اعترف رئيس الحكومة اللبنانية، تمام سلام، بأن بيروت “أخطأت وقصرت” بحق العرب، خاصة دول الخليج، داعيًا إلى مواجهة نفوذ حزب الله عبر ما سماه “خيار الدولة”.
وقال سلام، في مقابلة صحافية، نُشرت السبت: “حصل خطأ وتقصير أدى إلى تشنج في علاقة لبنان مع الخليج بشكل خاص والعرب بشكل عام”، مؤكدًا أنه “سيتم إصلاح هذا الخطأ، عبر الالتزام بالإجماع العربي في كل الاستحقاقات المقبلة، لكن نأمل ألا يذهب الغضب الخليجي إلى حد التخلي عن لبنان”.
وأضاف أن “علاقة لبنان بدول الخليج ليست مادية كما يعتقد البعض، إنما علاقة معنوية ترتكز على التزام تاريخي من قبل دول الخليج بلبنان وقضاياه ومصيره”، على حد تعبيره.
واستنكر تدخلات حزب الله في عدد من الدول العربية، خاصة سوريا واليمن، مؤكدًا أنه “طالب الحزب مؤخرًا بألا يهاجم ولا يتعرض لدول الخليج، وتحديدًا السعودية، حيث لا نقبل أن يُتخذ لبنان منصة لمحاربة أو تشكيل حالة عداء مع دول الخليج”.
وشدد على ضرورة منع حزب الله من التدخل في سوريا وغيرها من الدول، عبر “دعم لبنان وخيار الدولة والمؤسسات الرسمية، خاصة في ظل الشغور الرئاسي والتعثر السياسي في البلاد، وفي ظل كل الخلافات”.
كما شدد على أن “بقاء الحكومة ودعمها، هو عامل وعنصر للتأكيد على خيار الدولة في مواجهة هكذا حالة”، محذرًا من أن “التخلي عن الجيش والحكومة، سيتسبب بانهيار البلاد”.
وبشأن الوثائق التي نُشرت خلال اليومين الماضيين، في أمريكا، حول تورط حزب الله في أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001، فضلًا عن ضبط خلايا تابعة له في دول خليجية، قال سلام: “إذا كان حزب الله يبرر تدخله في سوريا بمواجهة الإرهاب، ما الدور الذي يبرر تدخله في دول أخرى واتخاذه مواقف في قضايا أخرى تخص الدول العربية”.
ونفى وجود “اختراقات كبيرة” لأجهزة الدولة من قِبل حزب الله، قائلًا “ليس صحيحًا ما يتم الحديث عنه من وجود اختراقات كبيرة. قد يكون هناك بعض التداخل من هنا أو هناك، وهذا من طبيعة تركيبة البلد، وفي حال حزب الله لأن لديه جناحًا عسكريًا قويًا، إلى جانب وجوده السياسي، وقد يكون هذا التداخل غير مريح، لكن ليست حالة عامة أو وضعًا عامًا”.
وأكد على أن “الدولة والأجهزة الأمنية ما زالت قادرة على فرض وجودها وجهوزيتها ودورها إلى حد بعيد”.
وتابع “نطالب حزب الله بأن يدرك أن خيار الدولة هو الأقوى إذا ما التقينا جميعًا من حوله، ولا حاجة وقتها لأن نذهب إلى سوريا ولا أي مكان”.
وزاد بالقول “مطلوب من كل القوى السياسية في لبنان، بما فيها حزب الله، التركيز على ما يُوحد الصفوف ويمتن المناعة الداخلية في البلد، ومطلوب من الجميع إدراك أهمية اتخاذ الإجراءات والمواقف التي تحد من الشرخ وتحد من التباينات وتعريض الوطن إلى خطر”، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن طهران “أبدت مؤخرًا على لسان أحد مسؤوليها، رغبتها في تسليح الجيش اللبناني، لكن كانت المساعدة متواضعة ومحدودة جدًا”.
وحول وضع حكومته حاليًا، قال رئيس الوزراء اللبناني، إن “وضع حكومته ليس سليمًا، خاصة في ظل عدم قدرتها على فتح مواجهة مع حزب الله، باعتبارها حكومة ائتلافية، ونحرص على ألا تنهار، لأن انهيارها يعني انهيار لبنان، وإذا انهار لبنان فلن يجد من ينقذه هذه المرة كما فعل العرب العام 1998 في اتفاق الطائف، والعام 2008 في اتفاق الدوحة”.
وتطرق سلام في مقابلته مع صحيفة “الشرق الأوسط” إلى الوضع الأمني الداخلي، قائلًا: “نحن في معاناة مستمرة مع الإرهاب إن كان داخل البلاد أو على حدودنا، لكن يمكنني أن أقول إن الأمن ممسوك داخليًا، رغم الاستقرار السياسي”.