بينما تجري المفاوضات حول الملف النووي الإيراني بين طهران والقوى العظمى الست في مدينة لوزان السويسرية، عقد مؤتمر في مدينة جنيف بمقر الأمم المتحدة، أمس الخميس، حول قضية القوميات غير الفارسية والأقليات الدينية في إيران، وذلك على هامش اجتماعات الدورة 28 لمجلس حقوق الإنسان .
وحضر المؤتمر كل من المقّرر الخاص للأمم المتحدة لحالة حقوق الإنسان في إيران، الدكتور أحمد شهيد، وخبراء مستقلون من مجموعة الأقليات ومجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وكذلك المحامية الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي، إضافة إلى مشاركة عشرات المنظمات الحقوقية ونشطاء حقوق الإنسان التابعين للشعوب غير الفارسية والأقليات الدينية في إيران.
وناقش المؤتمر قضايا القوميات في إيران من العرب الأهوازيين والأتراك الآذريين والبلوش والأكراد والتركمان، إضافة إلى حقوق الأقليات الدينية كأهل السنة والمسيحيين والبهائيين وغيرهم.
وتحدث الدكتور أحمد شهيد، مقرر الأمم المتحدة لحالة حقوق الإنسان في إيران – وهو وزير خارجية المالديف السابق – عن تقريره السنوي الذي قدمه أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وقال إنه قدم “شرحا مفصلا عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد القوميات والأقليات، إضافة إلى توصيات للحكومة الإيرانية وللمجتمع الدولي من شأنها أن توقف الانتهاكات إلى حد كبير إذا تعاونت الحكومة الإيرانية معها بشكل إيجابي”.
وأكد أنه اتخذ “بعض الخطوات الجادة من أجل وقف الإعدامات ضد نشطاء القوميات” من خلال مراسلاته مع السلطات الإيرانية التي لم تتجاوب مع طلب زيارته للعام الرابع على التوالي.
الحرمان من الحقوق
أما شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، فقد قالت في كلمتها “إن القوميات في إيران مازالت محرومة من أبسط حقوقها حتى تلك التي يؤكد عليها الدستور الإيراني الحالي كحق تدريس لغة الأم”.
وأدانت عبادي الاعتقالات العشوائية التي طالت مئات الشباب العرب الأهوازيين عقب مباراة كرة القدم بين فريقي فولاذ والهلال السعودي، يوم الثلاثاء الماضي، وطالبت بإنهاء التعامل العنصري مع العرب وسائر القوميات غير الفارسية في إيران.
كما شجبت التعامل العنصري مع البائع الأهوازي يونس عساكره الذي أضرم النار بجسده أمام بلدية المحمرة احتجاجا على مصادرة عربته لبيع الفواكه، الأسبوع الماضي.
وخلال جلسات المؤتمر المتعددة، تحدث خبراء الأمم المتحدة عن ضرورة العمل المشترك بين ممثلي منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي من أجل الضغط على الحكومة الإيرانية للالتزام بتعهداتها الدولية تجاه حقوق القوميات والأقليات في إيران ووقف الاضطهاد والتمييز ضدهم.
ممثلو الشعوب غير الفارسية
كما ألقى ممثلون عن المنظمات التابعة للقوميات غير الفارسية كلمات طالبوا خلالها المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الإعدامات المتزايدة بحق نشطاء الشعوب غير الفارسية، ومنح تلك الشعوب حقوقها الأساسية المنصوص عليها في القوانين الدولية.
وفي هذا السياق، ألقى الدكتور كريم عبديان بني سعيد، رئيس منظمة حقوق الإنسان الأهوازية كلمة قال فيها إن “منطقة الأهواز عانت من الاضطهاد السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي من قبل نظامي الشاه والجمهورية الإسلامية في إيران، ويعاني السكان الأصليون من التمييز العنصري وانتهاكات حقوق الإنسان إلى درجة جعلت منهم الحكومات الإيرانية المتعاقبة مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة”.
كما تحدث تيمور الياسي، مدير جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في كردستان إيران حول ما يتعرض له الشعب الكردي من اضطهاد، وقال إن أكبر نسبة الإعدامات السياسية خلال حقبة رئاسة روحاني كانت ضد نشطاء الأكراد.
كما ألقت منيرة سليماني، الناشطة الحقوقية البلوشية كلمة قدمت خلالها إحصائيات عن صنوف الاضطهاد القومي والديني التي يتعرض لها البلوش على يد النظام الإيراني.
وقالت سليماني إن “هذا الشعب يتعرض للاضطهاد المركب، حيث لا يتمتع بحقوقه القومية ولا بحقوقه الدينية، حيث لا يحق لا بنائه الترشح للمناصب العليا كونهم من أهل السنة، وذلك لأن الدستور الإيراني على أن المذهب الشيعي هو المذهب الرسمي للدولة وبالتالي يتم
إقصاء وتهميش السنة”.
وقال شاهين خياوي، ممثل منظمة الدفاع عن الأتراك في إيران إن “الاتراك في إيران يعتبرون أكبر قومية، حيث إن أكثر من 25 مليون مواطن تركي يعيشون بإقليم آذربيجان الإيراني لكنهم يعانون من التمييز ومحرومون من التعلم بلغتهم الأم، كسائر الشعوب المضطهدة من قبل الحكومة المركزية في طهران، ولديهم العشرات من السجناء السياسيين بسبب مطالبتهم بحقوق شعبهم السياسية والثقافية والاقتصادية”.
ويعتقد مراقبون للشأن الإيراني أن طرح ملف حقوق القوميات الإيرانية في اجتماعات الأمم المتحدة بالتزامن مع المفاوضات النووية يعتبر مؤشرا على طرح ملف حقوق الإنسان في إيران ضمن المفاوضات الجارية بين طهران وقوى 5+1 .