وسائل منع الحمل الذكرية

يعتبر عدم لحاق مستويات المعيشة بكافة أشكالها (فرص عمل وتعليم ومرافق صحية وغير ذلك) بركب السكان في ظل أطر بيئية ومجتمعية معينة من أهم مظاهر زيادة السكان.
وقد جعل انتشار هذه الظاهرة في دول ومجتمعات دون غيرها من القيم الاجتماعية المرتبطة بالإنجاب عاملا محددا لتلك الزيادة. ومن بين تلك القيم الرغبة في إنجاب الذكور والحاجة لمن يساعد في عمل الأرض والمعتقدات الدينية إلى جانب عدم استخدام وسائل تنظيم الأسرة، نتيجة الخوف أو الدراية غير الكافية.
ورغم كون حبوب منع الحمل عند المرأة من أكثر الوسائل الناظمة للأسرة انتشارا، لجهة تأجيل الحمل والمباعدة بين فتراته، فقد كان لا بد من البحث عن طرق أخرى خصوصا عندما يكون لدى المرأة ظروف تحول دون استخدامها. إذ ارتبط باستخدام حبوب منع الحمل الكثير من الآثار الجانبية من قبيل الدوخة والصداع وزيادة الوزن وعدم انتظام الدورة الشهرية وارتفاع الكولسترول واحتباس السوائل وتساقط الشعر. ناهيك عن مضار تناول موانع الحمل هذه على الأمد الطويل كأمراض المرارة والعين وصولا إلى أورام الثدي والكبد والرحم.
هنا تكتسب وسائل منع الحمل المستخدمة من قبل الذكور أهمية خاصة لدى الكثير من الأزواج، سيما في بلدان الكثافات السكانية الكبيرة كالهند والصين ودول القارة السمراء. وتقول نتائج آخر الأبحاث في هذا المجال، بما فيها المجراة في هذه الدول، بإمكانية ظهور خيارات أوفر خلال السنوات القادمة، تمنح الذكور إمكانية الإسهام في تنظيم الأسرة بشكل أكثر فاعلية مما هو متوفر. ولسبل الوقاية من الحمل المتبعة لدى الذكور أنواع معروفة جيدا فعاليته بينها: – قطع الحبل المنوي جراحيا بغرض غلق الأنبوبين الناقلين للسائل المنوي المحتوي الحيوانات المنوية. هذه العمليات سريعة وغير مصحوبة بالألم عادة وفعالة بنسبة 100 % تقريبا. إلى ذلك، قد يستغرق تفريغ الأنبوبين من الحيوانات المنوية بشكل كامل أشهرا، ليبقى احتمال الحمل قائما طيلة تلك الفترة، ما يتطلب اتخاذ تدابير وقائية إضافية. كما يمكن أن ينجم عن قطع الأنبوبين عودة اتصالهما مجددا، وقد تخلف العملية شعورا بالألم الدائم.
– استخدام الواقيات الذكرية على الوجه السليم وهي طريقة مشهود لها بفعاليتها شبه المطلقة. ويعزى عدم نجاعتها إلى سوء الاستخدام والخطأ، وهما السبب في انخفاض نجاعة هذه الطريقة في الحيلولة دون الحمل من 100% إلى 82 % فقط. ففعالية استخدام الواقي الذكري مرتبطة إذن باستخدامه على نحو صحيح.
– الامتناع عن الجماع والجماع المقطوع: ربما يكون اجتناب الجماع في فترة إباضة المرأة من سبل منع الحمل المتبعة من قبل البعض، لكن ماذا في حال عدم انتظام فترات الإباضة؟ هذا فيما يذهب آخرون إلى أن فعالية خيار الجماع المقطوع لا تقل عن 96 %، في وقت يحذر فيه خبراء من احتواء السائل الذي يسبق لحظة القذف على عدد من الكائنات المنوية كاف لإحداث الحمل.
ومن بين وسائل منع الحمل الذكرية طرائق أخرى لم تعرف على نطاق واسع. من ذلك:
– استخدام الحرارة كوسيلة لمنع الحمل. فقد وضعت طبيبة سويسرية رائدة في مجال موانع الحمل الذكرية هي مارثا فوجيللي في خمسينيات القرن الفائت نصب دراستها رجالا من الهند دأبوا على أخذ حمام ساخن حرارة مياهه نحو 47 درجة مئوية لمدة 45 دقيقة بشكل يومي، ولمدة 21 يوماً متصلة. ورغم عدم نشر نتائج دراستها هذه، فإن الفعالية المضادة للحمل بناء عليها امتدت لـ 6 شهور.
– خيارات العلاج بالأعشاب وخاصة الصينية منها والطب الشعبي. وهي متاحة في هذا الشق أيضا. لكن هذه الأعشاب ليس من السهل الحصول عليها لجهة عدم انتشارها وعدم ضمان فعاليتها.
ما هي يا ترى الخطوات القادمة ؟
يتحدث العلماء عن عمل جراحي يفضي إلى زراعة زر تحكمٍ بوضعَي التشغيل ووقفه تحت الجلد مباشرة وحول الأنبوبين الناقلين للسائل المنوي. بحيث يمكن التحكم في انسياب السائل المنوي أو عدم انسيابه عبر تثبيت زر التحكم في وضعية التشغيل أو وقفه بصورة مماثلة تماما لما يحصل لصنبور الماء. ورغم كونها دراسة واعدة دون شك، إلا أنها تبقى أكثر أساليب الوقاية خيالية، وقد يستغرق دخولها حيز التطبيق سنين إضافية.
ومن الطرق الواعدة أيضا في هذا المجال، والتي ما زالت قيد التطوير استخدام حُقَنِ بوليمير يدعى فازالجيل. فبدلا من إجراء عملية جراحية وإحداث قطع بالأنبوبين المنويين، يجري حصر الأنبوبين الناقلين للحيوانات المنوية التي يحول كبر حجمها دون تجاوز الهلام المتشكل بعد حقن مادة الـ(فازالجيل). أما عند زوال الحاجة إلى حصر الحيوانات المنوية في ناقليها، فيعطى الذكر حقنة أخرى تقوم بتفكيك وحل البوليمير الحاصر ليعاد فتح مجرى الأنبوبين.
إلى ذلك يعمل الخبراء على تطوير حبوب ذات تأثير مؤقت من شأنها خفض إنتاج السائل المنوي على نحو كبير، وهي سهلة الاستخدام، وفعالة وتعطي مفعولا مباشرا ومؤقتا. ووفقا لنتائج استطلاع أمريكي حول الموضوع، فإن نسبة من يتطلعون لاستخدام مثل هذه الحبوب فور ظهورها تفوق نسبة مستخدمي الواقيات الذكرية اليوم.
إلى ذلك، لا تعادل الوقاية من الحمل الوقاية من الأمراض المنتقلة عن طريق الجنس. حيث تبقى العفة والأطر العائلية للعلاقة بين الجنسين والسلوكيات الجنسية السليمة جنبا إلى جنب مع استخدام الواقيات من أهم الوسائل التي ثبتت فاعليتها ونجاعتها.
قد نكون على بعد أشهر أو سنين من تسمية خيارات جديدة لتنظيم الأسرة، وظهورها وقف على الإنسان وعجلة العلم التي يديرها بإصراره وطموحه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *