أثار استقبال قياديين سابقين في حزب الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، من قبل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، استغراب الناشطين في الساحة السياسية التونسية، من قيادات وأحزاب، ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
واستقبل الغنوشي كلاًّ من محمد الغرياني الأمين العام السابق للتجمع الدستوري الديمقراطي – وهو حزب الرئيس الفارّ بن علي- ووزير خارجية العهد السابق كمال مرجان، الذي يترأس حالياً حزب المبادرة.
وتساءل البعض عن هذه الزيارات التي جاءت متتابعة، خاصة وأنها كانت بعد نحو أسبوع من طرح الغنوشي لمبادرة صلح شاملة، اقتصادية وسياسية واجتماعية، مع كلّ القيادات والمسؤولين السابقين.
وأشار الموقع الرسمي لحركة النهضة، إلى أنّ الغرياني ومرجان، قدما لتهنئة الغنوشي بسلامته بعد حادث المرور الذي تعرّض له صبيحة الأحد الماضي.
وأوضح الموقع أنّ اللقاء تناول “واقع المصالحات في دول الربيع العربي ومستقبلها وخصوصية التجربة التونسية ودور الشيخ راشد الغنوشي في هذا المجال”.
وفي أول ردود الفعل السياسية على لقاء الغنوشي بالأمين العام لـــحزب “التجمع الدستوري الديمقراطي” المنحلّ، قال الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية (تحالف من أحزاب شيوعية وقومية)، حمه الهمامي: إن “الأحزاب اليمينية ليس لها برنامج ولا رؤية، وليس لها أخلاق ولا قيم سياسية”.
وأضاف الهمامي في تصريح على هامش الندوة الوطنية للجبهة الشعبية، أنّ الجبهة “لا تعارض المصالحة من حيث المبدأ، ولكن ما يجري ليس مصالحة بل صفقات سياسية وصفقات مع الفساد ومع المنظومة السياسية القديمة وصفقات فوقية”، بحسب تعبيره.
النشطاء يتفاعلون
وتباينت مواقف الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، من لقاء الغنوشي والقياديين السابقين بالحزب الحاكم سابقاً، وعلق ناشط شبابي ساخرا: “بصراحة، لا ألوم الغنوشي على استقباله لتجمّعيّ سابق، فهو يشتغل بالسياسة، ويبحث عن نتائج الصندوق، تماماً مثل الدكاكين السياسية، كلها تقريباً، لكن أيها الشعب، لا تبع القضية”.
ودوّن محمد المرزوقي بالقول: “الغرياني والتجمّعيون (نسبة إلى منخرطي حزب التجمع)، أشرف من اليسار..”.
وتساءل الناشط محمد الشرادي: “أين كان محمد الغرياني قبل التحاقه بالتجمع الدستوري.؟”، ثم أجاب: “كان معارضاً في طليعة البعث، وبعد تجربة النداء،انضم إلى حزب المبادرة،وها هو اليوم يتوسل لشيخه راشد الغنوشي،بطل السياحة السياسية، فمن يحطم هذا الرقم القياسي؟”.
وأيد ناشط آخر باسم الهادي العياري، لقاء الغنوشي وعضوي التجمع المنحل وقال: “هذا ما نريد أن نراه ونسمعه، لا للتنافر، لا للبغضاء، فتونس تسع الجميع، لكن بعض القلوب لم تتحرّر بعد”.
وأكد بشير السعيدي على أن اللقاء “خطوة في الاتجاه الصحيح..كفانا انقسامات وصراعات و تفرقة، المصالحة هي الحل.”.
بينما قال مختار مختار : “الشيخ يفهم اللعبة جيداً، والسياسة ليست علماً صحيحاً، ولا هي تطرّف وحقد وانغلاق”.
ورأى رفيق بوعزيز، أنّ ما حصل أمر إيجابي، ودوّن: “أنت تصلح منظّراً سياسياً يا شيخ، ولا بدّ لعلماء السياسة أن يأخذوا ما تقوم به قولاً وعملاً في اعتباراتهم عند وضعهم للقوانين والنظريات السياسية، فالحقد لا ولن يقدم شيئاً”.
وتقدّم المدون مصطفى العطافي بمقترح طريف، يقول فيه: “بما أننا نملك دهاة في السياسة، فلماذا لا تحلّ جميع الأحزاب نفسها، وتعيد بناء “الحزب الحر الدستوري التونسي”، الذي يضمّ جميع الحساسيات السياسية وبأجنحة متعددة”.
وكان القضاء التونسي قد قرّر في التاسع من شهر مارس/آذار 2011، وبعد شهرين من ثورة يناير بتونس، حلّ حزب “التجمع الدستوري الديمقراطي”، الحاكم سابقاً، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية بالبلاد، قراراً بحلّ هذا الحزب وتصفية جميع أملاكه.