وصف مصدر سياسي عراقي مطّلع، اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الأميركية جون كيري، ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الجمعة الماضي لدى زيارة المسؤول الأميركي إلى بغداد، بأنه لم يكن إيجابيًا مطلقاً.
وأضاف المصدر إن الجانب الأميركي عبّر خلال اللقاء، عن عدم رضاه على الإصلاحات التي يعتزم العبادي إجراءها، واصفًا هذه الإصلاحات بـ”الشكلية، بما فيها لائحة الأسماء المطروحة للوزارات والتي يفترض أن تضم شخصيات من التكنوقراط”.
وتابع المصدر، إن “كيري أخبر العبادي صراحة، بأن واشنطن علمت جيّدا أن الإصلاحات بصيغتها الحالية، هي مجرد مرحلة انتقالية وإجراء شكلي؛ يُراد منه عدم محاسبة المسؤولين عن قضايا الفساد والمتسببين بأعمال العنف في العراق”.
وقال دبلوماسي عراقي رفيع، لـ “إرم نيوز”، إن”السفارة الأميركية في بغداد، لديها شبه قناعة، بأن التظاهرات الاحتجاجية التي قادها الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر قبل أسابيع وانتهت بعودته من بغداد إلى النجف، من دون تحقيق مطالب الشارع، ليست سوى عملية للتمويه، منحت الكتل السياسية فرصة مجانية لإعادة ترتيب تحالفاتها مجدداً”.
ويستشهد الدبلوماسي المقرب من التحالف الشيعي، بزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والذي أصر أن يهبط مباشرة بطائرة عسكرية أميركية، في مهبط خاص بسفارة الولايات المتحدة داخل المنطقة الخضراء، وألا يكون أحد من المسؤولين العراقيين في استقباله، في مؤشر على عمق الأزمة بين الإدارة الأميركية والطبقة السياسية الحاكمة في بغداد.
ويرى المحلل السياسي أنور عبد الصاحب الغراوي، أن”الأميركان يدركون جيدا أن الحاكم الفعلي في المنطقة الخضراء ببغداد هو رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، الذي استولى على مليارات الدولارات من الخزينة أثناء فترة ولايتيه على رأس الحكومة، والذي يحظى بدعم إيراني كامل، ويمتلك ميليشيات قوية ونافذة تسيطر على الأجهزة الأمنية، وليس حيدر العبادي، الذي أثبت ضعفه الإداري، ومواقفه الركيكة أمام قوة الدولة العميقة التى يديرها نوري المالكي من وراء الكواليس”، بحسب الغراوي.
ويضيف الغراوي: “أصبحت لدى القوى المدنية قناعة كاملة بأن التشكيلة الوزارية القادمة، لن تتحقق وإنما هي مجرد استهلاك للوقت، من أجل حدث أكبر تخطط له إيران في العراق، بعد علم الإيرانيين بأن مشروع الإقليم السني والمدعوم أميركياً، على وشك الإعلان عنه، وأنه قد حان الوقت لانقلاب شكلي تنفذه ميليشيات إيران للإطاحة بالعبادي -المدعوم أميركيًا- عن كرسي رئاسة الحكومة”.
إيران والصيف الدموي في العراق
وفي المقابل، يتحدث سياسيون ومراقبون عن خطوة استباقية من قبل الأميركان، تفضي إلى إزاحة المالكي، رجل إيران المسيطر، وإعادة اسم عماد الخرسان للواجهة، كبديل سياسي شيعي مقبول، فضلاً عن صلاته الوثيقة بالبيت الأبيض.
يذكر أن سياسيين ومشرعين أميركيين اجتمعوا في واشنطن بقادة من سنّة العراق قبل أسابيع، ما أفضى، بحسب تسريبات من سياسيين، إلى وضع الخطوط النهائية لإعلان الإقليم السني، كمرحلة أولية في الأنبار، بانتظار تحرير الموصل من داعش، قبل ضمها وباقي المناطق السنية إلى الإقليم، ما يفسّر، بحسب مراقبين، إصرار الإدارة الأميركية على تحرير الموصل قبل إنجاز ملف الإصلاحات السياسية”.
واستباقا للخطة الإيرانية، التي يقول سياسيون ،إنها ستحمل اسم “الصيف الدموي” الذي لم يسبق له مثيل من خلال تصعيد وتيرة التفجيرات، وأعمال العنف، والقتل الطائفية التي تنفذها الميليشيات الشيعية، بهدف دفع الشارع الشيعي، إلى المزيد من التخندق وراء المالكي، وقادة الميليشيات، تمهيداً للانتخابات المقبلة لمجلس المحافظات 2017 والبرلمان 2018.
ويرتكز المسعى الأميركي على خطوات أهمها: إعادة كتابة الدستور أو تعديله، تحت بند الإصلاحات، بهدف تحجيم دور القوى الشيعية المرتبطة بإيران وحرمانها من المساحة الدستورية للهيمنة على القرار السياسي من خلال مجلس النواب، بحسب ما يؤكد مهتمون بالشأن العراقي.