تعصف أزمة غير مسبوقة بـ البرلمان العراقي حيث يعتصم داخله منذ الأربعاء الماضي أكثر من170 نائبا، يطالبون بإقالة الرئاسات العراقية الثلاث، ووصل غضب النواب المتظاهرين إلى التصويت على فصل رئيسه سليم الجبوري، واثنين من نوابه.
وقال النواب إنهم اتبعوا القوانين البرلمانية، لكن من المرجح عدم موافقة المحكمة الاتحادية العليا لأسباب إجرائية على قرارهم، إلا أن النواب المتمردين سيختارون غالبا رئيسا جديدا للبرلمان، تمهيدا لاستجواب رئيس الوزراء والرئيس، مع التصريح الرسمي برغبتهم بإسقاطهم.
وتساءل الكثيرون عن أسباب هذه الأزمة وسط ضبابية في المشهد السياسي في البلاد.
ونقل موقع” مدل إيست آي” البريطاني في تقرير له عن الأزمة عن بعض النواب و كبار الساسة العراقيين، أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي كان العقل المدبر للانقلاب في البرلمان العراقي الخميس الماضي.
انتقام من العبادي
وقال المحلل السياسي العراقي، عبدالواحد توامه للموقع إن الأمر يتعلق بانتقام، وأن المالكي يسعى للإضرار بالعبادي مهما كانت النتائج، مضيفا أن رئيس البرلمان لم يكن الهدف، بل كان رئيس الوزراء، ويؤكد توامه أن رئيس الوزراء السابق سيستمر في مسعاه حتى يسقط العبادي.
وقالت شخصيات سياسية مستقلة إنه سيكون على رؤساء الكتل السياسية التفاوض مع المالكي، المتحكم بأكثر من ثلثي النواب المتمردين، وقال قائد شيعي على اطلاع على مفاوضات الكتل السياسية، -رفض ذكر هويته- إن المسؤولين عن توجيه الانقلاب كانوا نوابا محسوبين على المالكي، وينفذون تعليماته، مضيفا أن المالكي هو المتحكم الوحيد بجميع خيوط اللعبة، وأنه وحده يستطيع الاستمرار بها أو وقفها.
المطلب الأكبر
وصرح أحد مساعدي المالكي أن أتباع المالكي يسعون لاستعادة هيبة الدولة، وإعادة بناء المؤسسات التنفيذية، ويمكن تحقيق هذا عن طريق جلب رئيس للوزراء يتصف بالحكمة والجرأة والقوة.
وأضاف مساعد المالكي أن حكومة العبادي أضعفت الموقف العراقي، لذلك يجب تغييرها، وهدد المساعد أن ما جرى لن يتوقف عند الجبوري.
وقال علي صبحي النائب عن دولة القانون، وابن شقيق المالكي في لقاء تلفزيوني يوم الخميس إن الشعب العراقي يريد الإصلاح، وأن النواب المتظاهرين مخولون من الشعب العراقي بإيجاد وسيلة لتحقيق ذلك الإصلاح، وعلينا ابتداء القيام باستبدال المسؤولين الكبار الثلاثة، وأضاف أن هذه المناصب ليست محدودة لهؤلاء الأشخاص، لأنهم لا يمثلون العراق.
وتابع: نحن نمثل الشعب العراقي، وليس رئيس البرلمان أو رئيس الوزراء أو حتى الرئيس.
إجراءات للتهدئة
وكان العبادي في سعي منه لتخفيف التوتر، عرض تأجيل تعديله الوزاري مشيرا إلى أن التعديل، قد يسهم بعرقلة عمل الحكومة، ويؤثر على العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش.
كما عرض الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلغاء اتفاقية تقاسم السلطة السياسية من جميع إدارات الدولة، والهيئات المستقلة، والسلك الدبلوماسي والمؤسسات العسكرية والأمنية.
إلغاء منصب المالكي
وحكم المالكي العراق في الفترة ما بين 2006 و2014. رغم فوزه بأغلب أصوات الانتخابات في 2014، إلا أنه منع من أن يترأس ولاية ثالثة من قبل خصومه السياسيين ورجال الدين الشيعة، بعد أن لامه العديد من العراقيين على الخسارة الكبيرة المتمثلة بوقوع نحو ثلث الأرض العراقية تحت سيطرة تنظيم الدولة.
واستغل العبادي رفيق المالكي من نفس الحزب الوضع للوصول للمنصب الأعلى متجاوزا المالكي، من خلال تعاونه مع خصوم الأخير من الشيعة والسنة والأكراد.
وعين المالكي نائبا للرئيس، لكن العبادي عمل ردا على المظاهرات الضخمة على إلغاء المنصب الجديد في أغسطس في جزء من حزمته الأولى من الإصلاحات، ومنذ ذلك الحين والتوترات بين المالكي وخصومه في ازدياد