عبر وزير السياحة المصري يحيى راشد عن ثقته في قدرة القطاع على اجتذاب ملايين السياح الأجانب إلى بلاده من جديد على الرغم من هبوط عدد السياح 40% في الربع الأول من 2016 والانتكاسات المتتالية التي تلت تفجير طائرة الركاب الروسية في شرم الشيخ والأزمة الناتجة عن مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.
وقال راشد الذي تولى منصبه الشهر الماضي خلفا لهشام زعزوع في مقابلة مع رويترز “يحدوني أمل وتفاؤل كبير حيال مستقبل السياحة في مصر. اريد أن أنقل الابتسامة إلى وجوه الجميع. علينا أن نبقى إيجابيين.”
وأضاف “القدرة على استعادة حركة السياحة لدينا هي أولوية بالنسبة لنا. هدفنا هو اجتذاب 12 مليون سائح بنهاية عام 2017.. وهذا الأمر سيتطلب الكثير من العمل.”
وتمتد خبرة راشد في القطاع السياحي والفندقي على مدى 33 عاما في سلسلة فنادق الماريوت ومجموعة الخرافي.
وقال الوزير: “آليتنا تهدف إلى اجتذاب عدد أكبر من العدد الذي ذكرته بكثير.. السياحة المصرية كانت أساسية للسياحة العالمية ولا يوجد أي سبب يجعلنا نفكر بأننا لن نعود إلى الساحة وبقوة أيضا وبسرعة وبطريقة منظمة.”
وتكبّد قطاع السياحة السياحة المصري خسائر هائلة في الإيرادات منذ تحطم طائرة الركاب الروسية في سيناء في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي؛ ما أسفر عن مقتل 224 شخصا كانوا على متنها.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: إن تحطم الطائرة الروسية نتج عن عمل إرهابي. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن تفجير الطائرة.
وأكد راشد أن مستوى الأمن في المطارات المصرية تحسن منذ حادث تحطم الطائرة الروسية مشيرا إلى وجود تعاون مع شركة “كونترول ريسكس” الاستشارية في مجال الأمن والمخاطر.
وقال، “نعمل على تحسين الأمن والجهات المسؤولة عن هذا الموضوع تعمل ليلَ نهار لتعزيزه في كل مكان. مصر آمنة.”
وأضاف “الإرهاب في كل مكان.. ويجب ألا توصم مصر بأنها غير آمنة في حين أن الارهاب بات قادرا على الوصول إلى أي مكان.”
ونشبت أزمة سياسية ودبلوماسية بين إيطاليا ومصر في أعقاب مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي اختفى أياما ثم عُثر على جثته على قارعة طريق في فبراير/ شباط وعليها آثار تعذيب شديد.
وقالت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان: إن التعذيب بهذه الطريقة يشير لمقتل الشاب الإيطالي بأيدي قوات الأمن المصرية، لكن القاهرة نفت بشدة هذه الاتهامات التي امتدت آثارها إلى القطاع السياحي وأساءت إلى صورة مصر الخارجية.
وفي هذا الصدد قال راشد، “المؤسسات الحكومية تعمل على هذه القضية ولا أريد التدخل في عملها ولا أن أخمن بخصوص ما توصلت إليه في هذه القضية. لكنني واثق أن الحكومتين المصرية والايطالية لديهما علاقات تمتد لقرون وستتوصلان إلى حل. وما علينا فعله هو أن نؤكد للعالم أننا لا نقول سوى الحقيقة.”
وعن سير التحقيقات في القضية والأثر الذي سيتركه هذا الأمر على صورة مصر في الخارج قال راشد، “العدالة لا تتجزأ. لماذا قد تغطي الحكومة المصرية على أي أحد؟ لا مصلحة لنا في هذا. على العدالة أن تأخذ مجراها. وعلينا ألا نخمن.”
وأضاف، “نحن نهتم بشكل كبير بحقوق الإنسان. الطريقة الفضلى في الواقع هي بث موجات إيجابية بأن مصر آمنة وأنها تستحق الزيارة؛ لأنها مكان يرحب بالزوار. “الحوادث تحصل لكننا نحترم الناس ونريد أن نؤكد أننا ملتزمون ومكرسون لتوفير أمن وسلامة الناس.”
