نشرت مجلة ” ذا فورين بوليسي” الأميركية، انتقدت فيه تضارب تصريحات المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية”دونالد ترامب” الخاصة بالسياسية الخارجية التي ينوي انتهاجها، في حال تمكنه من الوصول إلى كرسي الرئاسة في البيت الأبيض.
واعتبرت المجلة تصريحات “ترامب” مستفزة لمشاعر الأميركيين، خاصة طبقة المثقفين منهم، إذ أوردت: “إن تضارب آراء وتعليقات دونالد ترامب فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الاميركية قد أشعل غضب المثقفين والاستشاريين في واشنطن، لقد أظهرت ردوده الغريبة على الاسئلة المتعلقة بأمور أساسية في الأمن الدولي خلال مناظرات الحزب الجمهوري وخطابات حملته الانتخابية والمقابلات الطويلة التي أجراها مع هيئات تحرير واشنطن بوست ونيويورك تايمز، جهلا كبيرا لا يجب أن يصدر من مرشح لرئاسة إحدى أقوى الدول في العالم”.
وكتبت المجلة ضمن تحليلها لشخص “ترامب”، والأسباب التي تقف وراء تخبط تصريحاته ما ياتي:” ولكن الحقيقة أن حال دونالد ترامب لا يختلف عن حال المواطن الجمهوري الطبيعي أو المواطن الأميركي العادي، ويعود السبب وراء هذه الظاهرة الى أن معظم الشعب الأميركي لا يعلم شيئا عن السياسة الأميركية، تماما مثل دونالد ترامب”.
وربطت المجلة بين دعوة “ترامب” لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة وبين استطلاع للرأي حول مدى قبول أو رفض دعوته من قبل المجتمع الأميركي، فكتبت: “يحظى الخيار الأول من دعوة “ترامب” بدعم 36% من الشعب الأميركي و59% من أعضاء الحزب الجمهوري، بينما يحظى الخيار الثاني بدعم 44% من الشعب الأميركي و60% من أعضاء الحزب الجمهوري”.
وأوردت المجلة مثالاً تناول جهل “ترامب” ومن خلفه الشعب الأميركي بالمجتمع الإسلامي، إذ تحدث المثال عن استطلاع للرأي نشره مركز “بيو” للأبحاث العام 2011، وتناول التعرف إلى الرموز الدينية، إذ لم يتمكن سوى 42% من الأميركيين الذي شاركوا في هذا الاستطلاع من التعرف إلى رمز الهلال والنجمة على أنه رمز إسلامي من بين 4 رموز أخرى تشمل الصليب المسيحي ونجمة داوود.
واعتبرت المجلة أن كثيراً من الأميركيين، بمن فيهم قادة سياسيون ومسؤولون في قطاع مكافحة الإرهاب، لا يدركون الفرق بين المذهب السني والمذهب الشيعي في الإسلام، وهو الأمر الذي تعدّه المجلة أحد أهم العوامل المساهمة في الإرهاب والنزاعات في الشرق الأوسط خلال العقود العديدة المنصرمة.
وتسهب المجلة في الحديث عن لعب “ترامب” على وتر ضرورة تخفيض حجم المساعدات التي تنفقها الولايات المتحدة على حلفائها في العالم، مكتسباً بذلك شعبية في الشارع الأميركي الذي يفضل تخفيض حجم المساعدات الخارجية، لاستثمارها في الداخل الأميركي لاعتقادهم أن بلادهم تنفق نحو ربع ميزانيتها الفيدرالية على المساعدات الخارجية، في حين أن واشنطن لا تنفق سوى 1% “مساعدات خارجية” من إجمالي الميزانية الفدرالية.
وضربت المجلة مثالاً آخر عن جهل “ترامب” فكتبت: “لقد ذكر ترامب في آخر اجتماع له مع هيئة تحرير نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة كانت مخطئة في منح إيران 150 بليون دولار، والأنكى من ذلك، على حد تعبيره، أن إيران لم تشترِ أي شيء من الولايات المتحدة بعد رفع العقوبات”.
إن هذا التصريح، وبحسب المجلة يؤكد ان “ترامب” ظن أن الولايات المتحدة “منحت” إيران مبلغا معينا، بينما الحقيقة أن ما حصل كان مجرد إطلاق سراح الأصول الإيرانية المجمدة بموجب العقوبات، ويبدو أيضا أن “ترامب” يجهل أن إيران لا تستطيع أن تشتري أي منتجات أميركية وذلك بسبب بنود العقوبات الأميركية الجارية.
وعدّت المجلة أن جهل “ترامب” بالوضع الإيراني يضاهي جهل العامة، وهو ما انعكس إيجاباً على حظوظ “ترامب”، على الأقل حتى الآن في سيره نحو كرسي الرئاسة.
وتختتم المجلة مقالها، بالإشارة إلى أن جهل الأميركيين بالشؤون الخارجية ليس أمرا جديدا، ومؤكدة أن الكثيرمن الرؤساء والمراقبين السياسيين، اشتكوا من هذا الأمر منذ مطلع تاريخ الأمة الأميركية، إذ وثق المستطلعون هذه الحقيقة منذ بدء الاستطلاعات العلمية في أربعينيات القرن الماضي.