوق عضو كتلة السيادة الوطنية في البرلمان الليبي، قال، إن “كتلته قرّرت يوم انعقاد جلسة منح الثقة، عدم منح نصاب الانعقاد إلى حين الوصول إلى توافق حقيقي بشأن الموقف من التشكيلة الوزارية وكذلك المجلس الرئاسي للحكومة”.
وأضاف في تصريحات إعلامية، إن “الكتلة قررت عدم منح النصاب القانوني لانعقاد الجلسة خشية من حالة التوتر التي قد تسود أجواء البرلمان قبل جلسة منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني، وتحسباً لأي مشاكل خاصة”.
وتابع، إن “ذلك يأتي بعد أن تم التأكد من أن العديد من النواب الذين يرغبون في منح الثقة للحكومة قد ينهجون منهجاً غير ديمقراطي خاصة بعد أن استخدموا أسلوب الترغيب بمنح مناصب وهيئات ووكالات أو باستخدام الترهيب.. كانوا يعتزمون في حال عدم منح الثقة للحكومة على خلق بلبلة وإصدار بيان باسمهم وباسم الغائبين يعبرون فيه عن منح الثقة وهو ما حصل”.
وطالب المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، في أكثر من بيان وتصريح صحفي، أعضاء مجلس النواب “الاضطلاع بمسؤولياتهم، وفقًا للاتفاق السياسي، والقيام بما فيه مصلحة ليبيا وشعبها، من خلال اعتماد حكومة الوفاق الوطني”.
وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وقعت وفود عن المؤتمر الوطني العام بطرابلس، ومجلس النواب، وكذلك النواب المقاطعون لجلسات الأخير، إضافة إلى وفد عن المستقلين، على اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، برئاسة فائز السراج، في غضون شهر من بدء التوقيع، وذلك بحضور سفراء، ومبعوثين من دول عربية وأجنبية.
وفي 25 كانون الثاني/ يناير الماضي، رفض مجلس النواب التشكيلة الحكومية التي تقدم بها السراج، والمكونة من 32 وزيرًا، مطالبًا الأخير بتقديم تشكيلة أخرى لحكومة مصغرة، خلال عشرة أيام.
وأعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، في 14 شباط/ فبراير الجاري، التوصل إلى تشكيلة حكومة وفاق، من 18 وزيرًا، على أن يتم عرض التشكيلة الجديدة على مجلس النواب في طبرق لمنحها الثقة، ما لم يحسمه المجلس حتى اليوم.
“ليس جمعية خيرية”
وقال رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح قويدر، في معرض رده على سؤال حول حقيقة التصريحات المؤيدة والرافضة، وكذلك جمع التوقيعات والظهور عبر الشاشات لشرح الموقف المؤيد أو المعارض، إن “البرلمان ليس جمعية خيرية يتم اتخاذ القرارات بالبيانات أمام الإعلام، فهو جهة تنفيذية لديها أساليبها وطرق اتخاد القرار فيها”.