قال مستشار السجون والإصلاح في وزارة العدل التونسية رضا زغدود، إن في تونس 28 سجنا يقبع فيها أكثر 27 ألف سجين، رغم أن طاقة استيعابها الحقيقية لا تتجاوز 16 ألفا.
وأوضح زغدود في حديث لإحدى الإذاعات المحلية أن 40 % من نزلاء السجون في تونس صدرت بحقهم أحكام نهائية بالسجن وأن الـ 60 % المتبقين موقوفون على ذمة القضاء في انتظار محاكمتهم.
وأضاف أن الاكتظاظ يستنزف جهود القائمين على السجون من حراس وأطباء وممرضين وغيرهم، داعيا وزارات الصحة والشؤون الاجتماعية، إلى المساهمة والمشاركة في الجهود المبذولة من قبل وزارة العدل.
وتابع رضا زغدود : “في مكان لا يمكن أن يكون فيه أكثر من 100 شخص في أكثر من سجن بتونس، يوجد 210 أشخاص وبالتالي فإن هذا العدد يعتبر مرتفعا”, مشددا على أن القانون الجنائي التونسي الحالي لا يعطي القضاة هامش تحرك كبير لتفعيل عقوبات بديلة عن السجن، كالعمل للمصلحة العامة والغرامات المالية، أو إبقاء المتهم حرا إلى حين محاكمته، أو إصدار أحكام بالسجن مع تأجيل تنفيذها.
وقال إن القضاء التونسي أصدر في العام الماضي مذكرات إيداع بالسجن أو “التوقيف” بحق 55 ألف مواطن.
يشار إلى أن مفوضية الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان دعت السلطات التونسية لتفعيل فوري للعقوبات البديلة للسجن والمنصوص عليها بالقانون التونسي مثل عقوبة العمل للمصلحة العامة، مؤكدة وجود سجون يتناوب فيها نزيلان أو أكثر على نفس السرير، فيما يفترش الآخر الأرض.
وأضافت أن ذلك يثير العديد من الإشكاليات بين السجناء ويسهل انتشار الأمراض الجلدية مثل “الجرب” وغيره، فضلا عن أن هذه الأوضاع المريرة تعتبر انتهاكا صارخا للمعايير الدولية.
وشددت على أن نسب الاكتظاظ بالسجون التونسية كبيرة جدا وقد تصل في بعض المراكز إلى ما يفوق 150 %، وأن مجموع السجناء يفوق في أغلب الأحيان الطاقة الاستيعابية لوحدات السجون اعتمادا على عدد الأسرّة.
من جانبه أبرز نائب رئيس الجمعية التونسية لتأهيل السجناء ومتابعة أوضاع السجون، زهير مخلوف أن السجون التونسية ووفق المعايير الدولية ليست قادرة على احتواء أكثر من 10 آلاف سجين، مؤكدا أن الاكتظاظ سببه القوانين التي لم تستوعب مسألة التوجه إلى العقوبات البديلة.
وأشار إلى أن الوضع الحالي يسهم بشكل كبير في تدهور الوضع الصحي للسجناء، جراء غياب التهوية والنقص في التغذية.
وفي ذات السياق أجمع ناشطون من المجتمع المدني ورابطات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية ووزراء عدل في الحكومات التونسية المتعاقبة، بحسب تقارير صحفية, أن أوضاع الوحدات في السجون التونسية تعتبر كارثية جدا، ولا تستجيب للمعايير الدولية لا كمّا ولا كيفا.
وأوضحوا أن الاكتظاظ في السجون بلغ أكثر من 150 % ويصل أحيانا إلى 200 %.
وأشاروا إلى أن المسألة مرتبطة بنسبة الإيقافات، وهو ما جعل السجون التونسية تعيش حالات صعبة ناتجة عن الاكتظاظ، مدللين على ذلك بإحدى غرف سجن “الهوارب” في محافظة القيروان , وسط البلاد, والتي تأوي 125 سجينا، رغم أنها لا تستوعب أكثر من 50 شخصا فقط, وهو ما قد يؤدي حتما إلى انتشار الأمراض الجلدية وارتفاع نسبة العنف والجريمة، فضلا عن الجوانب القاتمة الأخرى من عالم السجون في تونس.