على مدى خمس سنوات مرت على الشعب الليبي من اضطرابات وخلافات نجحت سلطنة عمان في اعلان ولادة الدستور الليبي عقب استضافتها المباحثات مع الأطراف الليبية المختلفة بهدف التوافق حول كتابة دستور ليبي يطرح للاستفتاء على الشعب في المرحلة المقبلة وسط تأييد دولي وأممي لتلك الخطوة التي انتهجتها سلطنة عمان بهدف إرساء الاستقرار والسلام بدولة ليبيا ,حيث اختتمت بمدينة صلالة أعمال اللقاء التشاوري للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي بمشاركة 32 عضواً وعضوة من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي الذي استضافته السلطنة برعاية الأمم المتحدة ,وقد توجت هذه المشاورات التي استمرت ثلاثة أسابيع بمدينة صلالة ببيان ختامي أعلن من خلاله توافق الأعضاء الليبيين المتشاورين بنسبة كبيرة على مسودة لمشروع الدستور الليبي والذي سوف يعرض على الشعب الليبي للاستفتاء عليه بعد إقرار مسودة الدستور النهائية.
سلطنة عمان تؤكد على دورها في نزع فتيل الازمات بمنطقة الشرق الأوسط
من جانبه قال السفير قاسم بن محمد الصالحي ممثل السلطنة في مراسم الجلسة الختامية أننا سعداء بإنجاز الدستور الليبي هنا من سلطنة عمان وبرعاية السلطان قابوس واذ نغتنم هذه الحدث البهيج لنزف للشعب الليبي الشقيق التهنئة بهذا النجاح الباهر الذي أحرزتموه بحرص وإخلاص وصدق النوايا، تحقيقا للعدل والمساواة والاستقرار بين مختلف مكونات أطياف الشعب الليبي، وان ما تحقق من توافق بينكم خلال جلسات حواراتكم يعتبر دليلاً واقعياً ومثلا يحتذى به بأن كل الخلافات بين الاخوة يمكن حلها من خلال قبول الرأي والرأي الآخر.
والسلطنة قيادة وحكومة وشعباً تأمل أن تكون مسودة الدستور التي توافقتم عليها بداية عهد جديد مزدهر في ليبيا يضمن مشاركة الجميع وعقدتم اجتماعا جامعا اختاره الليبيون كافة، ونسأل الله عز وجل أن ينعم على الشعب الليبي الشقيق بحياة آمنة مطمئنة ويحقق كل ما يصبو اليه من تطلع نحو الاستقرار والازدهار.
رئيس الهيئة التأسيسية للدستور الليبي : سلطنة عمان وفرت لنا المناخ المناسب ولم تتدخل في المشاورات
أكد الدكتور الجيلاني عبدالسلام ارحومة رئيس الهيئة التأسيسية المكلف لصياغة مشروع الدستور أنه نقاط الخلاف التي توافقوا عليها هنا في مدينة صلالة والتي منها إقرار مدينة طرابلس عاصمة للبلاد وكذلك نقاط تتعلق بانتخاب الرئيس وكذلك تم اختيار مدينة بنغازي لتكون مقر المجلس التشريعي وكذلك المفوضية العليا للانتخابات فيما تم الاتفاق على أن يكون مقر المحكمة الدستورية في مدينة سبها ,موضحا أنه باختتام مشاوراتنا في مدينة صلالة نجدد الشكر لسلطنة عمان (سلطاناً وشعباً وحكومة) على ما أبدوه لنا من ترحيب وحفاوة وكرم أصيل وحسن معاملة، دافعهم فقط هو تسهيل مهمتنا التي جئنا من أجلها وهو الوصول إلى توافقات حول قضايا في مشروع الدستور الذي نقوم نحن أعضاء الهيئة بصياغته.
وأشار الجيلاني في كلمته متحدثاً عن دور السلطنة في استضافة هذا اللقاء التشاوري: لقد استقبلونا في البداية مرحبين و ثم هيأوا لنا المكان وانصرفوا متيحين لنا فرصة الحوار الهادي ، ثم لما علموا أننا أنهينا مهمتنا ووقعنا على توافقاتنا جاءونا مباركين وعلى وجوههم أثر السعادة داعين الله لنا أن يتم نعمته وتوفيقه ونشيد ببعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ورئيسها معالى مارتن كوبلر على الجهود المتميزة في دعم الهيئة المتمثل في وقوف المؤسسات الدولية مع الهيئة ودعمها، وتوفير الخبراء للهيئة، كما نشكر كل المجموعة التي صاحبته.
لقد وفرت بعثة الأمم المتحدة للدعم لليبيا في هذه الزيارة مجموعة قيمة من الخبراء استفادت من خبرتهم الهيئة، اعتقد وزملائي انه كان لها الأثر الطيب فيما توصلنا إليه، لذا أوجه شكر أعضاء الهيئة للسادة الخبراء المحترمين الذين أعطونا بسخاء خبرتهم العلمية في القضايا الدستورية التي طرحت في هذه الزيارة.
وأحب أن أسجل هنا أن جميع ما حصل من توافقات إنما اتخذها أعضاء الهيئة بإرادتهم الحرة دون ضغط أو إملاء أو توجيه أو حتى إيحاء سواء من بعثة الأمم المتحدة للدعم أو الخبراء أو من المسؤولين من أهلنا في عمان.
