يواجه الرئيس التركي رجيب طيب أردوغان اتهامات بالاتجار بمـأساة اللاجئين السوريين، لتحقيق تطلعات بلاده للانضمام لمجموعة دول الاتحاد الأوروبي، مستغلا حاجة هذه الدول له، فيما يتعلق بوقف تدفق موجات اللاجئين السوريين، الذين تتزايد أعدادهم رغم الاجراءات المشددة التي تقوم بها دول العبور.
ويلفت محللون بـ”مركز المزماة للدراسات والبحوث” إلى أن دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي كان ومازال واحدا من أهم الأهداف التي ركزت عليها حكومة أردوغان في مفاوضاتها معه حول مشكلة اللاجئين السوريين، في وقت يسعى فيه الاتحاد إلى إعادة اللاجئين الذين لم تتوفر لهم أوراق اعترافات باللجوء والإقامة، وهو أمر مرهون بقبول الحكومة التركية استقبالهم مجددا.
ويصف محللو المركز أردوغان بـ”التاجر السياسي الذي خسرت تجارته مع موسكو”، ويعتبرون أنه وجد في الحاجة الأوروبية الماسة لإعادة اللاجئين عبر أراضيه، أو توطينهم داخل تركيا، ورقة ضغط لن تتوفر أمامه مرة أخرى، فطالب بإعادة النظر في ضم تركيا لدول الإتحاد الأوروبي، شرطا للتعاطي مع الأزمة.
وبحسب ما أورده المركز اليوم الثلاثاء، مازالت دول أوروبا مترددة في دفع هذه الفاتورة للرئيس التركي، نظرا لـ”سجل حكومته السيء في حرية الصحافة وحقوق الإنسان”، وليقين هذه الدول بأن سياسة أردوغان “تقوم على تحقيق أهداف محددة عبر المؤامرات والضغوط، واستغلال الحاجات والفرص”.
وطالب الرئيس التركي دول الاتحاد الأوربي بقرابة 3 مليارات يورو، معللا ذلك بحاجته لهذه الأموال حتى يتمكن من الإنفاق على أعداد كبيرة من اللاجئين يتوقع عودتهم، ما دفع المحللين لوصف هذا المطلب بأنه “يأتي ضمن تجارة اللاجئين التي يستغلها أردوغان لتدر على بلاده أموالا طائلة، على أمل أن تكون الخطوة التالية هي المساومة على دخول الإتحاد الأوروبي”.
واشترط أردوغان السيطرة على المناطق الحدودية بدفع هذه الأموال بشكل مسبق، وأعلن أنه “لن يتمكن من السيطرة الكاملة على الحدود في الوقت الحالي بسبب حاجة تلك السيطرة إلى مزيد من الأموال”، وهو ما يتناقض مع مواقف سابقة، منها بحسب المحللين اختراق دبابات الجيش التركي الحدود العراقية واستقرارها في عمق العراق، واستمرار هجوم قواته المسلحة على القوات الكردية في الداخل السوري، لمنعها من السيطرة على بعض الأراضي على حساب جماعات موالية لتركيا”.
وتخشى دول أوروبا إمكانية اندساس أعداد كبيرة من الإرهابيين بين موجات اللاجئين السوريين، وتتحسب لاحتمال تكرار سيناريو باريس، فضلا عن الأحداث المتفرقة التي يتورط بها بعض اللاجئين، وتسلط وسائل الإعلام الغربية الضوء عليها بشكل متعمد.
وبدأت هذه الدول تنظر إلى أزمة اللاجئين على أنها كابوس يؤرقها، وتخشى انعكاسات مستقبلية، في ظل دعاية مكثفة تبثها تيارات يمينية متطرفة، ترفض استقدام هؤلاء اللاجئين إلى أوروبا.
واستغل الرئيس التركي تلك الحالة، ودق على أوتار المخاوف الأوروبية، ويعمل على ابتزازها لتحقيق أهدافه، من خلال التغاضي والسماح بالمزيد من موجات اللاجئين وتسهيل مرورهم إلى أوروبا، قبل أن يرفض إعادتهم مجددا سوى بشروطه.
واختتم المركز تحليله بالقول إن استغلال الرئيس التركي لقضية اللاجئين واستغلال ما يعيشونه من مآسي، ربما لن يدفع الاتحاد الأوروبي مع ذلك للإسراع لضم الأتراك، ووصف هذا الأمر بأنه مستحيل، كما أن الاتحاد الأوروبي يثق في أن الأموال التي ستحصل عليها تركيا نظير “تجارتها” باللاجئين السوريين “ستصنع الكثير مع رجل في انتهازية الرئيس أردوغان” على حد وصف المركز.