للزواج رمزية خاصة تحتفل بها جميع دول العالم دون استثناء، لكل منها عاداتها وتقاليدها وخصوصيتها. وللعالم العربي عاداته الخاصة التي لم تعد تروق للجيل الحالي، الذي وجد في النمط الغربي للأعراس ضالته.
مراسم الزفاف في العالم العربي تختلف وتتنوع، بعضها معروف ومنتشر وبعضها الآخر غريب ومتميز. وفي رحلة حفلات الزفاف هذه سنعرض بعض العادات المشتركة كون المراسم تختلف داخل الدولة الواحدة باختلاف المحافظات، أو القبائل أو الأعراق.
السودان و«بخ اللبن» في ليلة الدخلة
تبدأ رحلة الزفاف الفريدة من نوعها في السودان حين تصبح الفتاة في سن الزواج، حينها يرسل الشاب المهتم بأمرها شخصاً لإبلاغ العائلة برغبته بالاقتران بها. وبعد أسبوعين من التداول يتم منحه الموافقة أو الرفض، وفي حال القبول يتم تحديد جلسة ثانية لطلب يد الفتاة من أهلها.
«فتح الخشم أو قولة خير» هي المهر وتأمين مستلزمات العروس، وهذه المرحلة عادة لا تكون ممتعة للعريس؛ إذ يتوجب عليه دفع «الشيلة» لأسرة العروس، والتي تكون عادة المال والملابس والعطور والمأكولات، التي سيتم تقديمها للضيوف خلال حفل الزفاف. وبينما يتكفل العريس بالدفع تنحصر مهمة العروس في هذه الفترة بالراحة وتجميل نفسها. يتم حبس العروس في المنزل وإخضاعها لعلاجات تجميلية شعبية، وتمنع من القيام بأي عمل منزلي، أو مجهود جسدي خلال تلك الفترة.
وقبل ثلاث ليال من اليوم المنتظر تبدأ مراسم وضع الحناء للعروس والعريس على وقع الأغاني الشعبية، وأخيراً يحل يوم الزفاف فتذبح الخراف وتقام مآدب الطعام، وعقب أذان العصر يطلق أهل العريس الأعيرة النارية، وترد عليهم عائلة العروس بالزغاريد، وترمى الحلوى والتمور في الهواء.
بعد الاحتفالات تبدأ طقوس ليلة الدخلة «بلبس العروسة»، وهي عملية تجميلية ثانية تقوم خلالها «المزينة» بعملية تنظيف كاملة للعروس، وبعد تزينها تغطى بثوب من القماش الأحمر لتبدأ بعدها مرحلة الجرتق أي وضع العطور الجافة على رأسي العروس والعريس. ومن أجل الحظ الجيد يتبادلان «بخ اللبن» على بعضهما البعض.
الإمارات.. العروسة تعزل 40 يوماً
تكون مرحلة الخطوبة في الإمارات سهلة إن قرر الشاب الارتباط بفتاة من أقاربه، وتصبح أكثر صعوبة حين يقع اختياره على أخرى من خارج العائلة. تبدأ مهمة العريس بالتقرب من أهل زوجة المستقبل في حال لم تكن من أقاربه ومحاولة إرضائهم، وقد يصل الأمر أحياناً إلى طلب وساطة للحصول على الموافقة.
المهلة المعتمدة لحفل الزفاف بعد الخطوبة عادة ما تكون الشهرين، يتم خلالهما عزل العروس عن الجميع لمدة أربعين يوماً. وهي فترة تدليل وتجميل للفتاة.
وفي يوم الزفاف يقام «المالد» من الساعة التاسعة، وحتى الحادية عشرة يتم خلاله تناول العشاء وشرب القهوة، وبعد ذلك يدخل العريس وأهله إلى غرفة العروس للمباركة فقط، ثم يخرجون من الغرفة تاركين العروس مع المرأة المكلفة بخدمتها، وتبقى الأمور على حالها حتى ساعات الفجر الأولى. وقبل موعد أذان الفجر بنصف ساعة تزف العروس إلى عريسها، وتبقى عنده لنصف ساعة فقط، ثم يفترقان مجدداً حتى الساعة الثانية عشرة حينها يذهب العريس لزيارة أهله.
جلسة تجميلة ثانية ثم تدخل العروس على زوجها ظهر يوم الجمعة؛ كون الزفاف يقام يوم الخميس. وفي المساء تجلس العروس فوق فراش خاص لتقبل التهاني التي تدوم سبعة أيام.