ممثل الأمم المتحدة :سلطنة عمان ساهمت على رسم دستور للمستقبل الليبي
قال الدكتور محمد الغنام ممثل رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والخبير الدستوري في كلمة ألقاها بالنيابة عن مارتن كوبلر مبعوث الامين العام للأمم المتحدة للدعم في ليبيا , أن نسبة التوافق وصلت إلى ما يقارب 90% وهذا مؤشر جيد وأن التوافق حول حكومة الوفاق الوطنية ساهم بشكل كبير إلى الوصول إلى هذه التوافقات.
موضحا «أن هناك ثلاث نقاط اساسية جئنا بها إلى صلالة وتم تجاوزها جميعا، وهي نقاط سياسية وفنية، النقاط السياسية، هي على سبيل المثال تحديد عاصمة لليبيا او تحديد مقار لتوزيع السلطات، او تحديد الحكم هل هو مركزي او لامركزي، وايضا حقوق المرأة ونقاط خلافية اخرى».
كما تم التوافق على آخر هذه الخلافات وهي حقوق المكونات، على نحو أرضى جميع المتواجدين، واعتقد انه أرضى شريحة كبيرة من الشعب الليبي، وانا متابع جيد للإعلام الليبي، واعتقد أن هناك رضا كبيرا عن ما أفرزته اجتماعات صلالة».
وقال إن النقاط الخلافية تشعبت وهي التي اخذت الكثير من الوقت للمشاورات والوصول إلى تفاهمات حولها، وكانت الامم المتحدة واعضاء الهيئة التأسيسية الليبية والاخوة في السلطنة يرغبون جميعا في الوصول إلى حلول لهذه الخلافات جميعها، لهذا تم تمديد جلسات المفاوضات حتى يتم الانتهاء من هذه القضايا، وكذلك تم مناقشة قضايا اخرى، على سبيل المثال، موضوع الهيئات القضائية -الذي أثار جدلا كبيرا في وقت سابق – وقد تم حل هذا الموضوع، وطبعا الهيئة القضائية تمثل السلطة الثالثة وذات أهمية كبيرة، وهو لم يكن في البداية مدرجا على قائمة الأعمال.
وإننا في الامم المتحدة وهيئة صياغة الدستور توفر لنا المناخ الإيجابي في صلالة، لعقد هذه المشاورات، فتوسعنا في التوافقات حتى نقطع الطريق عن اي خلافات مستقبلية. وقال: أعتقد أن جزءا كبيرا من التوافقات التي تمت هنا سوف يتم العودة بها إلى ليبيا، والتصويت الرسمي يجب أن يتم في الاراضي الليبية، وتحديدا في مدينة البيضاء في الشرق الليبي، وهو مقر الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، وسوف يتم التداول في ما تمت الاتفاق عليه هنا في صلالة، مع أعضاء آخرين، وهناك مؤشرات إيجابية على حصول توافق مع كل الأعضاء في ما تمت التوصل اليه.
مؤكدا أنه عقب اختتام أعمال اللقاء التشاوري للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي بعد مشاورات متواصلة لمدة ثلاثة أسابيع لبناء توافقات حول مسودة مشروع الدستور الليبي والتي تخللتها مداولات ونقاشات ومحاورات مستمرة قادت إلى توافقات لبناء دستور يرسم المستقبل الليبي الدائم، دستورٌ يطابق المصالح العليا للشعب الليبي ويعبّر عن هويته الوطنية التي من ركائزها الأساسية الدين الإسلامي الحنيف والقيم الاجتماعية النبيلة، دستورٌ يعمل على استكمال بناء دولة المؤسسات الديمقراطية، وترسيخ مبادئ وآليات الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان، دستورٌ يقوم على المساواة والمواطنة والعدالة الاجتماعية، دستور يكتب بأيدٍ ليبية دون أية إملاءاتٍ أو تدخلاتٍ خارجية.
وأضاف الغنام قائلاً: لقد شُرفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بتسيير أعمال هذا اللقاء التشاوري ونحن نثمن بكل فخر الجهد الذي بذله أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي على مدى أسابيع من العمل الشاق، تكلل بحمد الله بنجاح المشاورات.
كما نقدر حرص أعضاء وعضوات الهيئة الكبير والمخلص للخروج بتوافقات تهدف إلى إرساء دعائم الأمن والازدهار للشعب الليبي الكريم ونأمل أن يشكل هذا التوافق أساساً ونقطة تحول في مسيرة ليبيا نحو التنمية والديمقراطية، وأن يكون هذا الاتفاق نموذجاً يُحتذى به في منطقتنا العربية.
كما نتمنى أن تشكل توافقات صلالة ركيزة أساسية لمشروع دستور يلتف حوله الليبيون جميعاً، بكل مكوناتهم، وأن يؤيده الليبيون من خلال استفتاء وطني يكون نقطة انطلاق نحو مستقبل ليبي مزدهر.
المرأة لها نصيب وافر في الدستور الليبي
وقالت زينب الزائدي أنها تشعر بالرضا عما توصلوا إليه خلال هذه التشاورات وأن المرأة الليبية سوف تنال حقوقها من خلال الدستور الليبي الجديد معلنة أنه تم إقرار حق أبناء المرأة الليبية المتزوجة من غير ليبي وكذلك حقها في المجلس التشريعي والمجالس المحلية ومجلس حقوق الإنسان والتمييز ضد المرأة.