وختم كلامه في هذه المسألة بالقول: نريد أن نظل إيجابيين ويحدونا الأمل. أريد أن أنقل الابتسامة إلى وجوه جميع من يزورون مصر. لتأخذ التحقيقات مجراها لكنني أريد ابتسامتكم وأريد السياح هنا.
خسائر فادحة
ويسعى قطاع السياحة المصري -إحدى ركائز الاقتصاد والمصدر الرئيس للعملة الصعبة- لاستعادة عافيته بعد الأزمة السياسية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد عقب أحداث عام 2011 التي أنهت حكم الرئيس السابق حسني مبارك عام 2011.
وزار أكثر من 14.8 مليون سائح مصر عام 2010 وانخفض العدد إلى 9.8 مليون عام 2011 . وسبق أن تعرضت السياحة لانتكاسات كبيرة في السابق بعد أن أقدم مسلحون إسلاميون متشددون عام 1997 على قتل 58 سائحا وأربعة مصريين في الأقصر جنوب مصر. وأوضح راشد أن نسبة السياحة هوت 40 % في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي.
لكن الوزير قال: إن عدد السياح الخليجيين زاد في الوقت نفسه 45 % في الربع الأول مقارنة مع مستواه قبل عام جراء الأوضاع والحروب في المنطقة.
تفاؤل وأمل
وعلى الرغم من تراجع الحركة السياحية باضطراد، عبّر راشد عن تفاؤله وهو يفند خطة وضعها من ست نقاط ترتكز بشكل أساسي على العمل بشكل وثيق مع الشركات السياحية المصرية والشركات السياحية في جميع أنحاء العالم وتعزيز أجندة النشاطات والمؤتمرات الخارجية في مصر.
كما تشمل الخطة توسيع قطاع الطيران المحلي وتعزيز عمل شركة “مصر للطيران” في عدد أكبر من البلدان والمدن وربط الخارج بمزيد من الرحلات المباشرة من المدن الأوروبية الى المناطق السياحية المصرية فضلا عن تعزيز التعاون مع شركات الطيران الاقتصادي.
وتتضمن الخطة تنظيم برنامج للأنشطة الترفيهية في كل المناطق السياحية وتطوير البنى التحتية وتسهيل التنقل بين المناطق السياحية وتسهيل وسائل الاتصالات وتوفير جميع التسهيلات بغية توفير متطلبات البنية التحتية السياحية.
وشدد راشد على العمل في إطار الخطة على تجديد وتحسين الفنادق وتطوير القدرات البشرية عبر دورات تدريبية بالتعاون مع كبار الشركات والمعاهد التدريبية.
كما سلط الضوء على أهمية “دعم المستثمرين الحاليين في قطاع السياحة وتقديم أنموذج من خلالهم لقطاع المستثمرين بأكمله وهذا سيشجع المزيد على توظيف أموالهم في القطاع.”
أما النقطة السادسة التي يأمل راشد أن يحقق فيها الكثير فهي “السياحة الصديقة للبيئة” ونشر وسائل توليد الطاقة على سبيل المثال من مصادر لا تضر بالبيئة مثل الاعتماد على الطاقة الشمسية وغيرها.
وعن تمويل تطبيق هذه الخطة الطموحة قال راشد، “لدينا تمويلات تمكننا من تنفيذ برامجنا نسبيا على المدى القصير. المال الذي بحوزتنا حاليا يمكنه أن يدعم جميع المشاريع التي نريد البدء فيها.”
وأضاف، “كما يجب أن نحدد أولا تكاليف الخطة السداسية التي أنهينا للتو العمل عليها وما زال أمامنا تحويلها إلى خطة عمل وأهداف محددة. سنستمر في تطوير هذه الخطة وتعديلها باستمرار. لدينا غرفة عمل ستتولى التنفيذ خطوة خطوة . لدينا التمويل، وبرامجنا هي في مجملها برامج تحفيزية. نريد أن نأخذ من التمويل وتوظيفه حيث هو مفيد.”
وختم راشد بالقول: “ما أريد أن أبعثه هو رسالة سلام ورخاء وأن يفهم الجميع أننا نرحب بعودتهم إلى مصر. هذا مصدر فخر لنا.