عندما كنت بالخارج شاركت فى بعض المؤتمرات الدولية والعربية حول الاوضاع فى المنطقة العربية وخاصة مصروتونس وليبيا وسوريا واليمن ولبنان والجزائر وكانت المشاركة ايجابية حيث اننى تقابلت مع سياسيين واعلاميين واقتصاديين وتطرقنا لقضايا عديدة وكانت الاراء متنوعة وشملت اراء كل التيارات الحزبية والفكرية وسوف اعرض عليكم تلك النتائج على فترات ولكن قررت ابدأ باخطرقضية اتفق عليها الجميع بل اعتبروها حلقة رئيسية طاغية على كل الاحداث والمواقف والاسباب وهى قضية ( الخيانة والعمالة والتجسس ) بل وضح ان تلك القضية هى الخطر الاساسى لكل الاحداث التى دمرت الاوطان وقتلت الابرياء ولذلك سوف اتطرق لها بشكل مبسط فهى قضية تحتاج الى مجلدات لعلنى اتمكن من توضيح خطرالخيانة التى سبب ازمتنا الحالية فى وطننا التجسس والخيانة ليستا ظاهرتين جديدتين في المجتمعات الإنسانية بشكل عام، وقد ازدادتا مذ بدأت نزعة الحروب طمعاً ببناء إمبراطوريات استعمارية. ولقد تنامتا بشكل متسارع وفظيع في وطننا العربي بعد اتفاقيات التطبيع، وبعد تغير الكثير من المعايير والمحاذير، فسقطت خطوط حمراء وخصوصيتها سواء أكانت مكانية أو فكرية دينية ووطنية. كما ساعد على تنامي الفكر الاستسلامي، الكثير من العوامل، كالعولمة والانفتاح على الغزو الثقافي الغربي المغرض، واستخدامه بطريقة سلبية، والإعلام العربي المرئي المنفلت من عقال الانضباط الوطني، وفتح قنوات حوار مع العدو، وتعويم الشخصية العربية بعد أن كانت محصنة بالثقافة الإسلامية والوطنية، ومنظمات دولية ظاهرها إنساني، وجوهرها تشويه فكر الإنسان العربي بغية غسل دماغه وإخضاعه، بحيث يصبح ملقَناً مسلوب الإرادة بجملة مفاهيم هجينة وغريبة عن المجتمعات العربية المحافظة. ولا ننسى دور تغييب اللغة العربية وتغريب العادات والتقاليد، وما لهما من تأثير مباشر على بناء الشخصية المتزنة والمتوازنة. يحضرني قول غاندي (أفتح نوافذي على ثقافات العالم، على ألا تقتلعني من جذوري)، بمعنى أن العوامل الثقافية مع الحاجة إلى المال وتحول مجتمعاتنا إلى مادية غرائزية، وسيكولوجية الشخص الضعيفة هدف العدو لتوظيف العميل، بالإضافة إلى عوامل سياسية، أدت إلى ازدياد نسبة الجواسيس، واقتلاع الجذور الراسخة، لتحل مكانها طحالب تسلقيّة وبذور دخيلة ليست متجانسة ومنسجمة مع طبيعة البيئة الأصيلة. وبما أن بناء الوطن يبدأ من الفرد، فإن معوله الهدام أيضاً، الفرد المنغمس بمتطلبات العصر المعقدة وعصر التطبيع، والبعيد كل البعد عن الضمير المهني والإحساس بمسؤوليته كواعٍ لما يجري حوله، مبديّاً مصالحه وأنانيته حتى على أقرب الناس إليه. بعملية آلية ترغيبية في البدء، لا تلبث أن تتغير إلى ترهيبية بعد الإدمان التجاري، والشراء قطعاً مقابله بيع، ومن خلال هذه العملية التدريجية، يتم إعادة صياغة عقلية العميل واستدرجاه، والخطورة تكمن بتعامله مع آخرين من أبناء شعبه، ليصبح بالتالي وباءً متنقلاً غير مضبوط ينشر الآفة القاتلة، فما بالك إن كان قيادياً سياسياً أوعسكريا او حزبيا او مثقفا او صحفيا وكاتبا او اعلاميا ، والكثير من كوادره وتلامذته يعتبرونه قدوة لهم!. إن الخيانة ليست وجهة نظر، إنما ممارسات وسلوكيات، تطيح بآدمية صاحبها، وتنتهك كرامته في متاهات الضياع الأخلاقي والوطني. وأخطر ما في الأمر هو تدعير الإنسان وتدواله كسلعة تُباع وتُشترى، وكل سلعة لها سعر معين، حسب مكانتها الاجتماعية والسياسية، وحسب طاقتها وقدرتها على التوغل في المجتمع، وتجنيد آخرين لذات المهمة القذرة. لم تكن عيون اجهزة المخابرات الدولية بعيدة عن هؤلاء، ولا المراكز المخصصة لتجنيدهم، والتي نشطت بعدة طرق ووسائل، منها مؤتمرات بحثية مشتركة ومن اجل حقوق الانسان ودعم الديمقراطية وحرية الرأى والتعاون من أجل “السلام” ونبذ “العنف والإرهاب”، وهم أول من مارس الإرهاب الممنهج والمقنن، باغتيال أصحاب الفكر والثقافة والعلماء والسياسيين والمقاومين…
