الغنوشي يخلع عباءة الدين ليرتدي بدلة الرئاسة

اعتبر محلّلون سياسيون أن إعادة انتخاب راشد الغنوشي، رئيساً لحركة النهضة، فجر الإثنين، تعد “تأكيداً على أهميّة الرجل واعترافاً بمكانته التاريخية”، وهي مؤشر على دعم التطورات الجديدة التي أعلنتها الحركة ولاسيما قرار التخصص في العمل السياسي، لكنهم أضافوا أن تمسك الحركة بالغنوشي كزعيم لها، يأتي كتمهيد لخوض معركة الرئاسة القادمة في تونس، وهو انطباع تكرس بعدما أدخل الغنوشي تغييرات على نهج حزبه، إذ خلع عباءة الدين استعدادا، على ما يبدو، لارتداء بدلة الرئاسة في قصر قرطاج.
ولمح المحللون إلى أن ما وصفوه بـ “الاختراق المدروس في بنية الحركة الإسلامية” عبر الفصل بين الدين والسياسة قد يتسبب في تعميق جراح حزب “نداء تونس” الذي تستند قوته، أساسا، على نهجه الليبرالي المدني، ومن المعروف أن هذا النهج بات ملعبا للنهضة كذلك، الأمر الذي قد يتيح لها سحب البساط من تحت حزب الباجي قايد السبسي الذي حرص على حضور مؤتمر الحركة.
واعتبر المؤرخ والمحلل السياسي عبداللطيف الحناشي أن إعادة انتخاب الغنوشي على رأس حركة النهضة هو “أمر عادي”، مضيفاً أنّ النهضويين يعتبرونه “الشخصية الوازنة في التنظيم، إلى جانب شرعيته النضالية”.
وأضاف الحناشي في تصريح لـ”إرم نيوز” أنّ “الغنوشي هو الماسك بزمام حركة النهضة، وبالتالي لم تكن عملية إعادة انتخابه مستبعدة”، مشيراً إلى أنّ بقاءه جاء “ليواصل الخيارات التي اتخذها المؤتمر العاشر للحركة”.
وقال الحناشي: “قد يكون بقاؤه مطلباً من حلفائه في شق حزب نداء تونس الذي يمثله الباجي قائد السبسي”.
وأكد أنّ إعادة انتخاب الغنوشي جاء كنوع من الدعم “للتطورات والقرارات التي اتخذتها حركة النهضة، والتحوّل على المستويين الهيكليّ والمضموني”، مشدّداً على أنّ هناك داخل الحركة من يساند الغنوشي حتى وإن كانت لا يساند المضامين الجديدة.
وأشار المحلل السياسي عبداللطيف الحناشي إلى أنّ بقاء الغنوشي “ليس بالضرورة تأكيداً للخيارات التي تمّ اتخاذها، ولكن تأكيداً لشرعية وتاريخية الغنوشي”.
من جانبه، أكد المحلل السياسي كمال الشارني على أنّ “الغنوشي يخلف نفسه في حركة النهضة”، مشيراً إلى أن “كاريزما” الغنوشي” لعب دوراً كبيراً في هذا التجديد.
وأضاف الشارني في تصريح خاص لـ”إرم نيوز” إلى أنّ الغنوشي “يسهر على إيجاد التوازن داخل الحركة، التي تضمّ عديد الإشكاليات والاختلافات”.
وأكد الشارني أنّ النهضويين،عموماً، يرون أنّ الحركة، في الوقت الراهن، لم توجد القيادات القادرة على تعويض الغنوشي، لأنهم ما يزالون في مرحلة بناء تتطلب وقتاً طويلاً، للانتقال إلى مؤسسة حزبية عملاقة.
وحول أهمية القرارات، والتطورات التي انبثقت عن المؤتمر العاشر لحركة النهضة، وخاصة فصل السياسي عن الدعوي، قال عبداللطيف الحناشي: “لا بد من وقت طويل حتى تتكرّس هذه التطورات، في الواقع اليومي، من خلال سلوكيات قياديي حركة النهضة، لوجود إكراهات عديدة، داخلية وخارجية”، معتبراً أنها “مبادرة طيبة من حركة النهضة، ورغبة لا تعبّر في الواقع عن قناعة فكرية عميقة”، داعياً إلى “ضرورة تعميم هذه الأفكار بشكل أفقي، أي أن تقتنع القواعد الوسطى والدنيا للحركة بهذه التطورات لوجود تيارات وأجنحة، ولكن ذلك لا يمنع من اعتبارها خطوة إيجابية جدّاً”.
وأعادت حركة النهضة التونسية، فجر  الإثنين، في نهاية فعاليات مؤتمرها العاشر، إعادة انتخاب رئيسها راشد الغنوشي، رئيساً لفترة جديدة تدوم أربع سنوات.
وأعيد انتخاب راشد الغنوشي (74 عاما) بـــ 800 صوت، أي بنسبة 76 % من جملة أصوات المؤتمرين، متقدماً على كلّ من رئيس مجلس شورى الحركة فتحي العيادي (229 صوتاً)، والقيادي محمد العكروت (22 صوتاً).
وعقدت حركة النهضة التونسية مؤتمرها العاشر في الفترة من 20 إلى 22 مايو الجاري، في مدينة الحمامات، على بعد نحو 60 كيلومتراً عن تونس العاصمة، والذي وصفه البيان الختامي بـ”التاريخي” لعمق التغييرات والتطورات والقرارات المنبثقة عنه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *