قدم الأمير الشاب محمد بن سلمان، خلال نحو سنة، نموذجا ناجحا حظي بالجاذبية لدى شريحة الشباب في المملكة العربية السعودية، إذ جمع ولي ولي العهد بين حكمة الكبار وحماس وطموح الشباب.
وقال الكاتب جيمس دورسي في مقال بصحيفة “هوفينغتون بوست” الأمريكية إن الأمير محمد، الذي يمثل الجيل الجديد، على عكس والده الثمانيني وأعمامه، هو أكثر انسجاماً مع الشباب الذين يشكلون الأغلبية في البلاد الذين يختلفون سياسياً واجتماعياً واقتصادياً في تطلعاتهم عن آبائهم، مشيرًا إلى أن الأمير أدرك ذلك من خلال دعوة “رؤية 2030” الهادفة إلى إقامة نظام تعليمي يتماشى مع احتياجات السوق، بدلاً من الاحتياجات الدينية.
وأوضح الكاتب أن “رؤية 2030″، تسعى إلى الحد بشكل كبير من اعتماد السعودية على صادرات النفط التي تمثل حوالي 90 %، من إيرادات الحكومة، وذلك من خلال تنويع كبير في الاقتصاد.
وقال الكاتب إن “رؤية 2030” ستركز بشكل أكبر على الإصلاح الاقتصادي، الذي طال انتظاره، وكذلك ستطال الميدان السياسي عبر إجراء بعض الإصلاحات المؤجلة.
متاعب شركة “بن لادن”
كما تحدث الكاتب عن متاعب شركة بن لادن، وقال إن تراجع أسعار النفط التي أجبرت الحكومة على تأخير المدفوعات المستحقة عليها نتيجة للهبوط الحاد في الإيرادات لم تترك “لمجموعة بن لادن السعودية”، إحدى أكبر شركات المقاولات الرائدة في المملكة، أي خيارات سوى تسريح عشرات الآلاف من الموظفين.
وأثارت عملية التسريح اضطرابات عمالية نادرة الحدوث في المملكة، لاسيما بعد قيام العمال، الذين لم يتقاضوا رواتبهم لعدة أشهر، بحرق الحافلات في المدينة المقدسة، مكة المكرمة، بعد لقاء متوتر مع الإدارة.
وجاءت عمليات التسريح، عقب سقوط رافعة بناء تابعة لشركة بن لادن العام الماضي وأسفرت عن قتل 107 أشخاص، ما دفع الحكومة لحظر إخوة بن لادن من السفر إلى الخارج، بالإضافة إلى إعادة النظر في العقود الحكومية الضخمة للشركة.
وأضافت الصحيفة أن عدم قدرة الحكومة على دفع مستحقات الشركة في الوقت المحدد، كان معناه عدم قدرتها على دفع الرواتب الشهرية التي تقدر بـ 200 مليون دولار، وترك الشركة مدينة للعاملين بها بمبلغ 600 مليون دولار.
وفي محاولة من جانبها لتخفيف الألم، سمحت الحكومة مؤخرًا لمجموعة بن لادن، بتجديد مشاركتها في المناقصات الرسمية.
وكانت قدرة مجموعة بن لادن في دخول المناقصات، قد تم تقييدها بعد سقوط رافعة البناء في سبتمبر الماضي.
وأضاف الكاتب أن متاعب شركة بن لادن توفر لمحة عن المشاكل التي يمكن أن تواجهها المملكة العربية السعودية عند تطبيق “رؤية 2030″، التي طرحها الأمير محمد بن سلمان.
وتدعو الخطة إلى قيام القطاع الخاص، إلى جانب المواطنين والمؤسسات غير الربحية “بتحمل المسئولية وأخذ زمام المبادرة في مواجهة التحديات واغتنام الفرص”.
ويرى خبراء أن ترشيد الإنفاق الحكومي وجعل القطاع الخاص أقل اعتمادا على الدولة، هي خطوات ضرورية في عملية إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي، ولكن من المحتمل أن تقوض العقد الاجتماعي في المملكة الذي تنازل فيه المواطنون عن الحقوق السياسية والاجتماعية في مقابل رعاية الدولة لهم.