حالة من الجدل سيطرت على الأجواء السياسية والشعبية في مصر، خلال الساعات الماضية، بالتزامن مع زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة، حول مصير جزيرتي تيران وصنافير بخليج العقبة، وذلك في إطار توقيع اتفاقية ترسيم الحدود ضمن الاتفاقيات التي وقعت بين البلدين مساء الجمعة الماضي.
خبراء عسكريون واستراتيجيون مصريون، تحدثوا في إطار ما أعلنته القاهرة عبر مجلس الوزراء بأن الجزيرتين تتبعان – بحسب ترسيم الحدود – المملكة العربية السعودية.
ووضح الخبراء أن اعتراف اتفاقية ترسيم الحدود بالتبعية للمملكة لا يعني تغير الحال المستمرة منذ أكثر من 65 عاما بمسؤولية مصر عن حمايتهما، فضلا عن وجود اتفاقية كامب ديفيد، الموقعة بين مصر وإسرائيل في نهاية السبعينيات، التي تضع الجزيرتين ضمن المنطقة “ج ” الاستراتيجية.
ولفت مراقبون إلى أن إجراءات رفع المسؤولية المصرية عن الجزيرتين، بحسب القانون الدولي، تتطلب إعلام الدولتين الأمم المتحدة التي تحمي الاتفاقيات الدولية وتباشر متابعتها وتنفيذها بالأمر، وهو ما لم يتم إعلانه مع توقيع اتفاقية ترسيم الحدود.
وحول اتفاقية ترسيم الحدود، التي وقعت في القاهرة بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، مختار غباشي، إن الاتفاقية التي وقعت لا تشهد بيعا أو تنازلا للجزيرتين، ولكنها شهدت إعادة ترتيب وتقنين بين البلدين للجزيرتين.
مسؤولية مصرية حتى العام 2081
وأكد غباشي أن الاتفاقية تجعل مصر مستمرة في المسؤولية عن الجزيرتين حتى العام 2081، ولم يضع في الاتفاق شكل التعامل عليهما بعد 65 عاما من الآن، موضحا أن مصر ستظل مسؤولة عن الجزيرتين مع وجود مساعدات تصل إلى 2 مليار دولار، مقابل فرض تلك المسؤولية، على أن يكون للمملكة العربية السعودية الحق في التنقيب حول الجزيرتين، وفي حالة الاكتشاف تكون للسعودية نسبة 75 % من الاكتشاف و 25 % لمصر.
وقال غباشي، إن الجزيرتين في الأساس ملكية سعودية، ولكن في العام 1948 بعد إنشاء الكيان الصهيوني، حدث حوار بين مصر والسعودية لتتنازل الأخيرة عن إدارة الجزيرتين للقاهرة في عام 1950، والعمل على حفظهما أمنيا أمام الكيان الصهيوني، وأبلغت كلا من الأمم المتحدة وإنجلترا وأميركا بذلك إلى أن حدثت نكسة العام 1967، وتم احتلال الجزيرتين ضمن الأراضي العربية التي سقطت في يد إسرائيل، ثم أعيدتا إلى مصر من خلال اتفاقية كامب ديفيد، لتكونا تحت السيادة المصرية حتى الآن.
فيما قال مدير كلية الدفاع الوطني السابق، اللواء محمد الغباري، إن السعودية لم تطلب من مصر التنازل عن مسؤوليتها حول الجزيرتين حتى يروج لهذا الأمر حول بيع القاهرة لتيران وصنافير، موضحا أن الأهمية الاستراتيجية للجزيرتين ستضعف مع بناء جسر الملك سلمان بين مصر والسعودية، موضحا أن الاتصال كان عبر الجزيرتين تجاريا من قبل، أما الآن مع وجود الجسر فوقهما فلن يتم استخدامهما.
استغلال اقتصادي مشترك
وأكد أن قرار ترسيم الحدود بين البلدين قرار استراتيجي صحيح لدرء المخاطر المستقبلية، لافتا إلى أن هناك 12 ميلا لكل من مصر والسعودية في البحر الأحمر كمياه إقليمية، بعد ذلك المياه الاقتصادية تكون 75 ميلا، تباشر فيها كل دولة الاستغلال لهما اقتصاديا.
وعن وجود أحاديث عن التنازل المصري أو البيع، قال الغباري: إن نتائج زيارة الملك مؤلمة لـ”اﻹخوان”، لا سيما أن الجماعة أداة أساسية في مشروع الشرق الأوسط الجديد، وهذا التقارب المصري – السعودي ضد هذا المشروع، ولم يتوقف هذا المشروع إلا من خلال مصر والسعودية.
وأوضح الغباري أن ترسيم الحدود سيتم عن طريق التصديق من مجلس النواب المصري ومجلس الشورى السعودي، وبعد ذلك تشكل لجان لترسيم الحدود، وستكون التفاصيل معلنة للجميع.