تونس.. الزفاف لثلاثة أيام
تتنوع العادات في تونس وتختلف باختلاف المناطق. ففي صفاقس مثلاً تقوم العروس بالقفز مرات عدة فوق السمك طمعاً بالحظ الجيد، أما في بنزرت فيتم ربط السمكة بساق العروس التي تجري بها لأمتار قليلة، وتقفز فوقها سبع مرات ثم تأكلها. ورغم اختلاف العادات وطرافة بعضها إلا أنه يمكن الحديث عن إطار عام لتقاليد الزواج في تونس.
وتعتبر الخطوبة في تونس من المراحل الهامة جداً، البداية تكون بالسؤال عن أصل ونسب وأخلاق العريس، وفور حصوله على الموافقة يتم الاجتماع الأول في منزل العروس في «ليلة التعارف»، ثم تأتي الموافقة الثانية من أقارب العروس وإمام المسجد.
وتستمر حفلات الزفاف لثلاثة أيام متتالية لكل يوم تسميته وعاداته، ففي اليوم الأول «نهار الحمام والحنة الصغيرة» تقوم خلاله العروس وصديقاتها، وأهل العريس بزيارة الحمام المغربي للاستحمام.
اليوم الثاني هو «نهار كتبان الصداق والحنة الكبيرة»، يعقد قران الثنائي في هذا نهاراً، أما ليلاً فموعدهم مع حفلة «الحنة الكبرى». والمثير للاهتمام في هذه الليلة هو ارتداء العروس لفستان ذهبي اللون تم تطريزه بالعقيق، وقد يصل وزنه إلى 30 كليوغراماً. تسير العروس بذلك الفستان الثقيل إلى منصة خاصة، وتدور حول نفسها سبع مرات ببطء شديد؛ كي يشاهد الحضور زينتها. وخلال لفاتها السبع تقوم «العشاقة» بمدح الرسول ومدح جمال العروس وحسن أخلاقها.
وفي نهاية اليوم الثاني يقوم «العراسة»، وهم مجموعة من الشبان بأخذ حنة العريس، ويشترط في هذا الطقس أن تقوم فتاة غير متزوجة بتسليمهم إياه مقابل مبلغ من المال يحدده أهل العريس، وفور استلامهم الحنة تبدأ حفلة أخرى في منزل العريس مخصصة للذكور فقط يتم خلالها وضع الحنة على نصف إصبعه الأصغر.
«نهار الزهاز والمرواح» هو اليوم الثالث والأخير، فيه تزف العروس من قبل أهلها إلى بيت زوجها في احتفالية تنتهي بعودة أهل العروس إلى منزلهم سيراً على الأقدام، وهم يحملون الشموع، ويغنون الأغاني التونسية.
سلطنة عمان.. ضرب العريس بالعصا
تتشابه مراحل الزواج في سلطنة عمان بشكل عام، البداية تكون مع إتمام الخطوبة بعد الاتفاق بين الأسرتين أو عن طريق وسيط يكلفه العريس. دور الرجال ينحصر في هذه المرحلة بالحصول على الموافقة، حينها يأتي دور النسوة اللواتي يتفقن على المهر، وهو عادة عبارة عن مال أو مستلزمات العروس أو هدايا.
وبعد الانتهاء من مراسم عقد القران تقدم للضيوف الحلوى العمانية، والقهوة المرة فقط مصحوبة برش ماء الورد على الضيوف. ويقف العريس ووالده عند مخرج المسجد لتقبل التهاني؛ وفي بعض المناطق يقوم العريس بالصلاة على طرف ثوبها.
يوم الجلو هو يوم أو أكثر لتجميل العروس، والجلو عبارة عن بودرة من مسحوق الصندل والزعفران والطحين والأرز وقشر البيض وماء الورد يتم وضعها على جسمها من قبل سبع فتيات غير متزوجات. وبعد التجميل يتم رسم نقوش الحناء على جسم العروس.
في ليلة الدخلة تنقل العروس من منزلها إلى بيتها الزوجي، وتقام الأعراس عادة في صالة للأفراح، ومن المتعارف عليه وصول أخوات العروسين قبل الجميع، ولا تبدأ الاحتفالات إلا بعد وصول جميع المدعوين. ومن التقاليد الغريبة في بعض المناطق قيام أصدقاء العريس بضربه بعصا، أو قيامه شخصياً بتمزيق ملابسه. أما العروس فتقوم باحتضان طفل ذكر أكثر من مرة خلال حفل زفافها باعتبار أن ذلك سيكون خيراً، وسترزق بمولود ذكر.
«تصبيحة» اليوم التالي للزفاف هي وليمة تقام في منزل العريس، الذي يعطر بمختلف أنواع البخور والعطور، وتستمر التهاني لثلاثة أيام متتالية، يتم خلالها تقديم القهوة التقليدية والحلوى والفواكه.