عملت كافة اجهزة الاستخبارات وعملاؤهم بمنتهى السرية والدقة من خلال شبكة عالمية أفقية، بحيث قد لا يعلم العميل أنداده في معظم الأحيان في البلد الواحد، وزادت الوسائل الحديثة للاتصالات، من سرعة توصيل معلومات دقيقة في غاية الخطورة على الأمن الوطني. لذلك فإن الكشف عن هؤلاء الجواسيس وعقابهم خطوة إجرائية، من شأنها إضعاف هذا السلاح الخطير ، وضربه في العمق لإثبات عدم جدواه. ولكن مهما تم بذل اى جهود وبكل صراحة لا نستطيع أن نتحمل مخاطر الخونة والعملاء ومايسمى الطابور الخامس الذى قد يكون متغلغل فى مواقع هامة ورئيسية ونشهد فى المحاكم الان قضية خيانة لرئيس الجمهورية ومساعدية وقضية لازالت امام النيابة العامة خاصة بالتمويل الاجنبى مما يعني أن معركة قطع يد العملاء، بدأت بشكل مكثف وحاسم منذ الوقت التى يتم اكتشافها .
على الرغم من هذا، إلا أن العملاء ينشطوا بعد كل ازمة سياسية او اقتصادية او اجتماعية لتفجير الامروتهويل الامر ونشر الاكاذيب والتضليل خاصة ان البعض منهم متواجد فى الوسائل الاعلامية وقنوات يملكها رأس المال الفاسد وقد حاولت اجهزة الدولة جهود مضنية للاشارة الى خطورة تلك الظاهرة وانها قد تؤدى الى اضرار بالامن القومى على اساس ان البعض يتورط بحسن نية وان ينتبهوا قبل فوات الأوان، مع أن “ديل الكلب لا يستقيم”، وبتره هو العلاج الفعال، ليكونوا عبرة لغيرهم. كذلك تنبهت اجهزة الامن المختلفة، لخطورة هذه المهنة الوضيعة، وستطال عناصركبيرة، ووراءها أتباع من مختلف الانتماءات والمواقع
فبذلت جهود للتصدى الى هذا الخطر وتجاوزه دون تصعيد مع قوى دولية تمول وتدعم هؤلاء الخونة والعملاء ولكن فى نفس الوقت لم تفرط فى وطنيتها وحمايته فتصدت للبعض وكشفتهم وفضحت خيانتهم ، مما أربك مراكز الاستخبارات (التى تجندهم وعملاءهم بآن،المواجهة شديدة وسينفرط العقد، ليسقط غيرهم تباعاً، وما زال في قدرة الاجهزة الامنية وشرفاء الوطن المزيد والمزيد من المفاجآت، وحول ملف العملاء وارتباطهم بالعدوتحت اى مسمى خادع، ولا حصانة أو رحمة لأي منهم، كباراً أو صغاراً… ……………………
الخلاصة، إن أمن البلد، هو تلاحم وتوحيد جهود الجيش.. الشرطة والشعب، وتلك العناصر ركائز كافية لتنظيف الوطن من النفوس الضعيفة الذليلة، ومن رهن إنسانيته للعدو، بدل خدمة وحماية أرضه وعرضه. لا يقتصر وجود هؤلاء العناكب والعقارب في الداخل فقط ، ولتجدن أوكارهم في العواصم والمدن فى الخارج ، وعلى الأخص، تلك التي ارتضت بـ”شراكة السلام” وسياسة الاعتدال، إلا أن فتح هذا الملف الخطير، يتيح المجال أمام الحكومات العربية محاسبة ومعاقبة كل من تسول له نفسه باغتيال أمن وطنه وشعبه، قانونياً وأخلاقياً… فاحموا محارمكم قبل أن تُستباح الأرض ويُذل الإنسان ويجرد من آدميته، وكلكم مسؤول عن رعيته، وهذا من شأنه حماية أمننا القومي ووطننا العربي من شخوص لا يجوز أن تنعم بحريتها الرخيصة، وأن تُردم بحفر تليق بجريمة تستحق القصاص، ولنضع نصب أعيننا أن الأطماع الاستعمارية لا تقف عند حدود أو عقود. مادام هناك من يقبل ان يكون بلا شرف او ضميرويخون وطنه حتى لو كان الثمن دم وارواح ابرياء من ابناء جلدته — ولهذا استئصالهم واجب وطنى ودينى وانسانى –